الهوية .. المنتهية الصلاحية … !!
الهوية .. المنتهية الصلاحية …تجسدت أحلام الشعوب العربية منذ أمد طويل بالوقوف على أبواب السفارات وطلب الهجرة والرحيل الى بلدان اوروبا الشرقية والغربية والأمريكيتين ودول الخليج العربي الجاثمة على بحيرات من النفط والمال .. فسخر عرب الشرق وأفريقيا جهودهم وطموحاتهم من أجل السفر الى هذه الدول للعمل وجمع المال الكافي ليعيشوا حياة مقبولة ، أو يعودوا الى أوطانهم في لحظة ما لبناء حياة تليق بمغترب يملك المال.
حتى حلم الهجرة كان هاجساً عند الكثير من عرب الخليج الذين ذهبوا صوب الغرب الأوروبي والأمريكي هرباً من تضييق العادات والتقاليد وبحثاً عن انطلاقة حرة كما كانت تسوقها الأفلام الأجنبية والاعلام العالمي عن الفرق الواضح بين حياة الحرية والديمقراطية والرفاهية التي يعيشها الغرب وأمريكا وحياة القمع والانطواء تحت سلطة المجتمع والعائلة التي يزرح تحتها المجتمع العربي .. فأصبحت الهجرة والسفر والرحيل سواءً بحثاً عن فرص عمل حقيقية أو للا ستقرار والعيش في أحضان الغرب المتحرر اقصى طموحات الشباب العربي ورمزاً للحرية والانطلاقة .. فعودة البعض من الخارج حاملا” معه أفكار الغرب وعاداته وتطوره كانت ولا زالت شهادة تفوق وامتياز معنوي يمنحها المجتمع لهذا المغامر المقدام الشجاع وتنظر اليه على انه الأفضل والأميز.
ثقافة التفوق الغربي .. عقدة المواطن العربي .. كرستها أنظمة الاستبداد وعادات المجتمع وتقاليده التي حافظت على سيطرة الأب وتحكم الأسرة والمجتمع وقائمة الممنوعات والمحرمات التي ترافق الطفل العربي منذ ولادته وتنمو معه في المدرسة والأسرة والمجتمع .. تعيق تطوره وانطلاقته وابداعه. هذا من ناحية .. ومن ناحية اخرى هناك فساد الدولة حيث التطور والمناصب والترقية محسوبة لجماعة السلطة ومتذلفيها .. وليس لمن يستحقها والأجدر بها.
اضافة الى حكم الاستبداد والفساد والمحسوبيات، فان حالة عدم الاستقرار في المنطقة العربية القائمة على نزاعات داخلية طائفية قبلية عشائرية، وحروب متواصلة باردة تارةً وحارة تارةً أخرى، إضافة للفقر واحتكار الثروات وسوء توزيعها وعدم احترام المواهب والعقول مما دفع بالشباب للبحث عن مجتمعات مستقرة يؤسسون فيها مستقبلهم دون خوف عليه وعلى أطفالهم من حالة اللاستقرار التي يتعرضون لها في أي لحظة في بلدانهم نتيجة غياب الحرية والديمقراطية الحقيقية وسيطرة النزعات العشائرية القبلية، ووجود نظام مستبد خانق يتحكم بمصيرهم ومستقبلهم .
حقائق لا يمكن إغفالها دفعت الشباب العربي للهجرة فخسرتهم أوطانهم وكسبهم الغرب. لقد أصبحت الهجرة حلم الشباب العربي الباحث عن مستقبل يليق به ومجتمع يقدر إبداعه وتفوقه كونه انسان حر قبل كل شيء في دول لا تقيم للمحسوبيات والولاءات أي معنى و تحترم حق الانسان في أن يأخذ فرصته وينطلق. واليوم مع بزوغ فجر جديد في امكانية خلع الأنظمة الديكتاتورية المستبدة ونشر ثقافة الحرية والديمقراطية الحقيقية عاد الأمل الى الشباب العربي في أوطانهم .. ليتجدد الانتماء من جديد بقوة الايمان والعمل لبناء وطن طالما حلموا به .. ليختصر طموحاتهم .. ولكن ما حصل من صعود للتيارات اسلامية متطرفة ركبت موجة الثورات العربية وصعدت على أكتاف شبابها ….والنزاعات الطائفية والعشائرية في كل من العراق واليمن وسوريا ولبنان، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار الأمني دفعهم من جديد الى التفكير في الهجرة هرباً من واقع أليم بسبب ظهور أشكال جديدة من العنف والقمع والاستبداد واللاستقرار.. واقع يفرض نفسه بقوة على مستقبلهم .. هذه القوة المعمرة العظيمة تخسرها اوطانها من جديد … فالى متى ستبقى الجنسية الثانية حلم كل من يعيش في بلدعربي والهجرة هي أقصى طموحاته .. ؟؟!! سؤال برسم أنظمة الربيع العربي ..التي لم ترق حتى اليوم الى مستوى حلم الشباب العربي
وتضحياته من أجل ثورة الحرية والكرامة … ومن أجل وطن أفضل لهم …! وما تزال الثورة مستمرة.