اللهم اني قد بلغت …..!!!
منذ أربع سنوات تماماً .. عندما بدأت الأزمة السورية بالتفاقم والانفلات والرزوح تحت وطأة العنف المخيف، وأخذ صبغة طائفية تجلت بأبواق الاعلام المرئي والافتراضي .. وتبني القنوات العربية والمحلية هذه اللغة كوسيلة ضغط إعلامية لكسب التأييد والدعم العالمي وتشويه صورة الطرف الأخر ووسمه بالطائفية والارهاب .. أصبح الوجود المسيحي في المنطقة الشرق أوسطية في خطر حقيقي .. ورفض كثيرون الاعتراف بهذه الحقيقة كون المسيحيين جزء من نسيج مجتمعي لا يجب فصله والتعامل معه ككيان مستقل بمعزل عن باقي التكوينات والتركيبات الطائفية للمجتمع السوري والشرق أوسطي ككل .. !! ولكن استشعار الخطر كان إحدى السبل والوسائل لتلافيه وإيجاد حل ولو جزئي يقي منه .. وما الذي حدث؟؟!!
رفض المتنفذون الاعتراف بالمشكلة وغضينا البصر الى أن وصلنا لمرحلة فرضت المشكلة نفسها علينا بقسوة بعد أن أصبح التطرف بكل أشكاله ..قوة مسلحة همجية تعمل على تهجير قرى بأكملها من سكانها المسيحيين …وتفجير كنائسهم ورموزهم الدينية التاريخية وبيوتهم وخطفهم .. ودفعهم للنزوح الى مناطق أبسط ما يمكن أن نقول عنها حالة مدروسة لرسم خريطة ديموغرافية طائفية جديدة للمنطقة .. باتت واضحة وضوح الشمس .. مما يدفع هذا المكون البشري الأساسي للخوف وطلب اللجوء الانساني والهجرة إلى خارج المنطقة فيتم تفريغها بشكل منهجي مدروس ومجهز بكل وسائل العنف والترهيب الطائفي الديني … كارثة إنسانية تعيشها المنطقة ككل … من العراق إلى سوريا …. وإلى أين ؟؟
يؤلمني الحديث بهذه اللهجة الطائفية التي أرفضها وأحاربها بكل جوارحي .. ولكنها باتت واقعاً مؤلماً يفرض نفسه بقسوة ويدفعنا للتعبير عنه بشتى الوسائل محاولة للحد منه، علماً أن اليأس بدأ يتسرب إلى قلوبنا ونحن نلمس ونعيش ونعاني من تقاعس مجتمع دولي بأكمله واكتفائه بالتجارة باسم الانسانية.
سوريا لا تعاني فقط من تهجير المسيحيين بل تعاني من تهجير شعب بأكمله بكل أطيافه مسيحيين ومسلميين .. تعاني من هجرة عقول وشباب وأموال … تعاني من تفريغها من تاريخها وثقافتها وحضارتها .. ولكن ما يحصل اليوم في شمالها من تهجير قرى بأكملها من سكانها الآشوريين المسيحيين الأصليين وخطف ما يزيد عن 220 شخصا منهم دفعني لكتابة هذا المقال لأن التهجير لن يتوقف عند حدود هذه المناطق بل سيشملها نفسياً على الأقل لدفع مسيحيي باقي المناطق للخوف وطلب الهجرة خوفاً من خطر قادم ومن أفكار بدأ الاعلام والمجتمع الدولي بتسويقها عن
مخطط تهجير المسيحيين وقصص الفظائع التي يتعرضون لها على يد الارهابين .. !!
لتبقى المؤامرة التي يعيشها الشعب السوري ويدفع ثمنها هي مؤامرة عليه وعلى بقائه واستمراره في بلده الذي بدأ يتدهور اقتصادياً وأخلاقياً واجتماعياً .. ويدفعه للهروب.
ومن واجبنا نحن من نحاول الصمود أن ننقل صرخة شعب لا يريد الرحيل ويناضل ليبقى في أرضه ووطنه وأرض أجداده في وقت يتلهى فيه المجتمع الدولي بعقد لقاءات للشجب والاستنكار والتنديد … والعنف والتطرف يقضي على شعب أصيل ويدمر حياته ويهدد وجوده ..
اللهم إني قد بلغت.