مكاشفات

هل تنجحُ “إسرائيلُ” في إبادةِ المستقبلِ الفلسطينيِّ؟!

د. محمد الحوراني

لم يعرفِ العالمُ ــ بشكلٍ خاصّ ــ في تاريخِهِ الحديثِ والمعاصرِ جريمةً استهدفَتِ النّساءَ والأطفالَ حتّى الأجنّةَ في بطون أمهاتهم، كتلك التي يقترفُها العدوُّ الصهيونيُّ بحقِّ الرُّضّع والأطفال والنّساءِ في فلسطينَ عموماً وفي غزّةَ خصوصاً، وهي الجرائم القائمة على الثقافة والفكر والتربية التلمودية التي يتشرّبُها أطفالُ الكيان الصّهيونيّ في بداياتِ حياتِهم، وفي مراحل تعليمِهم المبكّرة، وفقَ استراتيجياتٍ تربويّةٍ وتعليميّةٍ يُراد منها إذكاءُ الحقدِ وتعميقُ جذورِ الشَّرِ ضدّ الجميع، ولهذا فإنّ القارئَ للأدبيّاتِ الصّهيونيّة “الدينيّة والثقافيّة والتربويّة” يجدُها تحفلُ بمئاتِ الكتبِ والفتاوى؛ التي تُبيحُ قتلَ الأطفالِ والنّساءِ في فلسطينَ، بل وتعدُّ ذلك واجباً دينيّاً من أجلِ تخليصِ العالم من شرورِهم وإقامةِ الدّولةِ الدّينيةِ التّلمودية على أنقاضِ فلسطينَ، ولم يكن الحاخامُ (يتسحاق شابيرا) مديرُ مدرسةِ (يوسف مازال حيّاً) إلّا أحدَ المنظّرين ودُعاةَ القتلِ والإبادةِ إلى جانبِ الحاخام (يوسي إليتسور). لا بل إنّهما وضعَا كتاباً من أخطرِ الكتب الدّاعية إلى إبادة أطفالِ فلسطينَ ونسائها، وقد أوصى كبارُ الحاخامات والمنظّرين الصّهاينة باقتناء كتاب (عقيدة الملك) هذا والعمل بمضمونه وعلى رأسهم (يتسحاق غينز بورغ، دوف ليئور، يعقوب يوسف) وغيرهم، ويتضمّنُ الكتابُ تدريباتٍ عمليةً على كيفيّة قَتْلِ غير اليهوديّ؛ وفقَ عقيدةِ “تنفيذ الفرائض السّبع”، وفيه دعوةٌ إلى قتْلِ الرُّضَّع من الأطفال بحجّة أنهم يسدّون طريقَ النّجاحِ بوجودهم، وبالتالي فإنه لا بدّ من إفنائهم لأن قتلَهم هو السبيلُ الوحيدُ للانتصار على الأشرار، وفق عقيدتهم الزائفة.

ولما كانَتِ المدارسُ الدّينيّةُ اليهوديّةُ تمثّلُ أحدَ أخطرِ مراكز تفريخ الإجرام الصّهيونيِّ، فقد دعا رئيسُ (المدرسة الدينية) في مدينةِ يافا المحتلّةِ الحاخامَ “إلياهو مالي” إلى وجوبِ قَتْلِ جميعِ سكّانِ غزّةَ أيّاً كانَتْ أعمارُهم، بموجب الشّريعة اليهوديّة، وفي مؤتمرٍ عقدَتْهُ مدرسةُ (شيرات موشيه) يومَ الخميس ٧- ٣-٢٠٢٤، أكّدَ الحاخامُ “مالي” على وجوبِ تنفيذِ أوامرِ الجيش الصّهيوني بحذافيرهِا في قطاعِ غزّةَ، مُشدّدَاً على أنّ القانونَ الأساسيَّ في الحرب على غزّةَ هو “لن تعيشَ نفسٌ”، في دعوةٍ واضحةٍ وصريحةٍ إلى إبادةِ جميع سكّان غزةَ؛ لأنّ آباءَ هؤلاء الأطفال هم الذين صمدوا خلال الحروب السّابقة مع المحتلّ الصّهيونيّ، والنّساءُ هُنَّ مَنْ ربّينَهم، وبالتالي فإنه من الواجب قتلُ المستقبلِ أيضاً، وتحريضُ طلّابِ هذه المدرسةِ وغيرِها من الطلاب الذين سيخدمون في جيش الاحتلال الصهيوني على هذا المنهجِ والسلوك الإجراميَّينِ.

إذاً.. فمِمّا تقدَّمَ يُمكِنُنا القولُ: إنّ التربية والثقافة الصهيونية تقومانِ على عقيدةٍ تلموديّةٍ استئصاليّةٍ تُحرّضُ على إبادةِ الأملِ الفلسطينيِّ في عيونِ أطفال فلسطينَ، وقلوبِ أمّهاتِ الفلسطينيّينَ بقتلِهم والقضاءِ على أيِّ فرصةٍ ممكنةٍ للعيشِ في غزّةَ بعد الحرب، وهو ما قصدَهُ وزيرُ التّراثِ الصّهيوني بدعوته إلى إلقاء قُنبلةٍ ذريّةٍ على غزّةَ؛ بهدفِ إبادةِ أهلِها ومحوِهم من الخارطة، وفق رغبة عضو الكنيست الصهيوني “اسحاق كروزر”.

إنّ ما يمارسُهُ الكيانُ الصّهيونيُّ من وحشيّة فاقَتِ الخيالَ ــ بحقّ أبناءِ الشّعبِ الفلسطينيّ، وخاصةً النّساء والأطفال، ما هو إلا تطبيقٌ عمليٌّ للمناهجِ التّربوية والتّعليميّة التلموديّة القائمةِ على أنّ أبناءَ فلسطينَ من الأشرار المدنسين، الذين يستحيل الدخول معهم في علاقة أو الإبقاء عليهم على قيد الحياة، لأنهم لا يرتقون إلى درجة الإنسانية، وهو ما يؤكّدُهُ البروفيسور “أدير كوهين” في كتابه (وجوه غريبة في المرآة) الصادر عام ١٩٨٥م، وفيه تأكيدٌ على وجودِ أكثرَ من ١٥٠٠ كتابٍ مُوجّهٍ إلى الطفولة والناشئة معاً، تدعو إلى تكريس هذا النّهجِ الدّمويِّ الاستئصالي في التّعامل مع النّساءِ والأطفالِ في فلسطينَ، وصولاً إلى إبادة المستقبلِ الفلسطينيّ المتجذّر في قلوبِ أبناءِ فلسطينَ وفي عقولهم وعيونهم.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

زر الذهاب إلى الأعلى