الهجرات المخططة
“وطن في حقيبة لا يتحول إلى حقيبة في …وطن”
__________________________________________
الهجرات عبر العصور يستغلها أناس يتاجرون بالبشر. والهجرات عبر العصور أنواع : لجهة الحجم، والأسباب، والمصائر. وثمة هجرات يجري تصنيعها والمبالغة في إظهار البربريات السياسية خلفها.
في هذه المعلومات، هنا ، ما يشير إلى ما بات مؤكداً حدوثه … إن هجرة اليهود كانت مخططة خارج منطقة الآلام. وجرى استثمارها.
أما هجرة المساكين العرب والسوريين خصوصاً هذه الأيام، فهي محض مأساة.
………………………
…في كانون الأول/ ديسمبر 1941 وصلت سفينة ماعز قديمة متهالكة موشكة على الغرق إلى ميناء استنبول حاملة 769 مهاجراً يهودياً غير شرعيين، لا يحملون تأشيرة دخول بريطانية من البلقان. فمنعتهم السلطات التركية من النزول. واقترحت السلطات البريطانية إرسالهم إلى أي مستعمرة بريطانية. لكن “الوكالة اليهودية” كانت مصممة على أن يذهب المهاجرون اليهود إلى فلسطين…وفي نهاية الأمر وافقت هذه السلطات على إصدار تأشيرات دخول للأطفال بين 11 و 16 سنة.
وفي 24 شباط/ فبراير 1942 أفرج عن السفينة. ولكن انفجاراً بعد ساعات حدث فيها. وغرقت ولم ينج إلا شخص واحد. وقد أعلنت “الوكالة اليهودية” أن الحادث كان “انتحاراً جماعياً” احتجاجاً على السلطات البريطانية. وبالتحقيقات التي أجريت ثبت أن وراء الانفجار منظمة “الأرغون” اليهودية، (منظمة مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل اللاحق) وكان الهدف إثارة الرأي العام ضد بريطانيا لإلغاء القيود المفروضة على هجرة اليهود إلى فلسطين”.
سفينة أخرى مورس عليها “الانتحار الجماعي” المزعوم هي “باتريا”. قتل فيها 240 مهاجراً يهودياً عام 1940 حيث رفض البريطانيون دخولهم إلى فلسطين وتقرر ترحيلهم إلى جزيرة “موريشيوس”. وفجأة ضرب جرس الإنذار، وطلب إلى الركاب أن يقفزوا إلى الماء طلباً للنجاة، ثم دوّى انفجار.
لسوء حظ “الأرغون” أن رساماً يهودياً يدعى “موشي أهاشيم” ذكر العام 1954 أنه شاهد رجلاً يصعد إلى السفينة، قبل إقلاعها، بشكل مشبوه، ثم ينزل منها بعد دقائق وهو يركض مبتعداً. ويقول الرسام أنه شاهد الشخص نفسه في إسرائيل لاحقاً. وعندما سأل عنه قيل له إنه يهودي من أصل مجري وقد قام بعمليات (!) رائعة خلال “حرب التحرير” عندما كان عضواً في “الأرغون”.
وثمة قصصاً عديدة. تتعلق بالغاية التي تبرر الوسيلة عند اليهود، من أبرزها مفاوضات بين مندوبي الوكالة اليهودية في المجر على مئة ألف يهودي في المعتقلات النازية يتم الإفراج عنهم في صفقة “الدولار” الواحد المشهورة…أي دولار عن كل رأس. وترفض الوكالة ليجري الحديث لاحقاً عن مذبحة تدفع اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين.
وعندما أمر “مناحيم بيغن” بتفجير فندق الملك داوود في القدس عام 1949 لم يستطع فك الاعتراض على التفجير، بسبب اسم النبي داوود، إلا بإدعائه أن الملك داوود جاءه في المنام وقال له: ” لا تتردد في صنع مجد إسرائيل. إن اسمي لا يعرف الطمأنينة إلا إذا كانت قلوبكم مطمئنة”…
وبعد أربع ساعات كان الفندق ينهار على حوالي ثلاثمائة نزيل ويقتلهم…
لا حاجة للبحث في تاريخ إسرائيل السري، لقد أصبح العديد من صفحاته علنياً. بل كله تقريباً ولا أحد يخجل منه، جيلاً وراء جيل. إن شعار هذا التاريخ هو التعريف الوحشي للسياسة في عقيدة الرواد الإسرائيليين ومنها:
“السياسة هي فن القوة”.
و “العالم لا يشفق على المذبوحين، ولكنه…يحترم المتحاربين”.
و “الأحذية الثقيلة هي التي تصنع التاريخ”.
و “ليس بالكلمات المدببة يكتب التاريخ. بل ينبغي غرس الأسنان المدببة في …جلد التاريخ”.