المربد .. مهرجان بلا شعر وبلا شعراء!
مهرجان المربد الشعري الذي شهدته البصرة منذ الاربعاء الماضي، وانتهى السبت، هل كان بمستوى حلمنا الثقافي؟ وهل مثّل الحضور النخب الشعرية والثقافية المحلية والعربية المأمولة، وهل خضعت الدعوات الى مناقشات موضوعية تتناسب مع “المربد” اسماً ومهرجانا، يُراد منه عكس صورة العراق الثقافي والشعري؟
انا لستُ من المدعوين، وهذا شأن ليس من حقي مناقشته، فلربما لدى من بيدهم امر ذلك، مبررات لا نعرفها، لكن من خلال متابعاتي وما وصلني من اتصالات من بعض الاخوة الادباء الذين شاركوا في المهرجان، يشي الى ان المهرجان لم يكن بمستوى التمني … ونظرة فاحصة الى اسماء (بعض) المشاركين، يتبين فقر حضورهم الثقافي والابداعي، وكانت مشاركتهم مجرد مجاملات لا غيرها.
ويتفق معي في رؤيتي الاخ الاديب عبدالامير المجر، حيث قال: “إن المهرجان ضعيف بالقياس إلى الدورات السابقة، وإن عددا كبيرا من القراءات الشعرية لم ترتق إلى مستوى المهرجان فضلا عن الأخطاء اللغوية التي جاءت على لسان الشعراء”.
كما يتفق الناقد بشير حاجم معنا فيقول عن المهرجان: “هناك عشوائية في الدعوات واكتظاظ في القراءات، وكثرة عدد القراءات في كل جلسة أثار نوعا من الملل وعدم الإصغاء”، منتقداً الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين لوقوفه متفرجا على هذا المستوى”.
وإذا ما اخذنا رؤيتنا ورؤية الآخرين على محمل الموضوعية خدمة لواقعنا الشعري والثقافي واحتراما لتاريخ هذا المهرجان وتجذره في ضمائر ووجدان الشعراء العراقيين والعرب والعالميين، فإن الحقيقة ومحبة العراق، تدعونا الى بسط النقاش لدراسة واقع المهرجان اسما وتاريخا وتأثيرا في عمق الوجدان الثقافي في بلدنا .
في مهرجانات كبيرة مثل “المربد” تبرز حقيقة الحقائق، رغم ان الكثيرين يحاولون تجاوزها، عن قصد او عن جهالة، وهي ان الادراك الثقافي كلما كان عميقاً، كان تفسيره أصعب، وكلما تعمق الاحساس بالأشياء، كان التحليل أقرب الى المنطق .. لكن ذلك لم يكن مع الأسف على اولويات معظم من تسلموا قيادة دفة سفينة المربد، لاسيما في دوراته الاخيرة، فتعاملوا معه وكأنه مهرجان لطلبة اعدادية !
في مهرجان هذا العام لم نلمس الاهتمام بالأسماء، فكانت ضعيفة وليس لها حضور في بلدانها ولا بالمحتوى والمضمون، فاستمعنا الى شعر بلا قصيدة، ومقولات لا تعقيبات، مما جعل الهشاشة تكون سيدة المهرجان !
وفي جلسات المربد الحقيقية، كنا نسمع الشعر ينثال من الجميع، والنقاش يدور ضمن خيمة الادب، وحكم المشاركين تطرق الاسماع في كل نقطة حوار، وخلال مشاركتي في مربد 1985، استمعتُ الى قصيدة لنزار قباني، كنتُ اتمنى ان نستمع الى رذاذ بسيط من معانيها .. قال قباني :
مواطنون دونما وطن
مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن
مسافرون دون أوراق .. وموتى دونما كفن
نحن بغايا العصر
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن
نحن جوارى القصر
يرسلوننا من حجرة لحجرة
من قبضة لقبضة
من مالك لمالك ومن وثن الى وثن ..
إلى آخر القصيدة.
بربكم هل استمعنا في مهرجان هذا العام الى مثل هذه القصيدة؟
ميدل ايست أونلاين