القبور في سورية : الأسعار نار ، والموتى بالجملة !

خاص :

الحديث عن الموت ، قصة أخرى في سورية، فإذا كانت الأرقام تتحدث عن نحو نصف مليون قتيل منذ اندلاع الحرب في عام 2011، فإن الموت الطبيعي أيضا أصبح عبئا على المواطن السوري، والمقصود هنا مسألة الدفن والمكان الذي يدفن فيه الميت، فقد نشرت الصحف قرار المكتب التنفيذي في محافظة دمشق رقم 58 الذي عدل تكلفة بناء القبر من الأسفل وأجرة الحفار ورسوم الدفن وفق الآتي: 12200 ليرة للدرجة الممتازة و10700 للدرجة الأولى و9200 للدرجة الثانية، و6000 ليرة للدرجة الثالثة لعمر من دون 14 عاماً، كما حدد القرار تكلفة تجهيز القبر من الأسفل بمبلغ 16000 ليرة وأجور التنزيل للمتوفى بـ 2500 ليرة. وقال أحد أعضاء المكتب التنفيذي للمحافظة إن التسعيرة الجديدة لأجور مكتب الدفن التي تم تعديلها مؤخراً لم تتجاوز 30% ورغم ذلك فإنها لا تزال أقل من التكلفة الحقيقية فتكاليف دفن الميت من قماش وشاش وقطن وصابون وكافور وحنة وأجور مغسل وحفار وبناء القبر أعلى من ذلك.

ولابد من الإشارة هنا إلى أن السوريين الذين يعيشون في القرى لايبيعون القبور، فالميت يدفن في مقبرة عامة مجانا، ويتبرع السكان بحفر القبر له ويعتبر ذلك من الأعمال الصالحة التي اعتاد عليها الناس، إلا أن المدن تجاوزت ((العمل الصالح)) منذ زمن طويل، ومع الحرب ازداد الجشع كما هو حال الفساد والاحتكار والغش والغلاء والتدليس.

وكانت الصحف السورية قد رصدت هذا الموضوع خلال الفترة الماضية ، فأعلنت صحيفة تشرين أن سعر القبر في معظم المدن السورية ولاسيما دمشق يتراوح بين 1110000 – 1480000 ليرة ، وهو رقم باهظ بالنسبة لدخل أي مواطن.

وتقول الصحيفة إن في دمشق وحدها 33 مقبرة موزعة على مختلف الأحياء، وفي السنوات الأخيرة تم تخصيص أرض كبيرة في إحدى ضواحي دمشق لإنشاء مقبرة؛ وهي «المقبرة الجنوبية الحديثة» في «الحسينية»، والتي تعرف باسم «مقبرة نجها»، وتبعد 13 كم عن مركز دمشق، وذلك بسبب تزايد عدد الوفيات وعدم قدرة المقابر الموجودة على استيعابها، ويشرف على المقابر «مكتب دفن الموتى»، وهو مسؤول عن مقابر دمشق، وعن المدافن الخاصة والمقامات الموجودة فيها بالتعاون مع وزارة الأوقاف.

وفي تقرير من حلب نشرته صحيفة تشرين للصحفي كمال اللازق تحدث عن وضع شاذ وغريب أفرزته الأحداث الأخيرة يتعلق في هذا الموضوع تمثل في تحول كثير من الحدائق ضمن المناطق السكنية إلى مقابر حيث امتلأ بعضها تماماً بالقبور ولم يبق فيها أي حيز لقبر جديد.

ويروي التقرير تفاصيل ماتعرض له مكتب دفن الموتى هناك حيث استولى المسلحون في نهاية تموز الماضي على المكتب المذكور وتم تفريغه من معظم محتوياته فلم يوفروا مواد تغسيل وتكفين الموتى ولا سيارات الدفن ولا السجلات العائدة للمكتب وكانت النتيجة أن فقد العاملون في المكتب مقرهم والمواد اللازمة للعمل و16 سيارة لدفن الموتى.

ومن أجل استمرار عملية الدفن بشكل نظامي فقد خصص مجلس المدينة قطعة من أملاكه في بقعة خان العسل على طريق حلب- دمشق وخصصت للدفن كمقبرة مؤقتة ويجري فيها دفن المدنيين والعسكريين وتم نقل مكتب الدفن إلى موقع جديد في منطقة حلب الجديدة وضمن الحديقة البيئية حيث يجري استقبال المواطنين الذين لديهم حالات وفاة وتأمين الإجراءات اللازمة للمتوفين من تغسيل وتكفين وتأمين المدافن ويجري إرسالهم إلى المقابر الآمنة حيث يتكفل البعض وعلى مسؤوليتهم بإيصال موتاهم إلى المقابر القديمة الآمنة بعد دفع الرسوم في المكتب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى