الظاهر بيبرس وتفاصيل مؤلمة بين العبودية والسلطة

صدرت مؤخرا عن المؤسسة العربية لللدراسات والنشر “الظاهر بيبرس أول السلاطين الشراكسة في مصر” وهي رواية تاريخية جديدة للمخرج السينمائي الاردني د. محي الدين قندور، صاحب فيلم الشراكسة.

سبق لقندور أن أصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عددا من الروايات التاريخية، منها: أدهم الشركسي، المؤامرة، شروق الصحراء، ثلاثية القفقاس، الثورة، قصة البلقان، الصيد الاخير، ابناء الشتات، الاسطورة رواية تاريخية، المريدية، العراق معابر الصحراء.

يقول قندور عن روايته الاخيرة الظاهر بيبرس: “هذه هي قصة صبي شركسي صغير السن عمره اثنا عشر عاما، تم اختطافه للعبودية من ساحل شركيسيا على البحر الأسود أثناء السنوات الأولى من القرن الثالث عشر، ليباع الى مجمع المقاتلين المماليك البحرية في سورية”. ويضيف “هي مغامرة درامية تمزق نياط القلب حول مصائب ومصاعب الشركسي الفتى، أولا على سفينة العبيد ثم في معسكر التدريب العسكري في حلب”.

الرواية تتناول قصة بيبرس (1277-1223 ميلادية) القائد الذي أوقف زحف جحافل المغول الكاسحة في عين جالوت (والتي تعتبر نقطة تحول في التاريخ)، وهزم الحملة الصليبية السابعة للملك لويس، ملك فرنسا، ليصبح فيما بعد السلطان الشركسي الاول الذي وحد مصر وسورية ونشر نفوذ السلطنة المصرية (المماليك) في البحر الابيض المتوسط وما وراءه.

راوي القصة هو مؤرخ وكاتب سيرة بيبرس المخلص: محي الدين بن عبد الله الظاهر، الذي بقي معه للقسم الاكبر من حياة بيبرس وشهد العديد من اعمال سيده، ليكتب فيما بعد العمل التاريخي الشهير سيرة الملك الظاهر الذي أصبح واحدا من أعمال المراجع الرئيسة للمؤرخين.

وتحكي الرواية الأحداث التي اختبرها السلطان العظيم والتي شكلت شخصيته وحولتها ليصبح مقاتلا وحاكما عظيما، وتسلط الضوء على جوانب مهمة من حياة الظاهر بيبرس، حيث تتعمق في تفاصيل الحياة الشخصية له، والبيئة التي ولد فيها وتسميته وعمل والده الحداد.

والرواية تعج بالصور الأليمة والمفارقات الغريبة في حياة الصبي ذي الاثنتي عشرة سنة، وتحمل القارىء بتفاصيلها الصغيرة والمؤلمة عبر صفحات وصفحات من حياة الظاهر بيبرس، ويسافر القارىء معه على ظهر السفينة التي حملته كواحد من العبيد ليتم بيعه فيما بعد إلى أحد الأشخاص، إيدكين، الذي اولاه عناية خاصة لما لمس فيه من بوادر الشجاعة والذكاء والفطنة.

والكاتب دمج المكون التاريخي بالمكون الفني، فجاء التاريخ ممزوجاً بنكهة الأدب فما عاد عصيا على الفهم، حيث إن كتابة الرواية التاريخية ليست شأناً سهلاً، إذ يتوجب على الكاتب أن يتوخى الدقة والحذر في سرد الأحداث التاريخية، وفي توظيف أسماء الشخصيات وأصولها، لأن أي خطأ قادر على تقويض أي عمل تاريخي.

والنسيج اللغوي للرواية مرصع بألفاظ شركسية مشعة لها علاقة ببطل الرواية، فضلا عن كثير من الالفاظ التي تخدم أغراض الرواية، مما يوحي بواقعية اللغة التي يوظفها مؤلفها لتصوير العالم الروائي بأحداثه وشخصياته وزمانه ومكانه، ولذلك يجد القارئ أن الرواية قد مالت إلى التقريرية والمباشرة.

ومحي الدين قندور مخرج وكاتب ومنتج سينمائي عالمي، ولد في عمان العام 1938، ثم هاجر الى الولايات المتحدة وعمره ثلاثة عشر عاماً لاتمام دراسته هناك، وتخرج من قسم التاريخ في كلية ايرلهام الأميركية، ودرس الاقتصاد والعلاقات الدولية في جامعة كليرمونت في كاليفورنيا، ونال منها درجتي الماجستير والدكتوراه.

ولقندور العديد من الأفلام المنجزة، وكان آخر أفلامه الشراكسة الذي أكسبه جائزة أفضل مخرج وأفضل فيلم في احتفال موناكو، إضافة إلى فيلم السجين الذي تم تصويره في المملكة المتحدة.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى