الموت يغيّب الأديبة والناقدة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي
غيّب الموت قبل ثلاثة أيام الشاعرة والأديبة والناقدة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي والتي تعد مترجمة وأكاديمية معروفة.
والجيوسي (1926 – 20 أبريل/نيسان 2023) وُلدت من أب فلسطيني وأم لبنانية في صفد الفلسطينية، ترعرعت في مدينة عكا وفي حي البقعة في القدس الغربية، وحصلت على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة لندن، ودرَّست في جامعات الخرطوم والجزائر، ثم سافرت إلى أميركا لتدرّس في عدد من جامعاتها إلى أن أسست عام 1980 مشروع “بروتا” لنقل الأدب والثقافة العربية إلى العالم الأنجلوسكسوني، وقد أنتجت “بروتا” الموسوعات وكتباً في الحضارة العربية الإسلامية وروايات ومسرحيات وسيرا شعبية وغيرها، كما نشرت شعرها في العديد من المجلات العربية وأهم دواوينها الشعرية: العودة من النبع الحالم 1960.
سلمى صبحي الخضراء الجيوسي ولدت في فلسطين، بعد نكبة 48 عاشت في الأردن، درست الثانوية في كلية شميت الألمانية بالقدس، ثم درست الأدبين العربي والإنجليزي في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم عادت إلى القدس وعلمت في “كلية دار المعلمات”.
حصلت على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة لندن ودرّست بعد تخرجها سنة 1970 في العديد من الجامعات العربية والأجنبية في الخرطوم، الجزائر، قسنطينة، يوتا في الولايات المتحدة الأميركية، ثم في جامعة مشيغان، واشنطن، تكساس. سافرت مع زوجها الدبلوماسي الأردني إلى عدد من البلدان العربية والأوربية، وأسست مشروعا كبيرا يقدم الثقافة العربية إلى الغرب فأنشأت عام 1980 مشروع بروتا للترجمة.
التجديد في الشعر: انخرطت سلمى في السجال الذي دار حول التجديد في الشعر العربي ضمن أسماء كبيرة منها أدونيس ومحمد الماغوط وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وصلاح عبدالصبور وجبرا إبراهيم جبرا. وقد نشرت شعرها في العديد من المجلات العربية.
وبخصوص الكتابة الشعرية تبنت سلمى موقفا متعددا ومتسامحا بحيث ردت على بعض المواقف التي تفرض شكلا جماليا في الشعر: “إصدار الأحكام المطلقة في الفنّ مسألة بالغة الخطورة، ولكننا نعرف أنّ أية ثورة كفيلة بدفع أبطالها إلى الحدود القصوى. أوزان الشعر ليست مسألة سهلة وفي متناول الجميع، والعديد من أصحاب الهوى الشعري لا يفلحون في امتلاكها والتمكن منها. ولكن، في المقابل، لا ينبغي لأيّ شيء أن يمنعهم من التعبير عن أنفسهم في الوسيط الوحيد المتبقي لديهم: النثر. ومن المُفقر لأيّ فنّ أن يحصر فضاء تعبيره”.
أما الحياة الخاصة للراحلة الجيوسي ولدت لعائلة مثقفة فوالدها هو المحامي والسياسي صبحي الخضراء، وجدها لأمها الطبيب يوسف سليم، وخالها فؤاد سليم، وخالتها الروائية جمال سليم.
وتتمثل أهم أعمالها في الموسوعات ومنها: “الشعر العربي الحديث” منشورات دار جامعة كولومبيا نيويورك 1987، “أدب الجزيرة العربية” نشر كيغان بول عام 1988 ثم جامعة تكساس 1990 و1994 التي ترجمت فيها لأكثر من ستين شاعرا من الجزيرة وأربعين قاصا، وكذلك “الأدب الفلسطيني الحديث” منشورات جامعة كولومبيا نيويورك 1992، 1993 و1994، و”المسرح العربي الحديث” بالاشتراك مع روجر آلن دار جامعة إنديانا 1995، و”الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس” الذي صدر في سنة 1992، و”القصة العربية الحديثة، 104 قاصاً”، ولها دراسة مطولة عن الشعر الأموي في المجلد الأول من موسوعة كمبريدج للأدب العربي.
وفي “تراث إسبانيا المسلمة” الترجمة إلى الإنجليزية: “الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي” للكاتب محمد عابد الجابري، “الصبار” لسحر خليفة، “الحرب في بر مصر” ليوسف القعيد، و”براري الحمى” لإبراهيم نصر الله، و”بقايا صور” لحنا مينا، و”الرهينة” للكاتب زيد مطيع دماج، و”امرأة الفصول الخمسة” للكاتبة ليلى الأطرش، و”نزيف الحجر” للكاتب إبراهيم الكوني، و”شرفة على الفكهاني” لليانة بدر.
أما في مجال الشعر، ترجمت إلى الإنكليزية عددا من دواوين الشعر إلى كل من أبي القاسم الشابي، فدوى طوقان، محمد الماغوط، نزار قباني وغيرهم، كما ترجمت العديد من السير الروائية والذاتية لأعلام الأدب العربي، ونشرت دار بريل (ليدن) كتابها “الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث” في جزأين عام 1977، وتُرجم الكتاب لاحقا إلى العربية.
وفي “الترجمة إلى العربية” ترجمت سلمى في مطلع الستينيات عددا من الكتب عن الإنجليزية نذكر منها: كتاب لويز بوغان “إنجازات الشعر الأميركي في نصف قرن (1960)، كتاب رالف بارتون باري “إنسانية الإنسان” (1961)، كتاب أرشبيلد ماكليش “الشعر والتجربة” (1962)، وأول جزأين من رباعيّة الإسكندرية للورنس داريل: “جوستين” و”بالتازار”.
ومن منجزها الشعري صدر لها: “العودة من النبع الحالم” 1960، وكُتب عن ديوانها الشعري مراجعات كثيرة.
وخلال حياتها الحافلة بالإنجازات حازت على جوائز عدة: جائزة شخصية العام الثقافية للدورة 14 من “جائزة الشيخ زايد للكتاب” تأكيدا لحضور المثقف الفلسطيني بشكل عام والمرأة بشكل خاص في المحافل الثقافية (2020)، وجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية (2007)، وجائزة سلطان بن علي العويس (2006)، ووسام اتحاد المرأة الفلسطينية الأميركية للخدمة الوطنية المتفوقة (1991)، ووسام القدس للإنجاز الأدبي (1990).