القِمّة العَربيّة الاستثنائيّة تَقزّمَت إلى لَجنةٍ سُداسيّةٍ مُعظم حُكوماتها مُتواطِئةٌ مع قَرار ترامب بتَهويد القُدس

ما أكثر لِجان الجامِعة العَربيّة، وما أقل فِعلها، خاصّةً عندما يَتعلّق الأمر بقَضيّة الانتفاضةِ المُشتعلة في القُدس المُحتلّة هذهِ الأيّام ردًّا على قَرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تَهويد المَدينة المُقدّسة والاعترافِ بِها عاصِمةً للدّولة اليهوديّة.

المُتحدّث الرسميّ باسم أمين عام الجامعةِ العَربيّة السيد محمود عفيفي، أعلن اليَوم وبَعد اتصالاتٍ مُكثّفة مع الأردن، رئيس القِمّة العَربيّة، تَشكيل الوَفد الوزاريّ العَربيّ المُصغّر للتحرّك على الأصعدةِ الدبلوماسيّة والإعلاميّة، من أجلِ مُواجهةِ الآثار النّاجمةِ والتّبعاتِ السلبيّة لقرارِ الرئيس دونالد ترامب بنَقل سفارة بِلاده إلى القُدس المُحتلّة.

إذا تأمّلنا في هذا الوَفد الذي يَتشكّل من وزراء خارجيّة الأردن وفِلسطين ومِصر والسعوديّة والمَغرب والإمارات، علاوةً على الأمين العام للجامعة، فإنّ مُعظم الدّول الأعضاء مُتواطئةٌ مع الرئيس ترامب، وكانت رُدودِ فِعلها تُجاه قرارِه مُخجِلةً، وتُقيم علاقاتٍ رسميّة مع دولة الاحتلال، ولم تَطرد سَفيرًا أمريكيًّا أو إسرائيليًّا واحِدًا، بل لم تَستدعِ أي مِنها السّفير الأمريكي في عاصِمتها احتجاجًا، مِثلما تقتضي الأعراف الدبلوماسيّة.

المُؤتمر الطّارئ لوزراء الخارجيّة العَرب الذي انعَقد في مَقر الجامعةِ في القاهرة، اتّخذ قرارًا بعَقد قِمّةٍ عربيّةٍ استثنائيّةٍ في العاصمة الأردنيّة عمّان للرّد على هذهِ الصّفعةِ الأمريكيّةِ المُهينة، ووجّهت المملكة العربيّة السعوديّة دَعوةً عاجِلةً للعاهل الأردني للتّحضير لهذهِ القِمّة، ولكن تَبيّن أن الهَدف من الدّعوة حَثّه على عدم المُشاركة في القِمّة الإسلاميّة التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، بهَدف تخريبها، وتَقليص حجم التّمثيل فيها.

القِمّة العَربيّة الاستثنائيّة تَبخّرت، وجَرى استبدالها بلجنةٍ من وزراء خارجيّة يَجتمعون في العاصمةِ الأردنيّة مَطلع الأُسبوع المُقبل، وهذا عَملٌ لا يَرتقي إلى نُقطةِ دَمٍ واحِدةٍ من دِماء الشّهداء الذين يُضحّون بأرواحِهم دِفاعًا عن الكرامةِ العَربيّة والإسلاميّة المَهدورة في القُدس المُحتلّة.

اسم الجامعة العَربيّة بات يَبعث على الغَثيان، لأنّها تُمثّل أنظمةً عربيّةً مُعظمها مُستعدّةٌ لبَيع القُدس، أو التّنازل عنها لإسرائيل، ولا يَجرؤ زُعماؤها على قَول “لا”، ولو خَجولة، للرئيس ترامب، وليِّ نِعمتهم، ومن يَقول غير ذلك يُحاول أن يُخفي شَمس الحقيقةِ بغُربال، وما الغَرابةُ في ذلك، فأبرز نَجاحات هذهِ الجامعة في السّنوات العَشر الماضية تدمير ليبيا وسورية واليمن وقَبلها العِراق، وتَشريع التّطبيع مع دَولة الاحتلال الإسرائيليّ.

التصدّي للإهانةِ الأمريكيّةِ لا يَتم من خِلال تَشكيل اللّجان، وإنّما بالإجراءات العَمليّة، والتّضحيات، والطّرف الوحيد الذي يَقوم بهذهِ المُهمّة هم أهل الرّباط في القُدس المُحتلّة الذين يُضحّون بأرواحِهم ودِمائهم، أمّا الآخرون فعَليهم التّواري خَجَلاً، هذا إذا كانوا يَعرفون شَيئًا اسمه الخَجل، ولا يَستحقّون أن يَحملوا اسم العُروبة والإسلام.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى