علوم وتكنولوجيا

العد التنازلي لزرع جهاز في دماغ الإنسان ينطلق

تخطط شركة نيورالينك التي يمتلكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك لوضع غرسات بحجم العملة المعدنية في دماغ الإنسان في غضون ستة أشهر بهدف السماح للعقل البشري بالتحكم في الأجهزة الإلكترونية المعقدة، ومساعدة الأشخاص المصابين بالشلل باستعادة الوظيفة الحركية واستعادة الرؤية لفاقدي الإبصار وعلاج أمراض الدماغ الأخرى، في تجارب تحيطها الشكوك.

والاربعاء قال إيلون ماسك إنه من المتوقع بدء التجارب على البشر باستخدام أداة لاسلكية تطورها شركته نيورالينك المتخصصة في صنع شرائح المخ في غضون ستة أشهر، مضيفا أن أحد أوائل التطبيقات المستهدفة هو استعادة البصر.

تسعى شركة نيورالينك، ومقرها في منطقة سان فرانسيسكو وأوستن بتكساس، والتي أجرت في السنوات الأخيرة اختبارات على الحيوانات، للحصول على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية لبدء التجارب السريرية على البشر

تم التخطيط للإعلان عن الخطوة الجديدة في حدث كان مقرراً له أن ينعقد في 31 أكتوبر/تشرين التول، لكن ماسك قام بتأجيله قبل أيام فقط من انعقاده دون إبداء الأسباب. وعلى الرغم من وعود ماسك، فإن نيورالينك لديها تاريخ في التخلف عن الجدول الزمني. فقد سبق أن قال ماسك في عرض تقديمي عام 2019 إنه يهدف إلى الحصول على موافقة الجهات التنظيمية بحلول نهاية عام 2020. ثم قال في مؤتمر في أواخر عام 2021 إنه يأمل في بدء التجارب البشرية هذا العام.

وأفاد موظفون حاليون وسابقون في شركة نيورالينك بأن الشركة تأخرت مراراً عن المواعيد النهائية الداخلية للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية لبدء التجارب البشرية، مما دفع ماسك إلى أن يتحدث مع شركة منافسة هي Synchron في وقت سابق من هذا العام بشأن استثمار محتمل بعد أن أعرب عن إحباطه لموظفي نيورالينك بشأن تقدمهم البطيء.

وخلال عرض التطوّرات التي أحرزتها “نيورالينك”، قال رئيس “تيسلا” و”سبايس اكس” وعدد من الشركات الناشئة، “نودّ بالتأكيد أن نكون حذرين جداً وواثقين من أنّ هذه التقنية ستعمل بصورة جيدة، ورفعنا كل المستندات إلى إدارة الأغذية والعقاقير (الجهة المسؤولة عن القطاع الصحي في الولايات المتحدة)، ونعتقد أننا في غضون ستة أشهر سنكون قادرين على وضع أول غرسة تطوّرها الشركة في دماغ الإنسان”.

وكتب لاحقاً عبر تويتر التي اشتراها قبل شهر “أصبحنا واثقين حالياً من أنّ جهاز +نيورالينك+ جاهز للاستخدام البشري، ويعتمد موعد بدء استخدامه على إجراءات الموافقة التي تعطيها إدارة الأغذية والعقاقير”.

وليس جديداً على الملياردير أن يعلن عن توقعات تتسم بالمجازفة، فسبق له أن فعل ذلك بموضوع القيادة الذاتية لسيارات “تيسلا” الكهربائية.

وفي تموز/يوليو 2019، توقّع أن تتمكّن “نيورالينك” من إجراء أول اختباراتها على الأفراد عام 2020.

تشكيك

وحتى اليوم، زُرعت النماذج وهي بحجم مماثل لقطعة نقود، في جماجم حيوانات فقط.

وأصبح عدد كبير من القردة قادراً على “اللعب” بألعاب الفيديو أو “النقر” على الشاشات، من خلال تتبّع حركة المؤشر على الشاشة بأعينها.

وهذا النجاج ليس الا الجزء الناصع من الصورةن اذ رفعت” لجنة الأطباء الأميركية للطب المسؤول” دعوى قضائية ضد جامعة كاليفورنيا، التي دخلت في شراكة مع نيورالينك، للحصول على تفاصيل التجربة. وأظهرت السجلات العامة، التي تم الحصول عليها، وجود ما تم وصفه بـ”تجارب قذرة” على حيوانات تسببت لها في التهابات مزمنة ونوبات صرع وشلل ونزيف داخلي وتدهور في الصحة النفسية قبل أن يتم قتلها في النهاية.

وفي إحدى التجارب، قام الباحثون في نيورالينك بملء الثقوب في جماجم القرود بمادة لاصقة غير معتمدة، والتي تسربت إلى أدمغة الحيوانات. وأظهرت السجلات أن المادة اللاصقة في أحد القرود تسببت في نزيف بالمخ وقيء وشملت الآثار الجانبية الأخرى ظهور تقرحات مفتوحة في المريء.

وفي حادثة منفصلة، خضعت أنثى القرد “أنيمال”، التي تبلغ من العمر 10 سنوات، لعملية جراحية لمدة ست ساعات تم فيها حفر ثقوب في جمجمتها وزرع أقطاب كهربائية في دماغها. وتُظهر السجلات أن الغرسات أصيبت بالعدوى على الفور تقريباً و”تآكل الجلد”، وكانت القردة “تحك الغرسة اليسرى”. وحاول الباحثون تنظيف الجرح والشريحة، لكن لم يتمكنوا من إزالتها بالكامل، مما أودى بحياة “أنيمال” بعد أسبوع خلال إجراء جراحي آخر.

ولا يزال الخبراء متشككين بشأن هذه الشريحة، لا سيما بشأن ادعاءات ماسك الأكثر غرابة مثل السماح للناس بقراءة أفكار الآخرين وحفظ الذكريات وإعادة عرضها واستدعاء سياراتهم عبر الأفكار – والتي تبدو أقرب إلى الخيال العلمي منها إلى العلم الفعلي.

وفي هذا السياق، قال أندرو جاكسون، أستاذ علم الأعصاب بجامعة نيوكاسل، في تصريح لموقع “Business Insider” في عام 2020: “لا أريد أن أقول إن هذا الأمر لن يحدث، لكنني أعتقد أن علم الأعصاب أكثر هشاشة. نحن لا نفهم الكثير حول كيفية عمل هذه العمليات في الدماغ”.

من جهته، سخر أستاذ آخر، هو أندرو هايرز، في تعليق نشره موقع “Insider Musk”، قال فيه إن مزاعم الاندماج مع الذكاء الاصطناعي هي المكان الذي ينطلق فيه ماسك إلى “أرض الخيال الطموحة”.

طموحات كبيرة

إلى ذلك، تطرق ماسك ومهندسو “نيورالينك” الأربعاء إلى أحدث التطورات التي حققتها الشركة في ما يخص تطوير جرّاح آلي وغرسات أخرى تُثبَّت في النخاع الشوكي أو في العينين، بهدف استعادة القدرة على الحركة أو البصر.

الهدف من هذا الجهاز هو السماح لشخص يعاني من انعدام القدرة على الحركة، مثل من يصاب بالتصلب الجانبي الضموري ALS أو بالآثار اللاحقة للسكتة الدماغية، بالتواصل عبر أفكاره. وتقوم هذه الشريحة الدماغية بترجمة النشاط العصبي إلى بيانات يمكن تفسيرها بواسطة الكمبيوتر.

وبالإضافة إلى القدرة على معالجة الأمراض العصبية، يتمثل الهدف النهائي لإيلون ماسك في التأكّد من أنّ أنظمة الذكاء الاصطناعي لم تسبق البشر من الناحية العقلية والفكرية.

وسبق أن تطرق  ماسك إلى فكرة دمج الدماغ البشري بالذكاء الاصطناعي، فوفقاً لـBusiness Insider، قال ماسك في عام 2019 إن هذه الشريحة “تهدف إلى معالجة المخاطر الوجودية المرتبطة بالذكاء الرقمي الخارق”، مضيفاً أن الإنسان لن يكون قادراً على أن “يكون أكثر ذكاءً من الحواسيب الرقمية العملاقة، لذلك، إذا لم يتمكن من التغلب عليها، فينبغي الانضمام إليها”.

وتعمل شركات أخرى على التحكم في أجهزة الكمبيوتر عن طريق التفكير، وبينها “سينكرون” التي أعلنت في تموز/يوليو عن زرعها أول “واجهة الدماغ والكمبيوتر” (براين كمبيوتر إنترفايس) في الولايات المتحدة.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى