«النصرة» تخطط لاجتياحٍ في ريف حلب الغربي
شهد الأسبوع الجاري جولات كرّ وفرّ، تخلّلتها موجات تهدئة قصيرة (هيثم الموسوي)
من جديد، يستعصي صراع «الإخوة الأعداء» على كلّ محاولات الاحتواء. الحلقة الأحدث من سلسلة الاقتتالات «الداخليّة» كانت قد انطلقت في شباط الماضي، إبّان تشكيل تحالف جديد بين «حركة أحرار الشام الإسلاميّة» و«حركة نور الدين زنكي».
حمل التحالف اسم «جبهة تحرير سوريا»، واشتمل برنامج عمله على هدف واحد فقط «ردّ البغاة»، ما يعني في واقع الأمر التصدّي لـ«جبهة النصرة» واستنزافها تمهيداً لتقويض نفوذها.
وفي خلال الشهرين الماضيين، طُرحت مبادرات عدّة للصلح بين الطرفين، لكنّها لم تُفض سوى إلى اتفاقات تهدئة قصيرة الأمد، لم تلبث في كلّ مرة أن نُقضت وسط تبادل الاتهامات حول المسؤولية عن «نقض الاتفاقات وتقويض التوافقات». وبعدما شهد الأسبوع الجاري جولات كرّ وفرّ، تخلّلتها موجات تهدئة قصيرة، تجدّدت اليوم المعارك العنيفة بين «جبهة النصرة» من جهة، و«جبهة تحرير سوريا» من جهة أخرى. وانقسمت الجبهات النشطة على محورين أساسيين: أولهما ريف إدلب الجنوبي، وثانيهما ريف حلب الغربي. وتواترت في خلال الساعات الأخيرة أنباء عن اعتزام «النصرة» توسيع نطاق المعارك في ريف حلب الغربي وتحويلها إلى حملة اجتياح شاملة.
منذ تشكيلها حظيت «الزنكي» بحضور قوي في معظم قرى وبلدات الريف الغربي(هيثم الموسوي)
منذ صباح اليوم، تدور معارك طاحنة في محيط بلدة كفرناها (28 كيلومتراً غربي حلب) بين «النصرة» و«حركة نور الدين زنكي» التي تعد إحدى ركيزتي «جبهة تحرير سوريا» إلى جانب «حركة أحرار الشام الإسلاميّة». وتفرض «الزنكي» نفسها رقماً صعباً في معظم مناطق ريف حلب الغربي، وسبق أن حاولت «النصرة» قلب الموازين على هذا المحور من دون جدوى.
ومنذ تشكيلها حظيت «الزنكي» بحضور قوي في معظم قرى وبلدات الريف الغربي، مثل قبتان الجبل، والمنصورة، وخان العسل، وعنجارة. وتُعد بلدة كفرناها (محور النزاع الحالي) حدّاً فاصلاً بين مناطق سيطرة «الزنكي» ومناطق سيطرة «النصرة» الحاضرة بقوّة في «أورم الكبرى» (3 كيلومترات جنوبي غربي كفرناها). ومُنيت «النصرة» في الآونة الأخيرة بانكسارات متتالية في ريف حلب الغربي، ما يبدو دافعاً قويّاً لوضع خطط اجتياح مضادة.
وعلمت «الأخبار» أنّ اجتماعاً «مهمّاً» عُقد ظهر اليوم بين قادة عسكريين في «النصرة» ونظراء لهم في «الحزب الإسلامي التركستاني» لوضع مخطط هجوم شامل عبر فتح جبهات متزامنة على غير محور في الريف الغربي. في الأثناء، استمرّت الاشتباكات العنيفة في ريف إدلب الجنوبي، بين «النصرة» و«حركة أحرار الشام الإسلاميّة» و«ألوية صقور الشام» (متحالفة مع «تحرير سوريا» من دون أن تنضوي في صفوفها). وتركّزت الاشتباكات في تل جعفر (شمالي شرقي مدينة خان شيخون) إضافة إلى قرى كرسعا والفقيع وترملا. وأفلحت «حركة أحرار الشام» في استعادة ترملا والفقيع بعدما خسرتهما قبل أيام، فيما تستمر محاولاتها للسيطرة على كرسعا.
على صعيد متصل، تدور اشتباكات عنيفة بين «ألوية صقور الشام» و«جبهة النصرة» على تخوم بلدة إحسم وقرية مرعيان (جبل الزاوية في ريف ادلب) وسط محاولات «الصقور» المستمرّة للسيطرة عليهما. ويبدو لافتاً غياب أي حديث عن وساطات جديدة لوقف القتال، ما يترك الباب مفتوحاً أمام تصعيدٍ مستمر. ولا يبدو وضع حدّ نهائيّ لاقتتال «الجبهتين» أمراً وارداً، في ظل تجذّر الخلافات ودخول الصراع مرحلة «وجوديّة» وسط إصرار كلّ من الطرفين على تصفية الآخر.
وتعود جذور الخلافات إلى مرحلة أسبق بكثير من تشكيل «جبهة تحرير سوريا» التي سبق أن خاض كلّ من مكوناتها جولات داميةً ضدّ «النصرة» منفرداً. وأفلحت «النصرة» في حسم كلّ تلك الجولات لمصلحتها، قبل أن تتبدّل الحال مع تكتّل المجموعات الثلاث ضدّها، الأمر الذي أوصلها إلى حافة الانهيار لولا تدخّل مجموعات من «الحزب الإسلامي التركستاني» إلى جانبها.
صحيفة الأخبار اللبنانية