العودة إلى سيئة السمعة… حافة الهاوية

“كل قوانين الذئاب مكتوبة بدم الخراف”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان يقال عن حالات التوتر الشديد، في منطقة ما من العالم “إننا على حافة الهاوية”. ثم أصبحت هذه الجملة فكرة مستعمله في منظومة الأفكار الإستراتيجية بتسمية” “سياسة حافة الهاوية” ، وهي أن توصل خصمك، عبر إجراءات غالباً عسكرية، إلى الاعتقاد بأن الحرب ضرورة، وأن ساعة صفرها اقتربت، وأن النتائج كارثية.

أعتقد أن ترامب اراد احياء احدى مفردات هذه المنظومة الإستراتيجية.

بعض هذه المفردات قديم، ولم يعد أحد يستعمله، خصوصاً بعد البيات الطويل الذي دخلته الحرب الباردة. ومن هذه الفئة القديمة:

“سياسة حافة الهاوية”. وقد بدأت تجربتها، بالضربة الصاروخية لمطار “الشعيرات” السوري وسط البلاد.

مؤشرات حافة الهاوية:

1 ـ قرار الضرب في سوريه، دون التأكد من الدواعي الكافية والأسباب الوافية. وهنا، حصرياً، يتعلق الأمر باتهام سورية بتنفيذ ضربة كيماوية على هدف أصاب مدنيين.

2 ـ قرار الضرب بطريقة استخدام الحرب النفسية ،ذات البعد الأخلاقي ،ضرب المطار الذي أقلعت منه الطائرة حاملة قنبلة “خان شيخون”. وكأن كاميرا المراقبة موصولة، طوال الوقت بالمكان المتاح منه التقاط أدق التفاصيل.

3 ـ الهجوم في البيئة الإستراتيجية للروس. الموجودين في المطار، وفي أطراف تدمر، وقريبين 80 كيلومتراً من حمص(قاعدة طرطوس). ويفترض أن الروس سيعتبرون ذلك تحدياً، ليس لأسلحتهم، بل لأسباب وجودهم في سورية.

4 ـ الوعد باستمرار الضربات، ولا سيما عند تكرار استخدام الأسلحة الكيميائية، أو أي أسلحة ترى أمريكا أنها خط أحمر. الأمر الذي يجعل الحضور الأمريكي، هو تحد دائم للوجود الروسي.

5 ـ سوف ينشأ، وفي أقرب وقت، نوع من سباق تسلح على الأرض السورية. الروس وعدوا بتحديث الدفاع الجوي السوري، وأمريكا وعدت بتسليح المعارضة بصواريخ كتف ضد الطيران. وسباق التسلح يقود إلى تفعيل منظومات السلاح بتجربة الواقع. ويصبح السؤال: ماذا لو أسقط الدفاع الجوي السوري عدداً من طائرات أمريكية، أو اعترضت، بالصواريخ، صواريخ أمريكية فأربكت وصولها إلى أهدافها؟

6 ـ دخلت المنطقة كلها في خرائط غرف العمليات وقد حملت عليها الاهداف. وأصبح بوسع أمريكا الإدعاء بضرورات التدخل، هنا وهناك، بمبرر أو بدونه.. سوى الذرائع التي تؤدي إلى فتح سوق السلاح، وإلى تدشين الصفقات… إن “المزاج البزنسي” لترامب مقترناً مع نرجسية إمبراطورية، ذات نمط أمريكي، قد يرفع حرارة الأزمة، أي أزمة، إلى درجة الذهاب، أو الإيهام بالذهاب إلى حافة الهاوية.

اليوم…

سورية هي جغرافيا الاختبارات… لنوع جديد من “حافة الهاوية”. ويجب على العملاقين أن يصغّرا الخرائط، وأماكن الاشتباك، وأن يزيلا فوراً هذه العائلة الشريرة من الاحتمالات.

اليوم…

سورية لديها أسباب أخرى، جديدة للانقسامات العمودية: مع الضربة وضدها. والفريقان يلونان الخنادق بأنواع فظيعة من البذاءة الأدنى من مستوى “حرب المقلاع”. كما أنهما يستخدمان كلمتي “العمالة والوطنية” بنفس الطريقة التي سادت خلال السنوات الماضية…استسهال التهمة، واستباحة لغة الحوار.

هذا يعني…دعم الانقسامات، وشحذها، عندما تستأنف أيام التفاوض الخلّبية. ثمة انقسام آخر أسوأ: هناك من يقول: “معاداة أمريكا هي يسارية الحمقى”.وبالمقابل ثمة ،في الطرف الآخرمن يقول:”صداقة اسرائيل ولا رفقة الروس”.

حافة الهاوية…لعبة حرب كونية إذا لعبها مبتدئون أشرار أقوياء ولا يعرفون أن الهاوية سلمها الوحيد…زلة قدم !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى