الفنان حين يُصبح جزءاً من ذاكرة الفرح
«بالإذن بالإنف بالحُنجرة»… «مع احترامك إلي»… «سمعوا لهالشوفة شوفوا لهالسمعة»… هذه وسواها العديد من جُمل ولازمات بُثت وانتشرت عبر أعمال درامية وكوميدية تحديداً تكاد تتحول إلى جُمل ولازمات أصيلة وثابتة في محكيات الناس ويومياتهم في بلاد الشام وعموم العالم العربي.
الأمثلة والعينات المذكورة أعلاه، منقولة من على ألسنة مجموعة شخصيات أداها الفنان السوري باسم ياخور في عدد من مُسلسلاته من شخصية «جودي» في «ضيعة ضايعة» إلى القبطان الكابتن «طنوس» في «الواق واق»… وبلا ريب، فإن هذه الظاهرة لا تقتصر على تداول لازمات وكلمات الفنان المذكور فقط، بل ان ثمة العديد من الفنانين ممن استطاعوا كما ياخور إدخال مصطلحات وتوصيفات وكلمات خاصة بهم في صُلب محكيات الناس ويومياتهم وجعلها تغدو مألوفة ودارجة وسطهم ومُتداولة بكثافة.
والحال أن مُسلسل «ضيعة ضايعة» الشهير سجّل أعلى نسبة مُصطلحات وكلمات تداولها الناس وتناقلوها في ما بينهم نقلاً عن أبطاله وممثليه مثثل عبارة: «يا هُمالالي» للفنان السوري وأحد أبطال العمل جمال العلي، حتى لا نقتصر في عرض النماذج والأمثلة فقط على باسم ياخور، تاركة فيهم أثراً عميقاً يوردونها عند كل موقف مُضحك ومُفرح بمعنى أنها باتت بمثابة أدوات تعبيرية عن البهجة والغبطة والتفاؤل وحُب الحياة.
وهنا، يتضح لنا المبلغ السامي الذي بلغته أعمال من طينة «ضيعة ضايعة» وبلغه نجوم مثل باسم ياخور في حفر مكانة لائقة في ذاكرة فرح الناس وسرورهم، وتحولهم تالياً رديفاً للحظات البسمة والسعادة لدرجة أن مُجرد تذكُر مقاطع تمثيلية بعينها أو قفشات وتعبيرات مُحددة لهذا الفنان أو ذاك كفيل بإشاعة أجواء التفاؤل والإنشراح الإيجابية.
هذه الظاهرة والحال هذه، تُعبر عن مدى تأثر المُشاهدين بنجومهم بشكل تغدو معه لازماتهم ومُفرداتهم وحتى طرق تعبيرهم وحكيهم وصولاً إلى لغة أجسادهم، كلها موضع تقدير وتقليد وتقمص إيغالاً من المُتلقين في إبداء إعجابهم وحبهم لأولئك الفنانين ولإبداعاتهم.
صحيفة الحياة اللندنية