اقتصاد

الكويت توسع أدواتها الاستثمارية عبر صناديق المؤشرات والصكوك

هيئة أسواق المال في الكويت تقول إنها منحت ترخيص ممارسة نشاط الوسيط المركزي للشركة الكويتية للتقاص، لتكون بذلك أول جهة في السوق الكويتي تباشر هذا النشاط.

 

في مؤشر جديد على تسارع جهود الإصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت، أعلنت بورصة الكويت عن استعدادها لإدراج وتداول صناديق المؤشرات المتداولة وأدوات الدخل الثابت مثل الصكوك والسندات، في خطوة تنسجم مع التوجه العام لتنويع أدوات الاستثمار وتنشيط الأسواق المالية. ويأتي ذلك في وقت تعمل فيه المؤسسات الرقابية والتنظيمية، بالتعاون مع الأطراف المعنية، على تحديث البنية التحتية القانونية والتقنية لخلق بيئة جاذبة ومحفّزة للمستثمرين المحليين والأجانب.

وفقاً لبيان صادر عن بورصة الكويت يوم السبت، فإن الاستعدادات التقنية أصبحت شبه مكتملة، بما في ذلك تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وإجراء كافة الاختبارات الفنية الضرورية بالتنسيق مع الجهات المختصة. وتهدف هذه الخطوة إلى إتاحة تداول أدوات مالية متنوعة، مثل الصكوك والسندات وصناديق المؤشرات، والتي تُعتبر من أهم الأدوات الاستثمارية التي تعزز السيولة وتقلل المخاطر في الأسواق الناضجة.

ويُتوقع أن يسهم إدراج هذه الأدوات في توسيع قاعدة المستثمرين، وجذب فئات جديدة من المتداولين الباحثين عن استثمارات أكثر استقراراً وأقل تقلباً مقارنة بالأسهم التقليدية. كما تعزز صناديق المؤشرات إمكانية الاستثمار في سلة من الأوراق المالية، ما يقلل من المخاطر المرتبطة بالاستثمار في أصل منفرد.

على الصعيد التنظيمي، كشفت هيئة أسواق المال الكويتية عن منحها ترخيص “الوسيط المركزي” للشركة الكويتية للمقاصة، لتصبح بذلك أول جهة تباشر هذا النشاط الحيوي في السوق المحلي. وتكمن أهمية هذا الترخيص في كونه خطوة استراتيجية نحو تعزيز كفاءة السوق المالية، من خلال تقليل المخاطر التشغيلية وتسهيل عمليات التسوية والمقاصة.

الهيئة أشارت كذلك إلى ترقية عشر شركات وساطة مالية إلى نموذج “الوسيط المؤهل”، ما يعني توسيع صلاحيات هذه الشركات لعرض منتجات مالية أكثر تنوعاً، وتقديم خدمات استشارية وتنفيذية شاملة ضمن منظومة السوق الجديدة. ويُتوقع أن ينعكس ذلك إيجاباً على عمق السوق المالي ومرونته، إضافة إلى زيادة مستويات الشفافية والمساءلة في التعاملات.

هذه التطورات في البنية المالية لا تنفصل عن السياق العام الذي تعيشه الكويت منذ سنوات، والمتمثل في ضرورة إصلاح الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية. ومع تأخر إقرار بعض التشريعات الاقتصادية، مثل قانون الدين العام وقانون الضريبة، تسعى المؤسسات الاقتصادية إلى تعزيز قطاع الاستثمار وتنويع مصادر الدخل عبر تنشيط سوق المال وتهيئته ليكون لاعباً أساسياً في المرحلة المقبلة.

ويرى مراقبون أن بورصة الكويت قطعت شوطاً كبيراً في تحديث بنيتها منذ خصخصتها عام 2016، خاصة بعد ترقيتها من قبل مؤشرات عالمية. وتُعد هذه الخطوات التوسعية الحالية استكمالاً لرؤية تهدف إلى تحويل السوق المالي الكويتي إلى مركز إقليمي جاذب للاستثمارات طويلة الأمد.

رغم الخطوات الإيجابية المتسارعة، لا تزال أمام السوق الكويتي تحديات تتطلب إصلاحات هيكلية أعمق، وعلى رأسها تعزيز التنسيق بين المؤسسات المالية، وتحسين الإطار التشريعي، وتبسيط الإجراءات المتعلقة بالتراخيص والحوكمة. كما أن جذب الاستثمارات الأجنبية سيتطلب بيئة تشريعية أكثر مرونة واستقراراً، خصوصاً في ما يتعلق بتسوية النزاعات وحماية حقوق المستثمرين.

ومع ذلك، فإن إدخال أدوات مالية جديدة مثل الصكوك والسندات، وإطلاق نشاط الوسيط المركزي، وتوسيع خدمات شركات الوساطة، تمثل مجتمعة إشارات واضحة على التزام الدولة بتحديث منظومتها المالية وبناء سوق مالي متقدم وقادر على مواجهة تقلبات الاقتصاد العالمي.

في ظل البيئة الاقتصادية المتغيرة إقليمياً ودولياً، تبدو الكويت اليوم على مسار متقدم نحو بناء سوق مال حديث يدعم النمو الاقتصادي ويعزز ثقة المستثمرين. وبينما تتسارع الخطى التقنية والتنظيمية، فإن التحدي الأكبر سيظل في تحقيق التكامل بين هذه الجهود والإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تحتاجها البلاد للخروج من عباءة الاقتصاد الريعي، والتحول إلى اقتصاد منتج ومستدام.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى