تحليلات سياسيةسلايد

المغرب وألمانيا يتفقان على فتح حوار استراتيجي بعد أزمة عابرة

اتفق المغرب وألمانيا  على فتح حوار استراتيجي وإعادة إحياء اللجنة الاقتصادية للدفع بالتعاون المشترك في المجالين الاقتصادي والمالي وتعزيز الشراكة في مجموعة من المجالات منها الهيدروجين الأخضر والطاقة والاستثمار وتمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، فيما تأتي هذه التطورات في أعقاب أزمة دبلوماسية عابرة اتفق البلدان العام الماضي على تجاوزها وفتح صفحة جديدة في العلاقات قائمة على أساس الاحترام المتبادل.

وأجرى وزيرا الخارجية المغربي ناصر بوريطة والألمانية أنالينا بيربوك اليوم الخميس مباحثات ثنائية شملت العديد من القضايا الإقليمية والدولية، بينما تصدر تعزيز علاقات التعاون بين ألمانيا والمغرب في عدة مجالات المحادثات بين الجابين فيما تعتبر زيارة الوزيرة الألمانية للرباط الأولى من نوعها بعد أزمة دبلوماسية وصفتها مصادر مغربية بـ”العابرة”.

ودشنت برلين والرباط منذ العام الماضي جهودا لطي صفحة الخلافات بين البلدين والتأسيس لتعاون أوثق بعد نحو تسعة أشهر من الفتور في العلاقات ناجمة عن مواقف ألمانية عدائية تجاه قضية الصحراء المغربية.

وكانت الحكومة الاتحادية في ألمانيا برئاسة المستشار أولاف شولتس الذي خلف المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، قد عبرت العام الماضي عن رغبتها في تجاوز أزمة دبلوماسية مع المغرب بدأت في مارس/اذار ووصفتها بأنها سوء تفاهم وجب معالجته مع شريك مهم، مؤكدة حينها أن “ألمانيا حريصة على تجاوز سوء التفاهم والتوترات التي حصلت”، فيما رحبت المملكة بالموقف الألماني، مشددة على حرصها على علاقات وثيقة على أساس الاحترام المتبادل.

وبحسب بيان للخارجية المغربية على تويتر، قال وزير الخارجية المغربي في مؤتمر صحفي مع نظيرته الألمانية “تباحثنا حول مجموعة من القضايا الإقليمية سواء ما تعلق منها بمنطقة الساحل أو الشرق الأوسط أو قضية الصحراء المغربية، حيث لاحظنا تطابقا في وجهات النظر تُجاه تلك القضايا وفي هذا الصدد نحيي كل الأدوار والمواقف الألمانية ذات الصلة”.

وأشار إلى أن علاقات التعاون بين الرباط وبرلين تتميز “بالعديد من النقاط الايجابية لا سيما التعاون في قطاعات واعدة، من قبيل الهيدروجين الأخضر والتعاون الثلاثي الألماني-المغربي تجاه إفريقيا وتطوير الاستثمار والتبادل التجاري”.

وشدد بوريطة وبيربوك على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين مبنية على الوضوح والثقة والتعاون من أجل المصالح المشتركة وفق آليات جديدة.

وأعلنا في المؤتمر الصحفي الذي عقد بمقر وزارة الخارجية المغربية في الرباط في أعقاب زيارة رسمية للوزيرة الألمانية، رغبتهما في تطوير العلاقة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكامة، فيما جددت الوزيرة الألمانية دعوة كان وجهها الرئيس الألماني للعاهل المغربي الملك محمد السادس لزيارة ألمانيا.

وأثنت أنالينا بيربوك على الإصلاحات الهامة التي يباشرها المغرب في مجموعة من المجالات والدور المهم الذي يلعبه كشريك أساسي للاتحاد الأوروبي في شمال أفريقيا والقارة ككل.

وقال بوريطة من جهته “لدينا تطابق في العديد من الملفات سواء الخاصة بموضوع الصحراء المغربية أو منطقة الساحل والشرق الأوسط ومالي وليبيا وأوكرانيا، نحيي دور ألمانيا للدفع بالعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي إلى الأمام وخلق شكل جديد من التعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط”.

وذكر الوزير المغربي أن بلاده تتشبث دائما بالبحث عن حل لقضية النزاع في الصحراء المغربية داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وليس خارجهما دون تناقض في موقف المملكة الجدي والمطروح والقائم على أساس مقترح الحكم الذاتي (2007) تحت السيادة المغربية.

وعبر كذلك عن أسفه لما بدر من مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مؤخرا معتبرا أن تصريحاته “زلة لسان لا تعكس الموقفين الاسباني والمغربي” بخصوص ملف الصحراء.

وشددت الوزير الألمانية على أن هناك مجموعة من الحقائق التي تؤكد أهمية الشراكة بين البلدين والروابط الثقافية والتجارية التي تجمعهما والمتمثلة في إقبال المغاربة على تعلم اللغة الألمانية والشراكات المتعددة في التعليم العالي والتبادل السياحي المتنامي إضافة إلى الملفات التي تحظى بأولوية في مجالات الطاقات المتجددة وأزمة المناخ وتطوير الهيدروجين الأخضر والهجرة ومكافحة الإرهاب.

وتحدثت أنالينا بيربوك على ملف النزاع في الصحراء والذي شكل نقطة الخلاف والقطيعة الدبلوماسية في الأزمة الأخيرة، مشيرة إلى موقف بلادها المتطابق مع موقف الاتحاد الأوروبي والذي يراهن على المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة في إطار تعزيز فرص إيجاد حل دائم ومرضي لكل الأطراف على أساس مقترح الحكم الذاتي.

ومطلع مارس/آذار 2021، قطع المغرب علاقاته مع السفارة الألمانية في الرباط، جراء “خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية” (لم يوضحها آنذاك).

واستدعى في 6 مايو/ايار من ذلك العام، سفيرته لدى برلين زهور العلوي للتشاور بسبب ما وصفه بموقف ألمانيا “السلبي” بشأن قضية إقليم الصحراء و”محاولة استبعاد الرباط من الاجتماعات الإقليمية حول ليبيا”.

لكن حدث انفراج في الأزمة بإعلان الخارجية الألمانية، في 13 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن مخطط الحكم الذاتي يشكل “مساهمة مهمة” للمغرب في تسوية النزاع حول إقليم الصحراء.

والخميس شدد الطرفان على أهمية الشراكة والعمل المشترك لتعزيز الاستقرار في مالي وليبيا وبقية منطقة الساحل لتأثيرها الكبير على الاستقرار في بقية أنحاء العالم.

وأشار بوريطة إلى أن القارة الافريقية تعاني من تنامي الإرهاب في ظل وجود 12 مجموعة إرهابية “تستغل  حالة عدم الاستقرار لتطوير عملياتها في المنطقة بشكل ينعكس على شمال أفريقيا وأوروبا كذلك”.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية إن تواجد قوات بلادها في مالي إلى جانب بقية ممثلي المجتمع الدولي، “دليل على صعوبة الموقف في المنطقة لمواجهة التواجد الروسي المتزايد الذي يهدد إفريقيا في غذائها وأوروبا في أمنها وطاقتها”.

وكان المجلس العسكري في مالي قد منع الطائرات الألمانية ضمن بعثة الأمم المتحدة من التحليق في أجواء البلاد ما عطل سير عملياتها واضطرها لإعلان انسحابها في خطوة جاءت بعد توتر شديد بين المجلس وفرنسا التي اضطرت بدورها لإنهاء عملية برخان العسكرية بعد نحو تسع سنوات من انطلاقها ونقل مهمتها إلى النيجر.

وفي المقابل بدأت قوات من مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية في ملء الفراغ العسكري والأمني بعد انسحاب فرنسا وشركائها الأوروبيين من مالي.

 

 ميدل إيست أون لاين 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى