النص المسرحي العربي : مزمار الحي لايطرب
آية عماد الدبوسي
خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة :
بالتزامن مع اليوم العربي للمسرح الذي يصادف في العاشر من كانون الثاني (وهي المناسبة التي إرتبطت بحراك مسرحي مصدره مدينة الشارقة) أقيم في المركز الثقافي العربي في دمشق /أبو رمانة مساء يوم الاثنين لقاء بعنوان (النص المسرحي العربي .. مزمار الحي لايطرب) شارك فيه الناقد جان جوان ، الممثل و المخرج المسرحي هشام كفارنة الممثل يوسف المقبل .
وطرح في الندوة موضوع التوجه نحو النص العالمي في تقديم العروض المسرحية والتي كتبت بموضوعات وأحداث وشخصيات تناسب تفكير وقضايا الجمهور الموجهة له ، وكان السؤال : هل هذا سببه يعود إلى وجود أزمة نص مسرحي إستدعت الإستعانة بنص عالمي أم هي للإطلاع و تسليط الضوء على الأعمال العالمية ؟؟
الناقد جان جوان أجاب بأن المسرح لا تحده حدود فيمكن لكل الثقافات أن تستفيد من تجارب بعضها البعض وخير مثال على ذلك مسرح مارون النقاش الذي اعتمد على النصوص المترجمة في معظم ما قدم من اعمال ، لكن مسرح أبي خليل القباني أدرك أن الجمهور المقترن مع هذا الفن قد لا ينسجم ويتفاعل مع الاعمال المسرحية المترجمة والتي تعد بيئة غريبة عن بيئتنا فعمل على المسرحيات التي قامت بالاعتماد على التراث الشفهي سواء المكتوب أو المتوارث أو على الملاحم و قصص ألف ليلة و ليلة وبالإضافة لعدة محاولات بالاعتماد على النصوص الأجنبية و لكن بشكل محدود جدا ..
و في تجربة المسرح القومي للسنوات الخمس أو الست الأولى بدمشق كان الاعتماد بشكل أساسي ووحيد على الأعمال المترجمة خاصة أن رواد الإخراج في تلك الفترة كانوا من الأكاديميين الذين درسوا المسرح خارج سورية في أوروبا تحديدا و أحبوا أن يطلعوا جمهور المسرح السوري على نماذج من الأدب المسرح العالمي فقاموا بنقل هذه الأعمال إلى خشبة المسرح إلى أن بدأ النص المسرحي السوري بالتسلل إلى مسارحنا تقريبا منذ عام 1966 و استمر هذا الوضع إلى ما هو عليه الان..
وهناك عدة تجارب نقل فيها نص عالمي مترجم للمسرح السوري إما حرفيا أو إعادة لكتابة النص بما يتوافق مع البنية المحلية ، و بالتالي هناك العديد من الأعمال المسرحية السورية تحديدا المعتمدة على نصوص أجنبية و لكنها أخذت هويتها السورية من خلال الاقتباس التي قام بها إما الكاتب أو المخرج المسرحي .
المخرج هشام كفارنة أكد أن المسرح ذهب إفرنجي و لكننا نريده أن يكون مسبوكا عربيا فهو إرث عالمي يتناقله الناس في مختلف بلدان العالم بغض النظر عن بلد المنشأ ، و مواضيعه يمكن ان تلامس أي إنسان من أقصى الشرق لأقصى الغرب لأنها كثيرة و فيها من السمّو الكثير وحضوره يكاد يكون تراجيديا مرتبط بالصراعات و الملاحم لكن هناك بعض المسائل التي تدفع المخرجين إلى أن يقربوا النص و يشذبونه و يستبعدوا ألفاظه القاسية و الإسترسال و التخفيف من الحالة الشعرية التي قد تكون في كثير من الأحيان عبئا على درامانا المعاصرة و على كاهل العرض المسرحي .
و من هنا ولد جيل الرواد الذين أتحفوا المكتبة المسرحية سواء السورية أم العربية بنصوص ذات قيمة عالية و كان عددهم لا يتجاوز العشرة مثل سعدالله ونوس ، فرحان بلبل ، علي عقلة عرسان ، رياض عمصت ، و الذين وجدوا حوامل قدمتهم إلى الوسط الفني ليس في سوريا فحسب و إنما على مستوى الوطن العربي و تم تكريسهم ككتاب وحيدين حازوا الضوء كله ، وكان أغلبهم من الشعراء..
و المسرح على عكس الدراما التلفزيونية فلغته الشعرية تختلف عن المواضيع التي تقدمها الدراما التلفزيونية التي تعنى بالتفاصيل اليومية بلغتها البسيطة التي تشبه تماما لغة الشارع .
و يعترف الممثل يوسف المقبل ان أدب المسرح فن ثقافي مهم وإرث إنساني يسلط الضوء على النفس البشرية التي لا تختلف من مكان لأخر، و أنه لا توجد مشكلة في أخذ نص من أي مكان كان من العالم و تحويله وترجمته لعمل صالح للأداء لكن التعويل يكون على الإخراج الذي يلعب دورا أساسيا في جعل النص قابل للتقبل من المتلقي في المكان الذي يعرض فيه ، و أكد بأن أهم الأسماء التي صدّرها العصر الحديث في المسرح هي أسماء سورية و التي عملت في كل أنحاء العالم العربي
ورأى الممثل المذكور أن لا وجود لأزمة نص مسرحي أكثر مما هناك أزمة مسرح ففي دمشق و هي المدينة التي عمرها ألاف السنين لا يوجد بها إلا مسرحين فقط و هي عبارة عن أقبية بينما في باقي العواصم تقريبا التي تعنى بالتنمية الثقافة تُبنى المسارح بها في أماكن مميزة مشيرا بأنه لايجب تجاهل المسرح لما يحمله من قيمة ثقافية و إنسانية مهمة .
و اتفق المشاركون في الندوة على أن هناك عدة جوانب أدت لوجود أزمة المسرح منها مكان إقامة العرض المسرحي أو عدم تواجد ممثلي بشكل كبير يعملون به فأغلبهم ينصرفون للأعمال الدرامية أو متواجدين خارج البلاد بالإضافة أنه ليس من السهل تقديم أعمال ضخمة بسبب إرتفاع التكلفة خاصة خلال السنوات الثلاثة الأخير و لم تنعكس هذه الأزمة فقط على المسرح القومي بل أيضا على مسرح القطاع الخاص .