افتتاحية الموقع

العرب أمام لحظة الحقيقة: إسرائيل تريد الخضوع من الجميع!!

د. فؤاد شربجي

العرب، كل العرب، يقفون هذه الأيام أمام منعطف خطير سيحدد طبيعة وجودهم وماهية دورهم في المنطقة والعالم. فبعد عدوان إسرائيل وقصف الدوحة انتبه العرب إلى حقيقة أن الجنون الإسرائيلي بلغ مداه في الاندفاع الأحمق لتحقيق الهيمنة والسيطرة على العرب والمنطقة..

‏تمسك العرب طويلا بـ (خيار السلام) مع إسرائيل، بينما كانت الدولة الصهيونية تبني قدراتها بخبث ومكر ومهارة وكفاءة. ومع مراوحة العرب في سلوك طريق الدبلوماسية مع تل أبيب، وعبر دفع العرب إلى أشكال من الاقتتال الطائفي والتنازع الإيديولوجي، وإسكارهم بأوهام (الربيع العربي) الذي أرهق دولهم الأساسية وأنهك قواها بزجها في حروب أهلية. وفي تنازع على كراسي الحكم. بينما غرق العرب في كل ذلك استغلت إسرائيل (طوفان الأقصى) الذي مررته بعلمها، وربما حرضت على ارتكابه ليتاح لها فرصة تحقيق ما تريد. و بعد الطوفان مباشرة بدأت بتنفيذ مخططاتها الجاهزة بفرض ما تريد بالنار والدمار. دمرت غزة. هجرت أهلها، و تعمل لضم الضفة وتريد تهجير أهلها. دمرت الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت. وقصفت كل مكان في لبنان. ثم دمرت القدرات العسكرية السورية ولم تبق على شيء من قوة سوريا العسكرية. وقصفت المواقع النووية الإيرانية، واغتالت العلماء والقيادات في طهران. وكرسح قدرات اليمن وأغلقت موانئها. استعملت إسرائيل الهمجية العسكرية والخبث المخابراتي والمكر التكنولوجي، وأوغلت في دم العرب وهم متمسكون بـ (خيار السلام) وبالمجتمع الدولي. نتنياهو يغير وجه الشرق الأوسط ويعلن أنه متجه لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى على وقع تمسك العرب بالحل السلمي!!

‏صحيح جدا أن ما فعلته المملكة العربية السعودية لتأكيد وترسيخ “حل الدولتين”، وصحيح أيضا أن ما أنتج من اعترافات دولية بالدولة الفلسطينية. صحيح جدا أن كل ذلك يثبت الحقوق القانونية والدولية للشعب الفلسطيني بإقامة دولته الوطنية، ولكن الصحيح أكثر هو أن إسرائيل ومن ورائها أمريكا، وبنتيجة عدوانها جرت وتجر لبنان إلى اتفاق خضوع عسكري. وتدفع الادارة الانتقالية في سوريا إلى طاولة المفاوضات. تحاسب مصر على الالتزام باتفاقية السلام. وتهدد الأردن وحدوده. أي أننا مع حصولنا على اعترافات عالمية بالدولة الفلسطينية. نواجه تجمع وتوحد كل القوى السياسية الإسرائيلية وراء ‫نتنياهو في رفض هذه الدولة، واعتبارها مكافأة لحماس وللإرهاب. وصار واضحا أن المجتمع السياسي الإسرائيلي بأغلبيته الساحقة يؤيد رئيس حكومته بما يقوم به من إجبار للعرب على الاتفاق معه لتحقيق المصالح الإسرائيلية الصهيونية. وها هي أمريكا تجر الجميع، لبنان سوريا الأردن مصر وبعض دول الخليج إلى طاولة مفاوضات مع إسرائيل بشكل من الاشكال. ومع أن العرب في حالة ضعف لا يجوز إنكارها، إلا أن لديهم روافع قوة تسمح لهم باستعادة حقوقهم وكرامتهم ودورهم. ولا يجوز لأي عربي أن يوقع او يوافق على اتفاق يمنع استعادة القوة العربية. صحيح هناك ضرورة لتخفيض التوتر، وصحيح أنه لابد من خفض التصعيد، ولكن الضرورة الأكبر أن يبقى طريق استعادة القوة العربية مفتوحا ومتاحا وغير مقيد. والضروري أكثر أن يكون الاستقرار ضامنا حقيقيا للارتقاء الشامل وليس الاقتصادي المزيف فقط. التاريخ لن يسامح من يلتزم أمام إسرائيل وأمريكا بعدم استعادة القوة العربية لأنها حق طبيعي لكل شعب، ولأنها تضمن لهم الحماية والأمان والاستقرار بشكل أعمق وأكثر رسوخا. القوة العربية ممكنة، وعواملها موجودة، فهل نجد طريق استعادتها في وجه هذه الهمجية الصهيونية الشرسة والخبيثة والقادرة؟؟!!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى