المؤامرة الكونية بصيغتها الطفولية
عادة ما يُطلب مني في كل مناسبة صينية أن أتحدّث عن سوريا، كي يعرف الآخرون المزيد عن بلدي من عادات وتقاليد ومأكولات وملابس وغيرها من التفاصيل، وهو ما كان يثير امتعاضي، خاصة وأني عاجزة عن اختصار البلاد بتلك الأمور السطحية التي غالبا ما تُعرض على السياح لا أكثر، ولذلك كنت أقوم بتحضير محاضرة بشكل سطحي وبسيط يرضي أي سائح يريد زيارة سوريا لمدة قصيرة.
هذه المرة وبمناسبة رأس السنة الصينية القادم، طُلب مني أن أقوم برواية قصة سورية مناسبة للأطفال، حقيقة لم أعرف ما الذي يمكن قوله عن سوريا، للوهلة الأولى حاولت تبسيط الموضوع لدرجة أني تذكّرت حكايات “ليلى والذئب” و “سندريلا” ، فكرت في أن أرويها لهم ولكن سرعان ما تراجعت، لم يطاوعني ضميري أن أتفّه الموضوع إلى هذه الدرجة، خاصة وأني لم أكن أصدّق هذا النوع من الحكايات في سن الصغر، إذ كنت أشعر وكأن أهلي يسخرون من صغر سني عندما يخبروني بمثل هذه الحكايات.
ولذلك قررت إخبارهم قصة المؤامرة الكونية على سوريا، لا سيما وأنها وفقا للصيغة التالية هي رواية لا تصلح إلا للأطفال: “كان يا ماكان في قديم الزمان، كان هناك بلادا آمنة تسمى سوريا (بلاد الشمس)، تتميز بعدة أشياء جميلة من أهمها “الموقع الجغرافي المميز”، هذا الموقع الذي هو سيف ذو حدّين إذ أنه حوّل تلك البلاد إلى محط أطماع كثيرة، ولذلك بدأت المؤامرات تكثر، والبلاد تذوب، وكاد المشهد يكون عبارة عن بلاد محطمة ومهشمة في موقع جغرافي مهم، هذا الدمار الذي دفع بأبناء تلك البلاد إلى الرحيل والهجرة إلى مختلف بقاع الأرض، ولذلك في بداية كل عام ينقص أحد أفراد الأسرة على طاولة رأس السنة، وبمرور الأيام يختفي الاشخاص واحدا تلو الآخر، فتبقى الطاولة فارغة على حطام الوطن، فهنيئا لكم برأس السنة القادمة، وأدام الله اجتماعاتكم العائلية في المناسبات والأعياد”.