الليث حجو… دوكودراما «الندم» السوري
على مهل وبمزاج عال، صنع الليث حجو (الصورة) مكانته. أنهى مسلسله «الانتظار» (2006 حسن سامي يوسف ونجيب نصير) بمشهد فجيعة أهالي الحيّ العشوائي وعودتهم خائبي الرجاء على إيقاع «يا وابور قولي» (1939 كلمات أحمد رامي) لمحمد عبد الوهاب بصوت صابر (أيمن رضا) وأبناء حارته وهم على متن شاحنة الدواليب الثلاثة، بينما كانت الكاميرا تلتقط روح المدينة بصورة مختلفة.
منذ ذاك الوقت، عرف كل من راقب هذا المشهد المؤثّر أن نجل الراحل عمر حجو فهم واقع الحزام العشوائي الذي يسيّج الشام بشكل عميق. مرّت الأيام وتمكّن مخرج «ضبوا الشناتي» (2014 كتابة ممدوح حمادة) من فرض نفسه كواحد من أهمّ مخرجي التلفزيون في سوريا والعالم العربي. في العام الماضي، مُني عمله «24 قيراط» بحملة نقدية واسعة حتى أن كاتبته ريم حنا اعتبرت أن تغييراً غير منطقي لحق بخواتيم نصّها، لذا لم توفر المخرج من انتقاداتها اللاذعة! انفرط عقد ورشة السيناريو الأبرز في سوريا التي شكّل قوامها حسن سامي يوسف ونجيب نصير وهما صديقا الليث حجو المقرّبين.
ومع ذلك، سيقترن اسم المخرج بأحد هذين الكاتبين هذا العام. بعدما لبّى نداء شركة «سامه» وتولّى إخراج خماسيتي «يا جارة الوادي» لممدوح حمادة و«شكراً على النسيان» لإياد أبو الشامات ضمن مسلسلها «أهل الغرام3»، سرعان ما عاد إلى ما يشبه تطلعاته، وأبرم اتفاقه مع شركة «سما الفن» (سورية الدولية سابقاً) على إنجاز مسلسل «الندم» (كتابة حسن سامي يوسف). العمل يعتبر بمثابة منبراً لكاتب يروي قصّة حياته موزّعة بين زمنين مختلفين: الأول ينطلق عام 2003، والثاني يعايش الحياة الراهنة في دمشق 2016. يروي عروة (محمود نصر) قصّة والده تاجر اللحوم بطريقة الفلاش باك، بينما يعود الحدث إلى حياة هذا الكاتب الآنية، ليرصد مصائر عائلته والأخ الأكبر (باسم ياخور) الذي تحوّل إلى حوت يستفرد بأملاك العائلة ويعتبر أن هذا حقّه المشروع! هنا يتبع صاحب «بقعة ضوء1» تكنيكاً جديداً في الدراما، يقترب من الدوكودراما، راصداً بكاميرته شوارع دمشق. حالما يلتقط مشهداً حياتياً واقعياً يعكس الصورة المؤلمة التي يعيشها أحد المواطنين المعتصمين في مدينته حتى يبدأ بتصويره، لينضمّ إليه أحد الممثلين في مشهد أقرب إلى الارتجال، عساه يكون مع مجموعة مشاهد تقدم صورة مختلفة لقراءة تفاصيل الشارع السوري بعيداً عن ماكياج الدراما المعتاد. يقاطع الليث حجو الصحافة منذ زمن طويل لأسباب شخصية، حتى أنه لا يحضر المؤتمرات الصحافية التي تطلقها الشركات المنتجة لأعماله. مع ذلك، يوقف تصوير أحد مشاهده ويشرح في اتصال لـ «الأخبار» سبب التكنيك الذي يتّبعه في عمله الجديد، فيقول «طالما أن المسلسل يرصد في جزء منه يوميات دمشق في هذا العام، لذا لا بد أن يكون هناك شيء حقيقي بعيداً عن التصنّع والافتعال».
صحيفة الأخبار اللبنانية