الهجوم على دمشق ما علاقة إسرائيل والسعودية ومصير استانه

شكل هجوم الفصائل المسلحة شرق دمشق على أحياء العاصمة ومحاولة اقتحامها فجر الأحد مفاجاه . إذ أن السنوات الست الماضية ثبتت حقيقة أن إسقاط دمشق أصبح وراء الظهور . وإن القوة العسكرية للفصائل ومعها الدعم والزخم الإعلامي والسياسي فشل .

في التوقيت قد يبدو الأمر مرتبطا بذكرى دخول الحرب عامها السابع ، إلا أن الحدث لا يمكن أخذه بالدلالة الرمزية ، إذا ما ارتبط بما حوله من ظروف سياسية وعسكرية على مستوى الإقليم فلتوقيتاتها أهمية تفوق رمزية تاريخ السنوات الست العجاف .

نسق جيش الإسلام الفصيل المشارك في مسار استانه وفيلق الرحمن مع جبهة النصرة واخرين لهذا الاقتحام ، هذا يعني أن الفصل بين جبهة النصرة ( فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وبقية الفصائل التي وافقت على المسار السياسي لم يحدث في شرق العاصمة وإنما التنسيق العسكري بينهم مستمر . وإن التزام ممثل هذه الفصائل والقيادي في جيش الإسلام محمد علوش بالفصل والتخلي عن النصرة في استانا لم يتم في أرض الميدان . هذه أول رسالة وصلت بريد روسيا في يوم الهجوم .

لابد الى الإشارة إلى أن هذا الهجوم سبقه مقاطعة الفصائل العسكرية لآخر جولة مفاوضات في استانه ، بعد أن وضعت شروط للحضور لم توافق عليها الأطراف كذلك لم تستجب هذه الأطراف لطلب محمد علوش تأجيل انعقاد استانه . المقاطعة حسب رئيس وفد الحكومة السورية جاءت بقرار إقليمي . يومها تساءل عشرات الصحفيين في جنيف ماهو البديل ماذا سيحدث ؟؟

ليس خافيا هنا أن فصائل أستانه تتعرض لضغوط إذ وجدت نفسها محل تخوين من قبل أكبر فصيلين على الساحة السورية الآن ( هيئة تحرير الشام بقيادة النصرة ) و( حركة أحرار الشام المقربة من الإخوان المسلمين ) . وهذه الأخيرة كانت قد باركت مسار استانه دون المشاركة فيه عند بدئه ، حتى ظهر قبل يومين زعيمها ( أبو عمار العمر ) ليدين المسار ومن شارك فيه . تلك تبدو مؤشرات على فرملة أخوانية للمسار برمته دون إعلان صريح .

قد يكون جيش الإسلام أراد أن يقول انه مازال في معسكر القتال ضد النظام رغم انخراطه بمسار الحل واللافت انه على الرغم من تخوين النصرة لمن شارك في استانه إلا أنها مازلت تقاتل بالتنسيق مع تلك الفصائل ، كانت معارك عين الفيجة نموذجا واليوم محاولة اقتحام العاصمة تكرار للنموذج .

نفى علوش بعد الهجوم أن يكون ما حدث معناه انتهاء الحل السياسي، ولكن هل سينظر الطرف المقابل ( روسيا ، ايران ، وسوريا ) إلى هذه التصريحات بجدية ، بعد أن صدت هجوم علوش والنصرة المباغت على العاصمة لساعات ، وبعد أن سقطت مئات القذائف على الأحياء خلال الهجوم . وبعد غياب علوش عن استانه . ومشاركته النصرة في الميدان .

سترد هذه الأطراف بتقديرنا بذات الطريقة أي أنها ستؤكد على الالتزام بالحل السياسي، ولكنها ستذهب إلى توسيع عمليات درع العاصمة . ستشكل مفاجاه الهجوم على العاصمة فرصة لدمشق وحلفائها لاستمرار التقدم في مناطق سيطرة الفصائل التي تصنف معتدلة . والأيام المقبلة ستكون كفيلة بتأكيد هذا الرأي .

القيادة السورية ربطت هجوم الفصائل على العاصمة بالغارات الإسرائيلية التي حدثت قبل يوم من الاقتحام ، والقرار السياسي السوري بالتنسيق مع محور الحلفاء بالرد المباشر على الاعتداءات الإسرائيلية . التوقيت المتقارب لافت فعلا ومحير . ويفتح مجالا لقراءة الحدث العسكري في المجال الإقليمي ككل .

فهل أقدمت الفصائل على هذا الاقتحام الخطير بقرار ذاتي أم هو قرار حلفائها في الإقليم أو أحدهم على الأقل .

لايخفى على أحد أن جيش الإسلام المشارك الرئيس في محاولة اقتحام العاصمة مقرب من السعودية ، الأخيرة زار ولي ولي عهدها محمد بن سلمان واشنطن ، الرياض متهمة بالتنسيق سرا مع إسرائيل ( هذا ما يقوله القادة الإسرائيليون علنا ) .

من واشنطن صرح أحد أعضاء الوفد المرافق لأبن سلمان من دون مناسبة أن معركتنا في سوريا خاسرة . فلماذا يقوم حلفاء السعودية في سوريا إلى إعادة الأمور إلى مربع الخيار العسكري من بوابة العودة إلى طرق أسوار العاصمة دمشق من جديد وفي طقس التصعيد بين سوريا وإسرائيل ؟ السؤال الأهم هل هو حادث عسكري يتيم ومحاولة يائسة أم بداية مسار لخطط جديدة رسمت في عواصم القرار ، ستغير مجريات الحرب في سوريا ؟؟ .

الواضح الان ان القيادة السورية والمعارضة ستذهبان على وقع النار إلى جنيف واستانه أن عقدت . معارك ستفتح في ادلب قريبا وحول دمشق معركة جوبر والغوطة الشرقية ومخيم اليرموك ، اضافة الى معركة التوازنات والاحجام حول الرقة ، سيكون صوت الميدان في القادم من الأيام أعلى من سواه .

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى