العرب و سورية : إستراتيجية (بن زايد) أم تصريحات( المعلمي )؟؟!
يدخل العرب العام 2022 مع تراجع قوتهم الإقليمية وازديد التهديدات تجاه إستقرارهم وأمنهم وسيادة دولهم وهويتهم العربية ، خاصة وأن القوى الإقليمية غير العربية ( تركيا – إيران – إسرائيل ) تزداد قوة و تمدداً و نفوذاً في المنطقة العربية وعلى حساب العرب ودولهم . و لأن سورية بطبيعة مجتمعها ودولتها، وبموقعها وتاريخها ودورها المتجذر في العروبة والقضايا العربية، و لأن سورية كذلك، فإن التعاطي العربي معها، وحولها، وتجاهها يشكل قوة تظهير لإمكانية العرب في مواجهة المخاطر الإقليمية التي تهددها .
شكلت السياسة الإماراتية تجاه سورية، في العام 2021 ، توجهاً خليجياً كانت زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى دمشق ومباحثاته مع الأسد مركز تفعيل لاستعادة التفاعل الخليجي مع سورية لتكون في موقعها الطبيعي الفاعل ضمن الحضن العربي وما قاله الأسد عن ( حكمة وصوابية السياسة الإماراتية ) وما أوضحه الوزيربن زايد عن ( قدرة الشعب السوري و قيادته على تجاوز نتائج الحرب) ، عبر عن إتفاق سوري خليجي على تجاوز صفحة الحرب في سورية وما فيها من خلافات ومواجهات، وكان واضحاً أن إستراتيجية الإمارات التي عبر عنها بن زايد في زيارته ومباحثاته مع الأسد تشكل طاقة خليجية وعربية تشحن من جديد التعاون مع سورية في تصليب وتقوية المصالح العربية في الإقليم والمنطقة .
وكان مفاجئاً للجميع ما جاء في كلمة للسفير السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي تجاه سورية ورئيسها . ولأن هذه الكلمة ذهبت إلى أقصى حد من الكلام العدائي والمثير للفرقة و المستفز لسورية وحكومتها، خاصة و أنه كلام صادر عن رجل الدبلوماسية السعودية ، ومع أن هذا الكلام كان مفاجئاً إلا أنه أثار التساؤلات عن أسبابه : البعض يرى أن ماكرون في زيارته الأخيرة للسعودية أبلغ المسؤولين هناك أموراً (مفبركة) عن سورية وتعاونها مع إيران تجاه الخليج والسعودية جعلت البعض في القيادة يستفز و يدفع السفير المعلمي لرفع الصوت . و هناك من يرى أن الوفد السعودي، المفاوض لإيران في بغداد، استشف من مواقف الوفد الإيراني تجاه وجوده في سورية ما أستفزه . فهل تأكدت المملكة من حقيقة ما نقله ماكرون ؟؟ و هل تيقنت أن إستنتاجاتها تجاه التفاوض مع إيران حقيقية تجاه وضعها في سورية ؟؟
الواضح لأي متابع أن إبعاد الخليج العربي عن سورية وعن التعاون مع السوريين هو مصلحة لأعداء العرب وللطامعين بالمنطقة العربية . و يتمني السوريون أن تتأكد المملكة من ظنونها بالحوار مع الحكومة السورية لتعرف الموقف من أصحابه وأهله مباشرة، وما يريح أن تصريحات المعلمي اقتصرت عليه ولم يكررها أو يدعمها أي مسؤول سعودي كبير مثل وزير الخارجية أو ولي العهد . . أو . . أو . حتى الإعلام السعودي تعامل معها بأضيق الحدود . و ما يريح أيضاً أن سورية لم تتجاوب مع الكلام الناري من المعلمي ولم ترد بنفس اللهجة أو المستوى واكتفت ببعض التوضيحات . كما أن الإعلام السوري لم يرد و لم يهاجم تصريحات المعلمي بل أعتبرها غير موجودة .
مصلحة العرب ومصلحة الدول العربية أن تكون سورية في موقعها العربي الأصيل . ومصلحة العرب أن تعود سورية إلى حياتها الطبيعية وإلى دورها العربي الفاعل . لذلك فإن من مصلحة العرب إعتماد إستراتيجية تنعش الاقتصاد السوري وتشحن النهوض السوري .. و شكلت إستراتيجية بن زايد إنطلاقتها … و لا شك أن تصريحات المعلمي أربكتها .. فهل يعود العرب إلى تجاوز هذه التصريحات . و إستكمال ما بدأه بن زايد لملاقاة العراق والحزائر ومصر والأردن في تسهيل عودة سورية لوضعها الطبيعي ( قلب العروية النابض ) والفاعل؟؟؟!!!