الـ”سلام” لم يُسعِف نتنياهو! استطلاع يؤكِّد تراجع قوّته بعد “مهرجان واشنطن” ومُستشرِقٌ إسرائيليٌّ: مبادرة السلام العربيّة ماتت ومراسيم التوقيع على الاتفاقيتيْن هي جنازتها
أكّد استطلاع للرأي العام، قامت ببثه القناة الـ13 في التلفزيون الإسرائيليّ الليلة الماضية في نشرتها المركزيّة، أكّد تراجع قوّة حزب (ليكود) الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مع الإشارة إلى أنّه تمّ إجراؤه بعد التوقيع على اتفاقيتيْ السلام مع دولة الإمارات العربيّة المُتحدّة ومملكة البحرين، يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع في واشنطن، وجاء في نتائج الاستطلاع أنّه لو جرت الانتخابات العامّة اليوم سيحصل (ليكود) على 30 مقعدًا فقط، في حين سيحصل حزب (يمينا)، الأكثر تطرّفًا، على 22 مقعدًا. بالإضافة إلى ذلك أكّد 58 بالمائة من المُشاركين في الاستطلاع عدم رضاهم من مُعالجة نتنياهو لتفشّي وباء الـ”كورنا”.
والاستطلاع يؤكّد قضيةً أخرى، وهي الانقسام داخل المجتمع اليهوديّ-الصهيونيّ، وتبادل الاتهامات بين مؤيّدي نتنياهو ومُعارضيه، الذين أعلنوا أنّه على الرغم من الإغلاق، الذي سيبدأ غدًا في إسرائيل، فإنّهم سيصلون إلى بيت نتنياهو في شارع (بلفور) بالقدس الغربيّة لمُواصلة المظاهرات المطالبة برحيله عن سُدّة الحكم.
وفي السياق، أوجز المُستشرق الإسرائيليّ، إيهود يعاري، محرر الشؤون العربيّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، قائلاً إنّ مراسيم التوقيع على الصفقة الرباعيّة الإماراتيّة- الإسرائيليّة-البحرينيّة- الأمريكيّة في واشنطن، الثلاثاء: اليوم ماتت مبادرة السلام العربيّة، وهذه المراسيم هي جنازتها، على حدّ تعبير يعاري، المعروف بصلاته الوطيدة جدًا مع المؤسسة الأمنيّة في الدولة العبريّة.
يُشار إلى أنّ مبادرة السلام العربيّة، التي أقرّها مؤتمر القمة العربيّة في بيروت عام 2002، تمّ رفضها من قبل إسرائيل، ومنذ ذلك الوقت ما زالت موضوعةً على الرّف، وقال نتنياهو إنّه في المبادرة العربيّة أمورًا سلبيّةً أكل عليها الزمان وشرب مثل المطالبة مثلًا بأنْ تُعيد إسرائيل الجولان أوْ قضية اللاجئين، لكن الفكرة العامّة جيّدة، طبقًا لأقواله، ومن ناحيته أكّد وزير الأمن الأسبق، أفيغدور ليبرمان، أنّ مبادرة السلام العربيّة تُشكِّل خطرًا على إسرائيل، وسيما بسبب البند الذي يدعو إلى حلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، لدرجةٍ أنّه أسماها وصفةً لتدمير إسرائيل، بحسب تعبيره.
أمّا أوري سافير، الذي كان في السابق سكرتير وزارة الخارجية وأحد صنّاع اتفاق أوسلو، فقال لصحيفة (معاريف) العبريّة إنّها مبادرة جديّة، وإسرائيل عليها أنْ تجري مفاوضات على أساس هذه المبادرة، حيث ستنضّم كل من السعودية ومصر والفلسطينيين إلى المحادثات، وإنْ كان يبدو لي أنّ إسرائيل لن تذهب في نهاية المطاف إلى هذه المبادرة، لافِتًا إلى أنّه على الأكثر سيكون هناك لقاء بين نتنياهو والرئيس المصري السيسي، وفي نهاية الأمر فنتنياهو يريد أنْ يجري مفاوضات حول تغيير المبادرة، بينما يريد العرب مفاوضات حول المبادرة نفسها، بحسب تعبيره.
وعودٌ على بدء: المُحلّل المحسوب على ما يُسّمى الـ”يسار الصهيونيّ”، ميخائيل بريزون، أكّد في صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ الاحتفال الذي جرى في واشنطن لا يتعدّى كونه دعايةً انتخابيّة مُزدوجةً لاثنين يُعانيان من مرض جنون العظمة، نتنياهو والرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، واللذين لا كوابح لهما، مُضيفًا أنّهما اخترعا “حدثًا تاريخيًا”، بهدف إرضاء مؤيديهما، لافتًا إلى أنّ ذلك لم يكُن صعبًا: فقد قاما بتجنيد إمارتيْن خليجيتيْن استبداديتيْن وظلاميتيْن وتدوسان على كلّ ما يتعلّق بحقوق الإنسان، لتحقيق الهدف، علمًا، كما أكّد، أنّ الإمارات والبحرين اقتنعتا بالمُشاركة في الحفل الـ”تاريخيّ”، بفضل دُكّان بيع الأسلحة الأمريكيّ وأموالهما الكثيرة، وقامتا بكشف علاقاتهما الخفيّة مع دولةٍ ظلاميّةٍ ثالثةٍ، أيْ إسرائيل، طبقًا لأقواله.
في سياقٍ متصّل، قال د. دوري غولد، المدير العام الأسبق لوزارة خارجيّة الاحتلال، وأحد المقرّبين جدًا لنتنياهو إنّ “اتفاق أبراهام” بين إسرائيل والإمارات والبحرين يُعتبر نقطة تحوّل في الشرق الأوسط، حيثُ أصبحت الإمارات قوّةً مهمةً ليس فقط في الخليج العربيّ، بل أيضًا في القرن الإفريقيّ، وتقع إسرائيل في نفس المنطقة الجغرافيّة، ممّا يخلق العديد من مجالات التعاون، ويمكن للدولتين، إسرائيل والإمارات، الاستفادة من تحالفهما مع الولايات المتحدة من أجل صياغة ردودهما على التهديد الإيرانيّ، على حدّ قوله.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية