اللحظات الأخيرة…”واشنطن بوست” تروي كواليس تراجع ترامب عن قراره ضد طهران
تشير صحيفة “الواشنطن بوست” إلى ما كان قد اعلنه ترامب بنفسه بأنه اعطى مسؤولي البنتاغون الأوامر للتحضير لـ “ضربات عسكرية” ضد ايران لكنه استدعى كبار مستشاريه إلى المكتب البيضاوي مساء(أول من أمس) الخميس وبدأ بطرح اسئلة حساسة قبل دقائق من بدء العملية، الجديد الذي تكشفه الصحيفة أن الأسئلة هذه حول عدد الخسائر كان سبق لترامب أن حصل على أجوبتها بالتفاصيل في وقت سابق لكن مع انضمام مستشاره للأمن القومي جون بولتون إلى النقاش ودفاعه بشدة عن خيار شن “ضربات” ضد إيران أراد ترامب معاودة طرح الأسئلة نفسها ليتراجع عن قراره بحلول نهاية الاجتماع.
تقول الصحيفة ان قرار ترامب التراجع جاء تتويجاً لـ 24 ساعة محمومة ومليئة بالاضطرابات والتناقضات والحيرة لدى الكونغرس والقلق الواضح في اوساط خبراء الأمن القومي من أن الإدارة قد تنزلق عن غير قصد إلى صراع دامٍ في الشرق الأوسط لطالما وقف ترامب ضده.
وتشير إلى ان توصيفها لما كان عليه الوضع خلال هذه الساعات يستند إلى مقابلات مع أكثر من 25 من مسؤولي البيت الأبيض والمشرعين والمساعدين في الكونغرس ومسؤولين عسكريين وآخرين مطلعين على العملية تحدث معظمهم شرط عدم الكشف عن هويتهم.
النقاش داخل الادارة حول كيفية الرد جرى على مدار أربعة اجتماعات في البيت الأبيض يوم الخميس ابتداء من الساعة 7 صباحا حيث كان ترامب مؤيدًا للعمل العسكري طوال اليوم وابدى مسؤولو البنتاغون والمشرّعون ومسؤولو الأمن القومي آراءهم المؤيدة او الرافضة للتصعيد ما جعل قراره بالتراجع مفاجأة داخل ادارته.
“الرئيس مليء بالمفاجآت“..!
يقول مسؤول رفيع في الادارة الاميركية في توصيفه لما جرى ذلك اليوم “الرئيس مليء بالمفاجآت”..
تتابع الصحيفة أنه بعد تأكيد الولايات المتحدة فقدان الطائرة من دون طيار استدعى بولتون مجموعة من كبار المسؤولين لمناقشة رد الفعل المحتمل على وجبة الفطور وفق ما تنقل عن مسؤولين.
لم يكن هؤلاء بحاجة لتحديد ما إذا كانت إيران تقف وراء اسقاط الطائرة بعد أن كان سارع حرس الثورة لإعلان مسؤوليته عن ذلك. الرد العلني الأول لترامب كان عند الساعة 10:15 صباحًا قال فيه إن “إيران ارتكبت خطأً فادحًا!”
في وقت لاحق من صباح الخميس أعطى ترامب الضوء الأخضر للبنتاغون للتحضير “للضربات” بعد أن تم ابلاغه من المسؤولين العسكريين أن الأمر سيستغرق بضع ساعات لتحضير كل شيء.
وقال المسؤولون إنه تم إطلاعه على عدد الضحايا المحتمل والمخاطر الأخرى قبل إعطاء الموافقة.
خلال اجتماع عند الساعة 11 صباحًا حضره وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان ووزير الدفاع بالنيابة مايك إسبر وغيرهما من كبار الضباط العسكريين استعرض مسؤولو الإدارة عدة خيارات مختلفة لكيفية الرد.
تنقل الصحيفة عن مسؤول اميركي رفيع ان القطع البحرية كانت على استعداد لتنفيذ “الضربة” في حال تم إعطاء الأمر بذلك بما في ذلك السفن المرافقة لحاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لنكولن”.
وقال المسؤول إن تلك الهجمات كان من الممكن ان تشمل غارات جوية بواسطة طائرات أو – على الأرجح – صواريخ توماهوك.
وأضاف أن من بين السفن التي كان من الممكن أن تشارك طراد الصواريخ الموجهة USS Leyte Gulf والمدمرة USS Bainbridge واللتين يمكن لهما حمل صواريخ “توماهوك”..
عند حوالى الساعة 11 صباحًا تم إطلاع النواب في الكونغرس على التهديد الإيراني في اجتماع كان مقرراً عقده قبل إسقاط الطائرة بدون طيار لكن الاجتماع تحول سريعًا إلى بيان موجز لاطلاع المشرعين ومساعديهم على أحداث السابقة.
خلال الإحاطة علم موظفو الكونغرس أن البيت الأبيض كان قد دعا لاجتماع مع كبار قادة الكونغرس عند الساعة الثالثة بعد الظهر للتباحث في موضوع ايران.
بعض قادة الكونغرس كان يستعد لتلقي خبر قرار الهجوم
استدعاء المشرعين في هذا الوقت جعلهم يتوقعون أمراً خطيراً ووشيكاً. لكن الارتباك تضاعف بعد التعليقات التي أدلى بها ترامب خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والتي بدا من خلالها وكأنه يقلل من أهمية الحادث من خلال قوله إن الطائرة كانت بدون طيار ولم يؤد سقوطها إلى وقوع إصابات في الولايات المتحدة وانه قد يكون خطأ من جانب مسؤول إيراني أدنى مستوى.
وفق ما تنقل الصحيفة عن أحد كبار مساعدي الكونغرس فإن بعض قادة الكونغرس كان يستعد لتلقي خبر قرار الهجوم على إيران لكن بدلاً من ذلك اقتصر الأمر على حوار بدا ان ترامب اراد من خلاله الاستماع للمشرعين الذين حذروه من مخاوفهم.
في هذه الاثناء كان البيت الابيض قد جمع كبار المسؤولين العسكريين والمخابرات لحضور جلسة إحاطة في غرفة العمليات بما في ذلك شاناهان وإسبر ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جينا هاسبيل.
في وقت لاحق كان البنتاغون يستعد للإعلان عن الهجوم لكن قرابة الساعة 6 مساءً اجتمع مسؤولو الدفاع بمن فيهم الجنرال جوزيف ف.دنفورد رئيس هيئة الاركان المشتركة ونائب وزير الدفاع ديفيد نورويست مع شاناهان في مكتبه المطل على نهر بوتوماك.
جاء القرار مخالفاً للتوجه المتشدد…
حينها بدأ ترامب في طرح الأسئلة الرئيسية خلال تجوله في المكتب البيضاوي مع كبار مستشاريه. كان الرئيس مهتمًا بشكلٍ خاص بعدد الإصابات المحتملة، وهو ما اوضحه ترامب في مقابلته مع “ان بي سي”.
تنقل الصحيفة عن مسؤولين اميركيين ان الرقم 150 لعدد الضحايا كان على قمة مجموعة من الاحتمالات لذلك جاء قرار ترامب بإلغاء العمل العسكري بالاستناد إلى الضحايا المحتملين بمثابة مفاجأة لمسؤولي البنتاغون الذين امضوا فترة ما بعد الظهر وهم يستعدون للعملية. وهنا تنقل الصحيفة أن بعض مسؤولي وزارة الدفاع عبرّوا عن قلقهم بشكل خاص لأنهم رأوا في الأمر تصعيداً كبيراً.
تتابع “واشنطن بوست” أنه في حوالي الساعة 7 مساءً اي قبل ساعتين من الوقت المفترض للتنفيذ، جاء القرار مخالفاً للتوجه المتشدد الذي دعا إليه بعض مستشاري ترامب بمن فيهم بولتون، مضيفة أنه قبل اتخاذ ترامب قراره النهائي انهالت الاتصالات على مسؤولي البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي من الحلفاء والدبلوماسيين لكن الاجابات كانت مقتضبة.
تشير الصحيفة إلى أن بعض مساعدي البيت الابيض غادروا حوالي الساعة 6 مساءً وفي اعتقادهم ان العملية ستنفّذ تلك الليلة.
وتقول إن ما قام به ترامب ترك انطباعاً في الكونغرس بأنه لا يملك استراتيجية واضحة لادارة العلاقة مع إيران ما جعله يوجه عدداً من المساعدين والشخصيات المؤيدة له للظهور عبر القنوات التلفزيونية من أجل الدفاع عنه وفق ما تنقل “واشنطن بوست” عن احد المساعدين..
صحيفة “نيويورك تايمز ” كشفتْ عن قلق داخل الحكومة بأن تكون الطائرة الأميركية خرقت بالفعل الأجواء الإيرانية، ما كان من أسباب تراجع ترامب عن الهجوم
الصحيفة نفسها قالت في مقالٍ آخر إن موقف ترامب يظهر الانقسام الجمهوري حول الأمن القومي فالصقور انتقدوا تراجعه فيما أثنى عليه الجناح المعارض للتدخل الى جانب معظم الديمقراطيين.
موقع “واشنطن اكزامينر” examiner نقل عن مسؤول أميركي أن ترامب لا يثق ببولتون وبومبيو وقد شعر أنهما يحشرانه في مكان لا يريده.
الميادين نت