المعارك تتكثف حول طرابلس قبل جلسة مغلقة لمجلس الأمن

 

تكثفت المعارك الأربعاء بين قوات المشير خليفة حفتر التي تتقدم نحو العاصمة الليبية، وقوات حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس، وذلك قبل ساعات من جلسة طارئة ومغلقة لمجلس الأمن الدولي حول ليبيا وأكد «الجيش الوطني الليبي» بقيادة حفتر السيطرة على معسكر تابع لقوات حكومة الوفاق الوطني يقع على بعد 50 كيلومتراً من العاصمة. وكتب المكتب الإعلامي لـ «الجيش الوطني الليبي» على صفحته على «فيسبوك»: «بعد معارك شرسة واشتباكات عنيفة شهدتها المنطقة المحيطة بمعسكر اللواء الرابع، عاد المعسكر لحضن الوطن وللقوات المُسلحة». وبحسب هذا البيان تم «أسر عدد من أفراد قوات حكومة الوفاق، كما صودر عدد من العربات والآليات التي كانت مصدراً للقذائف العشوائية».

ويبدو أن قوات حفتر تتقدم على محورين، من الجنوب وفي الجنوب الشرقي. لكن في الغرب تدافع قوات موالية لحكومة الوفاق عن الطريق الساحلي، فيما تواجه قوات حفتر في الشرق مقاومة مقاتلي مصراتة الموالين لحكومة الوفاق الوطني.

ويشهد مطار طرابلس الدولي، الخارج عن الخدمة منذ عام 2014 والواقع على بعد 30 كيلومتراً جنوب طرابلس، معارك أيضاً، بحسب صحافيين في وكالة «فرانس برس». والطريق المؤدية إلى المطار مقطوعة، ولا تشهد سوى تحركات لسيارات عسكرية تابعة لقوات حكومة الوفاق وبعض سيارات الإسعاف العائدة من الجبهات.

وتشهد مناطق تقع على بعد عشرات الكيلومترات جنوب شرق طرابلس أيضاً معارك، حيث يُسمع إطلاق كثيف للنار في منطقة عين زارة. وتحدث بعض السكان عن وضع قوات حكومة الوفاق سواتر ترابية لقطع الطرق والتقاطعات الرئيسية، مانعين المدنيين من مغادرة بيوتهم والمغادرة للاختباء في مكان آخر.

وقالت مواطنة من سكان عين زارة في اتصال مع وكالة «فرانس برس»: «عادت المعارك من جديد و بقوة. لا نجرؤ على مغادرة البيت لأنهم قطعوا كل الطرق بسواتر ترابية. نسمع الآن أصوات قصف قوية جداً».

وبحسب مستخدم في مجموعة «سيف باث» (المسار الآمن) التي شكّلت على «فيسبوك» عام 2016 وتضم الآن أكثر من 162 ألف عضو، فإن العديد من العائلات اتبعت المسارات الموجودة في المزارع صباح ا الأربعاء للخروج من عين زارة. وتخشى المنظمات الدولية أن يتحمّل السكان من جديد نتائج العنف في بلد غارق في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011. ونزح نحو 3400 شخص حتى الآن بسبب المعارك، وفق الأمم المتحدة.

وتقوّض هذه المعارك التسوية السياسية، بعدما تم إرجاء المؤتمر الوطني الليبي الذي كان مقرراً بين 14 و16 الجاري في غدامس. وكان من المفترض أن يسمح هذا المؤتمر، الذي تحضر له الأمم المتحدة منذ أشهر، بوضع «خريطة طريق» لإخراج البلاد من الفوضى.

وقال الممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتّحدة في ليبيا غسّان سلامة: «لا يُمكن لنا أن نطلب الحضور للملتقى، والمَدافع تضرب والغارات تُشَنّ». وسيشرح سلامة قراره أمام مجلس الأمن الدولي، الذي من المقرر أن يجتمع في جلسة طارئة ومغلقة اليوم الأربعاء حول ليبيا.

واتهم الناطق باسم «الجيش الوطني الليبي» أحمد المسماري حكومة الوفاق الوطني بـ»التحالف مع مجموعات مسلّحة متطرفة». وقال خلال مؤتمر صحافي في بنغازي إنّ «المعركة لم تعد في أيدي فايز السراج، بل أصبحت الآن في أيدي الإرهابيين»، ذاكراً خصوصاً جماعات مسلحة جاءت من مصراتة.

إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أنها أجلت أكثر من 150 لاجئاً من مركز اعتقال ليبي جراء الاشتباكات التي شهدتها العاصمة، مشيرة إلى احتمال وجود حاجة لإجراءٍ مماثل في مناطق أخرى. وجاءت هذه الخطوة في وقت يُواجه الأطراف المتحاربون ضغوطاً دوليّة متزايدة لوقف العنف الذي أودى بحياة عشرات الأشخاص ودفع الآلاف إلى الفرار.

وقالت المفوّضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في بيان: «في ضوء انعدام الأمن الحالي في العاصمة، قامت وكالة اللاجئين اليوم بنقل أكثر من 50 لاجئاً من مركز اعتقال عين زارة في جنوب طرابلس».

وأشارت المفوضية إلى أن مركز الاعتقال تأثّر بـ»احتدام الاشتباكات في الأيام القليلة الماضية»، مضيفة أن اللاجئين موجودون الآن في «منطقة آمنة» قريبة. وقالت المفوضية إن هذه المرة الأولى التي تتخذ فيها خطوة مماثلة منذ التصعيد الأخير في ليبيا.

وأعرب لاجئون من مركز عين زارة للمفوّضية عن «خوفهم وقلقهم على سلامتهم، في ظل القتال المستمر في الجوار وقلة الإمدادات المتوافرة لديهم». وتدرس الوكالة تقارير لحالات مشابهة في مراكز اعتقالات أُخرى للاجئين والمهاجرين، كما تعمل على تأمين عمليات نقل إضافية.

وأجبرت المعارك الآلاف من سكان طرابلس على الفرار من ديارهم. وأوضح سكان أن طائرات الجيش الوطني الليبي تحلق فوق طرابلس وتحدثوا عن أصوات اشتباكات في ضواحي المدينة. وقال أحد الجنود لـ»رويترز» إن قوات حفتر تشتبك مع القوات الموالية لرئيس الوزراء فائز السراج في المطار الدولي السابق للمدينة. وقالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 4500 من سكان طرابلس نزحوا، ومعظمهم يبتعدون عن مناطق القتال إلى أحياء أكثر أمناً في المدينة، لكن كثيرين آخرين محاصرون.

 

 

صحيفة الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى