القاهرة «تجهد» للسيطرة على وضع الدولار
يواصل البنك المركزي المصري محاولات إنقاذ الجنيه بعد الانخفاض الحاد الذي شهده خلال الأيام الماضية في مواجهة الدولار الأميركي، وخاصة أن سعر صرف الدولار وصل إلى عشرة جنيهات في السوق، أي بفارق يتجاوز السعر الرسمي في البنوك بأكثر من 30%، وذلك بعد مضاربات استمرت لأكثر من أسبوع وقفزت بالسعر غير الرسمي بنحو غير متوقع.
وبعد يوم واحد من قرار «المركزي» رفع تقييد حركة السحب والإيداع للأفراد، التي كانت قد فرضت قبل نحو عام من أجل الحد من سحب العملة الأجنبية، رفع البنك قبل يومين إجراء التقييد الذي فرضه على الشركات أيضاً، في خطوة وصفها بأنها «تعزز انسياب حركة التجارة الخارجية، وتيسير المعاملات المصرفية للشخصيات الاعتبارية، التي تتعامل في مجال السلع والمنتجات الأساسية».
بعد ذلك، انخفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية بنحو 15 قرشاً في أول رد فعل على قرارات «المركزي» وسط جمود في عمليات البيع والشراء انتظاراً للقرارات التي يتوقع أن يصدرها البنك خلال الأيام القليلة المقبلة، مع تأكيدات محافظ «المركزي»، طارق عامر، رفض الاتجاه إلى تعويم الجنيه إلا مع وصول الاحتياطي النقدي إلى 25 مليار دولار، وهو الرقم الذي أعلن أنه يتوقع أن يصل إليه البنك نهاية العام الجاري، علما بأنه يبلغ الآن 16.5 مليار دولار بعدما سجل 36.5 مليار دولار قبل «ثورة 25 يناير». وضخ البنك عطاء دولاريا استثنائيا خلال الأسبوع الجاري بنصف مليار دولار، ليؤكد قدرته على إتاحة العملة الأميركية بالسعر الرسمي، ولكن العطاء الذي حصلت عليه البنوك لم يف بأغراض الشركات والمصانع، وخاصة شركات السيارات ومصانع الحديد والصلب التي رفعت أسعارها للعملاء بنسب متفاوتة لاضطرارها إلى شراء الدولار من السوق السوداء في ظل فقدانه في بالبنوك.
ويحاول «المركزي» ضخ المزيد من الدولار مع الحد من الاستيراد، فقد أعلن توقعه خفض فاتورة الاستيراد بأكثر من 80% بعد وقف استيراد عدد من السلع التي تتوافر لها بدائل محلية وزيادة الضرائب عليها، فضلاً عن اتخاذ إجراءات بتقليل الأموال التي تصرف في الخارج عبر كروت «الفيزا»، وفرض المزيد من الرسوم عليها ليكون سعر الصرف معادلاً لسعره في السوق السوداء مع وضع حد أقصى ألفي دولار لعملاء البنوك، وذلك قبل سفرهم إلى الخارج، ليمكن لهم الحصول عليها بالسعر الرسمي.
وكان طارق عامر قد عقد لقاء مع ممثلي شركات الصرافة استمر عدة ساعات جرى خلاله الاتفاق على وقف الملاحقات التي يجريها البنك لشركات الصرافة مقابل وضع حد أقصى لسعر الدولار في السوق السوداء عند 9.25 جنيهات كحد أقصى للبيع، وذلك للحد من المضاربات التي أدت إلى تجاوزه عشرة جنيهات، وهو سعر أكد عامر أنه غير عادل للدولار مقابل الجنيه، فيما اتفق معهم على لقاء آخر موسع في الأسابيع المقبلة.
وباتجاه جذب المزيد من الإيداعات الدولارية في البنوك الحكومية، اتخذت البنوك الرئيسية «الأهلي»، و«مصر»، و«القاهرة» قراراً بزيادة العائد على الشهادات المطروحة بالدولار داخل مصر بنسب تقترب من ضعف العائدات الحالية، فيما صدر القرار بعد أيام قليلة من استقبال ودائع المصريين المقيمين في الخارج وتقديم فائدة تنافسية وصلت إلى 5.5% وصرف عائدها دورياً بعنوان «شهادات بلادي»، التي تستهدف جذب تحويلات الدولار للمصريين العاملين في الخارج، مع التزام الحكومة توفير المبالغ المودعة في «شهادات بلادي» بعد انتهاء مدة الشهادات بالدولار، علماً بأن «المركزي» يقول إنه يتجه إلى طرح الشهادات باليورو أيضا، بعد الإقبال على الشهادات الدولارية.
وتسببت أزمة نقص العملة في إجراءات استثنائية اتخذتها عدة جهات من بينها الخطوط الجوية البريطانية التي أوقفت تحصيل قيمة التذاكر بالجنيه بسبب تراكم أرباحها وعجزها عن تحويلها إلى الدولار على خلفية نقص العملة، قبل أن تعدل على قرارها عقب إعلان الحكومة التزامها جدولة أرباح الشركة وباقي شركات الطيران العاملة في السوق المصرية. كما وجد الآلاف من المصريين مشكلة في الحصول على العملة الأميركية من مدخراتهم في فروع البنوك خلال الأيام الماضية، لكن البنوك الحكومية ضخت كميات محدودة من الدولار للسحب، مخيّرة عملاءها بين التوجه إلى الفرع الرئيسي للسحب أو الحصول على المبالغ بالجنيه، وهو ما تسبب في حالة تذمر كبيرة.
صحيفة الأخبار اللبنانية