سان فرانسيسكو –
الحديث عن حقوق الإنسان اليوم يبدو مأساويا في إطار تحويل الإنسان إلى وعاء للمأساة في العالم نتيجة النهب المستمر الذي تقوم به الدول الصناعية الكبرى، ونتيجة الحروب التي تشتعل في كثير من بلدان العالم ، وقد وصل الأمر إلى حد تحويل هذه الحقوق إلى وسيلة للسيطرة والابتزاز في السياسة العالمية.
إن كشف هذا الواقع المأسوي الذي تجري عليه سياسات بعض الدول والقوى لايعني الغاء المصطلح الذي كان نتاجا مهما للحضارة البشرية.
فمع نضوج الوعي لدى الإنسان خلال حقب تطوره المتتالية تمكن من بلورة مصلحات تصون إنسانيته من بينه احترام حقوقه بالعمل والراحة وأيضا الحصول على اعتراف بإنسانيته وبمكانته في المجتمع البشري، وخلال ذلك تجلى مفهوم الكرامة الإنسانية فأصبح مفهوما أخلاقيا يحميه القانون ويضمنه وصونه بعد أن تعرضت كرامته خلال المراحل التاريخية التي مرت على البشرية إلى الانتهاك في مرحلة العبودية بشكل واضح ومرحلة الإقطاع بشكل اخف حتى ابتدأت الأصوات تعلو وتنادي في عصر التنوير بحقوق الإنسان وطرح الأسس التي تقوم عليها معاملته.
صدر الإعلان العالمي لهذه الحقوق التي تنص المادة الاولى منه على أنه (يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق )، وهناك ارتباط وثيق بين الكرامة والقانون الذي يحميها فالكرامة هي أغلى ما يملكه الإنسان، وهي ليست فردية، فلكل إنسان كرامة كونه إنسانا بغض النظر عن العرق واللون والمذهب أو الإيديولوجية التي يحملها ..
وقد عزز الوعي والتعليم الاعتزاز بقيمة الإنسان الذاتية ومن شروط الكرامة مراعاة كرامة الآخرين، وكما يعتز المرء بكرامته عليه الاعتزاز بكرامة الوطن فعليه التضحية في سبيل الوطن وهي بالمقابل حقوق وواجبات تؤسس للدولة الحديثة.
على الوطن أيضا أن يحفظ كرامة مواطنيه بتأمين الأمن والتعليم ومحاربة الجوع والفقر وتأمين رعاية صحية بضمان جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، وعلى الرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين لم تزل انتهاكات الكرامة الإنسانية موجودة فاغلب المسؤوليات المطلوبة من الحكومات غير موفرة ولم يزل الاستغلال موجود أيضا.
ونرى في الحروب أمثلة كثيرة على انتهاك الكرامة الإنسانية بالقتل والتخريب واغتصاب النساء وبالنهاية الانتقاص من الكرامة يودي إلى الذل ، والتأكيد الآن على هذه النقطة يخفف من قهر الشعوب واستغلالها ، ويضع على الطريق الصحيح الذي يعبر إلى بوابة السعادة .