
في قمة الدوحة، هل أعاد العرب النظر في تعريفهم لـ (لخطر الصهيوني)؟؟ وهل بدأوا البحث عما يحميهم من هذا الخطر المتمادي في عدوانيته وخبثه وغدره؟؟؟
إسرائيل ومنذ طوفان الأقصى أعلنت بشكل سياسي وإعلامي، والأخطر بشكل عسكري مخابراتي عملي، أعلنت نهجها الجديد واستراتيجيتها المتولدة، التي سماها أحد قادة الاستخبارات الإسرائيلية السابقين (الدفاع الهجومي). كانت قبل ذلك تعلن أنها تتبع (استراتيجية الدفاع بالردع). أي أنها تردع كل من يقوم بإيذائها. أما في (الدفاع الهجومي) الجديد فإنها ستقوم بالهجوم على أي (احتمال) يهددها، او يؤدي إلى تهديدها. وهذا يعني أن لها حرية تقدير مدى خطورة (الاحتمال) الذي تراه يهددها. ولها أن تقوم بالدفاع عن نفسها بالهجوم عليه وهو مجرد احتمال. وبذلك يصبح معنا (الدفاع الهجومي) الحقيقي هو (أمن إسرائيل يتحقق بالهجوم وبالهجوم وبالهجوم). وإذا كانت هذه الاستراتيجية ترى في الاحتمال، أي احتمال، خطرا عليها تدميره، فكل العرب ومدنهم وقراهم معرضة لمثل هذا الهجوم. وإذا كان الاحتمال يعامل بهذه العدوانية، فكيف إذا توفرت الذريعة حتى المصنعة أو المفبركة كتواجد مقاومين أو مطالبين بالدولة الفلسطينية، أو نشطاء تراهم إسرائيل خطيرين، في أي مدينة عربية. مما يجعلها عرضة لعدوان وغدر إسرائيل. هذه الدوحة، مجرد وسيط في مفاوضات لإطلاق الرهائن الإسرائيليين وإيقاف الحرب. ولا تشكل أي خطر على إسرائيل. رغم ذلك تم استهدافها العدوان على سيادتها وأمنها. إذن إسرائيل تتبنى استراتيجية (الدفاع الهجومي) وتعتمد الهجوم والهجوم والهجوم. وعلينا ألا ننسى أن هذه الاستراتيجية الإسرائيلية المعتمدة والمطبقة. ليست عسكرية أو استخباراتية فقط بل هي تطبق في السياسة وفي العلاقات السياسية مع العرب. وفي أي مفاوضات يجب أن تكون أي الاتفاقات الناتجة عنها مستندة ومضمونة بها ومطابقة لها. فهل بحث العرب هذه الحقائق في الدوحة؟؟ وهل وصلوا إلى تعريف حقيقي للخطر الصهيوني الجديد الذي أوضحه نتنياهو في الخريطة التي رفعها بالأمم المتحدة لـ (إسرائيل الكبرى). والتي تضم إضافة إلى المشرق العربي، دولا من الخليج وجزءا كبيرا من مصر؟؟؟
الواضح منذ الاعتداء على الدوحة، وخاصة من مجريات وتبعيات مؤتمر القمة في الدوحة، الواضح أن العرب، كل الدول العربية، قد استشعرت المرحلة الجديدة من الخطر الصهيوني على المنطقة عامة، وعلى كل بلد عربي على حدة. وتأكدت الدول العربية أن (المسالمة السياسية) المتبعة من قبل بعض الدول مع إسرائيل لا تحميها من غدر العدوان الصهيوني. وبذلك كان واضحا في الخطب والبيانات والتحركات والمواقف السياسية مدى إحساس العرب والمسلمين بدنو الخطر الصهيوني منهم. وبدا القادة يستشعرون أن أطراف ثوب دولهم ربما تشتعل بالنار الصهيونية في أي لحظة. هل وضع العرب في قمة الدوحة (الخطر الصهيوني) ضمن حقيقته الراهنة القائمة على الهجوم والهجوم والهجوم دون أي رادع أو اعتبار؟؟؟
المعلن من القمة ومن العرب ومن القادة أنهم استشعروا الخطر الصهيوني المحدق بهم. وهذا جيد. لكنهم ما زالوا يعتمدون (الدفاع بالدفاع) في وجه استراتيجية باتت تعتمد على (الهجوم بالهجوم) وهذه هي المفارقة التي تصب في صالح العدوان، والتي للأسف تعمق من تهديد الخطر الصهيوني على حاضر العرب ومستقبلهم. ورغم أن اتفاق الدفاع المشترك السعودي الباكستاني الذي ابرم عقد قمة الدوحة ييول العرب ويصلب من القوة السعودية الدفاعية إلا أن المطلوب أوسع وأعمق وأشمل وأكثر مبادرة.
بعيدا عن الإنكار واستشعارا بفداحة الخطر الصهيوني علينا أن نعترف أن إسرائيل استطاعت عبر ربع القرن الماضي استكمال بناء قواها العلمية والتكنولوجية والعسكرية والاستخباراتية والمعرفية والفكرية والسياسية . . .إلخ حتى باتت بهذه القوة الخطيرة. بينما الدول العربية أمضت السنوات والعقود الماضية، وهي تقمع شعوبها وتعيق تطورهم وتمنع إبداعهم وتنقعهم في اليأس واللايقين، وتفتح لهم أبواب التعصب وربما التطرف والإرهاب. لذلك فإن دولنا وقاد تنا مطالبون اليوم مع استشعارهم للخطر الصهيوني الإحساس الحقيقي بروافع القوة لأوطانهم، والمتمثلة بطاقات الشعوب ووحدتها الوطنية المحتاجة للحرية والطمأنينة والاستقرار والتحفيز على الإبداع والارتقاء.
أليس عارا علينا أن تكون إسرائيل متصدرة العالم في (البحث والتطوير) في مجال التكنولوجيا، حسب آخر التقارير، ونحن لا ذكر لنا في هذا المجال؟؟؟ أليس هذا (البحث والتطوير) الإسرائيلي هو ما أعطاها روح وجوهر قوتها الخبيثة القادرة والغادرة. إسرائيل الأولى في البحث والتطوير، وأمريكا الثالثة بعد كوريا الجنوبية الثانية. هل نفهم معنى القوة؟؟ وهل نستوعب خبث ومكر وخطورة (استراتيجية الدفاع الهجومي) الإسرائيلية في العدوان العسكري أو السياسي أو الدبلوماسي أو في الاتفاقات؟؟؟ أم هل سنبقى على حالنا نختلف حول الطوائف ومن منها الناجية ومن منها المارقة؟؟
بوابة الشرق الأوسط الجديدة