القيادة العسكرية تسرّع المرحلة الثالثة… وتحذّر من «تآكل الإنجازات»: إسرائيل في أسوأ انقساماتها
مع مرور مئة يوم على الحرب على قطاع غزة، تتكشّف الكثير من الأزمات العميقة التي تسيطر على المستويين الأمني والسياسي في إسرائيل، والتي باتت تشكّل أغلالاً وأثقالاً تهدّد «الإنجازات» التكتيكية التي حُقّقت إلى الآن، وتهدّد بانقلابها تهديدات على الكيان وجيشه وأمن مستوطنيه.
في هذا السياق، أطلق المستوى الأمني إنذاراته مساء أمس، وإن جاءت مرفقة بإعلان تحقيق إنجازات هنا وهناك. وأعلن وزير الأمن، يوآف غالانت، أن «المناورة (البرية) في المناطق الشمالية لقطاع غزة انتهت، وستنتهي قريباً في الجنوب»، مشيراً إلى أن «القضاء على حماس يتطلّب وقتاً طويلاً».
وترافق حديث غالانت، مع إعلان الجيش الإسرائيلي سحب الفرقة 36 من شمال غزة، ووحدة دوفدوفان النخبوية الخاصة، ونقلها إلى الضفة الغربية. وبذلك، يكون قد تبقّى في القطاع 3 فرق تعمل في الوسط والجنوب.
ووجّه غالانت تحذيراته باسم المستوى الأمني إلى «كابينت الحرب»، وتحديداً إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وعضو «الكابينت» بني غانتس. وقال: «أقول لنتنياهو وغانتس إن حكومة الوحدة مهمة لانتصارنا في الحرب وتحقيق أهدافها»، مضيفاً: «إن خسارة وحدتنا الداخلية تعني انتصاراً لحماس»، منبّهاً إلى أن «مستقبل إسرائيل معلّق على نتائج هذه الحرب».
وبدورها، نقلت وسائل إعلام العدو، عن رئيس هيئة الأركان، هرتسي هاليفي، قوله إن الجيش يواجه «تآكل الإنجازات التي حقّقناها حتى الآن في الحرب، لأنه لم يتمّ بناء استراتيجية لليوم التالي»، محذّراً من «أننا قد نضطر للعودة والعمل في المناطق التي عملنا فيها وأُنهي القتال فيها بالفعل».
ويمكن، من خلال تصريحات غالانت ورئيس أركانه، توقّع حجم الصدع العميق، والتخبّط اللافت، اللذيْن تعانيهما قيادة الحرب، إذ يخشى الجيش من تحوّل حربه إلى قتال لا ينتهي، مع ما في ذلك من تهديدات جسيمة للقوات الإسرائيلية، وتعميق للفشل في تحقيق الأهداف المعلنة.
وفي المقابل، يرفض نتنياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف، باستمرار، نقاش «اليوم التالي»، وهو الأمر الذي يضغط المستوى الأمني، على السياسي، للخوض فيه في أسرع وقت.
وليل الأول من أمس، ذكر عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن عضو «كابينت الحرب»، الوزير غادي آيزنكوت، اعتبر أن قادة إسرائيل «يكذبون على أنفسهم، وعليهم أن يتحلّوا بالحكمة قبل فوات الأوان».
وبحسب صحيفة «timesofisrael» الإسرائيلية، فإن آيزنكوت، الذي قُتل ابنه وابن أخيه خلال الحرب، وجّه كلاماً مباشراً إلى زملائه في الحكومة، قال فيه: «علينا أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا، وإظهار الشجاعة». كما حثّ الحكومة على عقد صفقة مع المقاومة الفلسطينية في غزة، معتبراً أنه «يجب التوصّل إلى صفقة كبيرة تعيد الرهائن إلى الوطن.
الوقت ينفد، وكل يوم يمر يعرّض حياتهم للخطر». وأتى ذلك في الوقت الذي يعيد فيه نتنياهو وغالانت التأكيد أن الضغط العسكري الإضافي فقط هو «الذي سيؤدّي إلى مثل هذه الصفقة».
وتزامن تصريح آيزنكوت، مع توجيه «كتائب القسام»، مساء الأحد، رسالة إلى أهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة، قالت فيها «انتظرونا… غداً سنخبركم بمصيرهم، حكومتكم تكذب».
وأمس، نشرت «القسام» مقطعاً مصوّراً لثلاثة أسرى، قالت إن اثنين منهما قُتلا بنيران الجيش الإسرائيلي، فيما تبقّت واحدة على قيد الحياة.
وفي السياق نفسه، ذكرت «القناة 13» العبرية أن «ثمّة خلافات جوهرية بين أركان مجلس الحرب في ملف استعادة الأسرى». وأضافت أن «الوزيرين غانتس وآيزنكوت من حزب معسكر الدولة، يريان أن الحكومة لا تقوم بما يكفي لاستعادة الأسرى، ويعتقدان أن الأولوية لاستعادة الأسرى أحياء». أما «في الطرف المضادّ، فيصطفّ نتنياهو ووزير جيشه يؤاف غالانت، رافضَيْن أيّ مسار يتضمّن وقف الأعمال الحربية».
صحيفة الأخبار اللبنانية