تحليلات سياسيةسلايد

العدوّ يضاعف عملياته جنوباً: تهجير غير مُعلن

حيان درويش

تتوزّع أنشطة العدو الإسرائيلي في سوريا، ما بين القصف الجوي والعمليات البرية، والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مستويات: الأول، بناء القواعد المستدامة وتوسيعها ضمن الأراضي المحتلة؛ والثاني، نسف كل المواقع العسكرية السابقة ضمن المنطقة الجنوبية؛ وأما الثالث فهو العمل على ممارسة أكبر ضغط ممكن على السكان، من خلال عمليات التفتيش والمداهمة المستمرة للنقاط نفسها ومن دون أهداف واضحة، والتضييق المستمر على تحركات الأهالي، ما قد يفضي إلى عمليات تهجير غير ملعنة بدأت فعلاً، إلى جانب محاولات مستمرة لاختراق المجتمع في جنوب البلاد من خلال تقديم المساعدات والمحروقات المجانية، بالإضافة إلى برنامج «تشغيل» السوريين في الأراضي المحتلة، والمتوقّع دخوله حيز التنفيذ خلال وقت قريب.

 

وإلى جانب تدميرها المواقع العسكرية في الجنوب، نقلت قوات الاحتلال، أخيراً، مجموعة كبيرة من المدافع من القطعات العسكرية القريبة من «شريط فضّ الاشتباك»، وفقاً لمصادر عشائرية تشير إلى نقل ما يزيد عن 20 مدفعاً من مناطق متفرقة عبر البوابة الحدودية التي أنشئت بالقرب من بلدة حضر. ويأتي هذا بالتوازي مع نقل حكومة دمشق، كل الآليات العسكرية الثقيلة من دبابات وعربات مصفّحة وعربات مضاد جوي من طراز «شيلكا»، من الجنوب، وتحديداً من أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، إلى العاصمة، لإخضاع هذه الآليات لـ«عمليات صيانة»، على حدّ قولها.

وفيما كان الإجراء الروتيني المتّبع في عهد النظام السابق لصيانة العربات الثقيلة، هو إخضاعها للصيانة ضمن القطعة التي تنتمي إليها، فيما قد يتم نقل أخرى في حالات الضرورة القصوى إلى العاصمة، يرجّح ضابط سابق من الجيش السوري أن يكون في نية دمشق من وراء هذه الخطوة «تجنّب المزيد من الخسائر في العتاد خلال عمليات القصف الإسرائيلية لتجمعات الآليات الثقيلة، على غرار ما شهدته مدينة إزرع الأسبوع الماضي من تدمير لما يزيد عن 30 دبابة وعربة مصفّحة. ويأتي ذلك في ظلّ عجز محاولات دمشق وقف العمليات الإسرائيلية عبر الوساطات الدبلوماسية التي تقودها كل من تركيا وبريطانيا.

وفي المستجدات الميدانية، تؤكّد مصادر عشائرية ومحلية من ريف القنيطرة الجنوبي، أن قوات الاحتلال تنقل، منذ الخميس الماضي، تجهيزات مسبقة الصنع إلى القاعدة التي كانت قد بنتها في منطقة «تل أحمر غربي»، الواقع بالقرب من بلدة كودنا، فيما بدأت الجمعة عملية تجريف واسعة لمحيط القاعدة، في خطوة تهدف إلى توسيعها وزيادة كتل المباني الخرسانية فيها. ويتزامن الأمر مع تواصل عمليات التجريف لمنطقة الحرج، الواقعة بالقرب من قرية جباتا الخشب، والتي أعلنتها قوات الاحتلال منطقة محظورة على السوريين منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر.

وأمس، دخلت قوة من الاحتلال، إلى قرية الرفيد في ريف القنيطرة، حيث قامت بمصادرة قطيعين من المواشي بتعداد 500 رأس من الأغنام، بذريعة أن الرعاة دخلوا ضمن منطقة السهل الغربي، التي تحظر تلك القوات دخولها من قِبل السكان. وفيما يعمل معظم أهالي «الرفيد» في تربية المواشي، فإن هذه «المضايقات» الإسرائيلية تدخل ضمن خانة زيادة الضغط المباشر على قاطني القرية، ما قد يدفعهم إلى مغادرتها نحو أماكن أكثر أمناً على أرزاقهم، علماً أن القرية نفسها كانت قد شهدت عدة اعتداءات سابقة، آخرها في الثاني عشر من الشهر الحالي عندما فتحت قوات الاحتلال النار باتجاه قطيع أغنام، مخلّفة خسائر مادية كبيرة. وينسحب الأمر على قرى حوض اليرموك في ريف درعا، حيث يمنع الاحتلال اقتراب السكان من الأراضي الزراعية والرعوية الواقعة بالقرب من الشريط الحدودي منذ ما يزيد عن الشهر.

ويأتي هذا بالتزامن مع حملة اعتقالات متفرّقة تجريها قوات الاحتلال، حصل آخرها السبت الماضي، خلال اقتحام قرية أم العظام، المجاورة لـ«سد المنطرة»، حيث اعتُقل أربعة شبان. وفي غضون ذلك، توغّلت قوات الاحتلال في قرية أم التينة، حيث أجرت عمليات تفتيش لمنازلها، رافقها استبيان قسري لعدد أفراد كل أسرة ومصادر دخلهم. وبالتزامن مع تحرك برّي لعدد من جنود الاحتلال في الأراضي الزراعية التابعة لقرية معرية في ريف درعا، أطلقت دبابات العدو المتمركزة في «ثكنة الجزيرة»، ثلاث قذائف على الطريق الواصل بين معريا وكويا، الأمر الذي تسبّب بأضرار في الطريق دون معرفة الغاية التي دفعت الاحتلال إلى استهدافه. وكان قد سبق ذلك أن قامت قوات الاحتلال، خلال ليل الجمعة – السبت، بإطلاق عدد من القذائف المضيئة في محيط معرية، بالتزامن مع عملية تفتيش جديدة لمنازل القرية ذاتها.

وليل الجمعة – السبت، استهدف الاحتلال نقاطاً تابعة للجيش السوري في بلدة نجها في ريف دمشق الجنوبي، ما أدّى إلى «إصابة عنصرين من قوات وزارة الدفاع السورية» بحسب وسائل إعلام موالية لحكومة دمشق. وبعدما نفت «إذاعة البث» الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤولين، مسؤولية إسرائيل عن تلك الهجمات، أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ ضربات وصفها بأنها استهدفت «قدرات عسكرية استراتيجية» داخل مطار التيفور ومناطق أخرى في تدمر، من دون ذكر مزيد من التفاصيل. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» من مصادر من المنطقة، أن طيران الاحتلال استهدف بكثافة مطاري «تدمر العسكري»، و مطار «T4»، ما أفضى إلى تدمير ما تبقّى من «الطيران المقاتل»، في القاعدتين، وتدمير مستودعات أسلحة، سُمع دويّ انفجاراتها حتى ساعات الفجر الأولى.

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى