تحليلات سياسيةسلايد

اليمن يرتّب خياراته: قواعد جيبوتي الغربية في المهداف

رشيد الحداد 

منذ 17 تشرين الأول الفائت وحتى السبت الماضي، نفّذت قوات صنعاء الجوية 12 عملية عسكرية ضد أهداف في أم الرشراش (إيلات) المحتلة، ونحو 13 عملية ضد سفن إسرائيلية أو متّجهة نحو موانئ الاحتلال. لكنها لم تهاجم أيّ قاعدة عسكرية في جيبوتي التي تحتضن عدداً كبيراً من القواعد التابعة لدول التحالف البحري الجديد، رغم أنها نفّذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى قاعدة إسرائيلية في أرخبيل دهلك الإريتري، على بعد أكثر من 200 كيلومتر من السواحل اليمنية الغربية، والثانية استهدفت قاعدة استخبارات إلكترونية إسرائيلية متقدّمة في أعلى قمة جبل أمبا سوير الواقع خارج أسمرة، عاصمة إريتريا، والذي تتّخذ منه القوات الإسرائيلية مركز مراقبة للحركة الملاحية في البحر الأحمر منذ عام 2006، ويمثّل أحد المصادر الاستخباراتية التي تراقب أنشطة حركة «أنصار الله» في ذلك البحر.

وفي أعقاب تنفيذ تلك العملية، كان هناك ترقّب شعبي في صنعاء لتصاعد الهجمات على القواعد الأميركية والفرنسية والبريطانية المتواجدة على الضفة الأخرى من البحر الأحمر في جيبوتي، بالتزامن مع تصاعد هجمات حركات المقاومة في العراق وسوريا، والتي شنّت حتى منتصف الأسبوع الجاري، أكثر من 100 هجوم على قواعد أميركية. وما رجح ذلك أن عامل الجغرافيا يُسهم في تأثير أي عمليات توجّهها صنعاء ضد القواعد الأجنبية في جيبوتي القريبة نسبياً. وكانت مثل هذه العمليات لتكون أكثر جدوى، وفق مراقبين، باعتبار أنها لا تكلّف القوات اليمنية صواريخ وطائرات مُسيّرة بعيدة المدى من مثل التي أطلقتها على إسرائيل.

إلا أن قوات صنعاء، بعد إعلان التحالف البحري، أدخلت القواعد العسكرية الأميركية والبريطانية والإيطالية والفرنسية والإسبانية في جيبوتي في بنك أهدافها، وفق ما ذكرت مصادر عسكرية لـ«الأخبار»، مضيفة أن «القوات المسلحة لديها أكثر من خيار للرد على أي اعتداء قد تتعرّض له من قبل التحالف الجديد، وهي خيارات ستطاول الوجود الأجنبي في دول مشاطئة تتواجد فيها قوات تابعة للدول المشاركة في العدوان عليها». وإلى جانب القوات التي دفع بها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية، في 19 تشرين الأول الفائت، والمتمثّلة في أكثر من ثلاثة آلاف بحار وجندي أميركي، إلى الشرق الأوسط، ودخول السفينة الهجومية البرمائية «باتان» وسفينة الإنزال «كارتر هول»، البحر الأحمر عبر قناة السويس، تتواجد قاعدة عسكرية أميركية في جيبوتي، تم إنشاؤها عام 2007، وهي مسؤولة عن العمليات العسكرية، وتقوم بتقديم مهام لوجستية للقوات البحرية الأميركية، وتضم المئات من العناصر، وتُعدّ مقراً لقوات «أفريكوم» التي كُلّفت بمراقبة المجالات: الجوي والبري والبحري لعدد من الدول المشاطئة للبحر الأحمر ومنها اليمن.

الهجمات على القواعد أكثر جدوى وأقل كلفة لصنعاء من الصواريخ والطائرات المُسيّرة البعيدة المدى التي أطلقتها على إسرائيل

وتضاف إلى تلك، قاعدتان عسكريتان تابعتان للقيادة المركزية الأميركية، الأولى هي «باليدوغل» الجويّة في محافظة شبيلي السفلى التي قرّر الرئيس جو بايدن تعزيزها بـ500 جندي لمساعدة القوات الحكومية في الصومال، والأخرى في إثيوبيا وتسمى «أربا مينش» الجوية للطائرات بدون طيار، وأُسّست عام 2011. من جهتها، تحتفظ فرنسا بأكبر قاعدة عسكرية أجنبية لها خارج حدودها في جيبوتي، وينتشر فيها نحو 1500 جندي يقومون بمهام «مكافحة الإرهاب» وحراسة الممرّات البحرية القريبة. وتضم القاعدة التي يُطلق عليها «القاعدة العملياتية المتقدّمة» طائرات هليكوبتر ومجموعة طائرات «ميراج» مقاتلة، بالإضافة إلى معدّات ثقيلة لدعم وحدات المشاة. وتستضيف باريس في هذه القاعدة منذ عام 2014، وحدات ألمانية وإسبانية وهيئة الدعم اللوجستي المشتركة في القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي الكائنة في الصومال، والتي يُطلق عليها «عملية أطلنطا» التي تم إطلاقها في كانون الأول 2008، وذلك في إطار السياسة الأوروبية المشتركة للدفاع والأمن وحماية الممرات المائية. وتمتلك إيطاليا التي تشارك في التحالف البحري، بدورها، قاعدة الدعم العسكري الوطنية الإيطالية الكائنة بجوار مطار جيبوتي الدولي منذ عام 2013، والتي تقوم بمهام دعم النشاط البحري الإيطالي في المنطقة لحماية السفن التجارية العابرة إلى المحيط الهندي. كما تقوم بتسيير دوريات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب بشكل رويتني، وتمتلك نحو 300 جندي بحري وعدداً من الطائرات بدون طيار. وتقوم القوات الإيطالية بمشاركة نحو 50 جندياً إسبانياً يتواجدون في القاعدة الفرنسية في جيبوتي، بنشر دوريات بحرية وطائرات دورية بحرية واستطلاعية في جنوب البحر الأحمر.

أما بريطانيا التي دفعت بالبارجة «دايموند» إلى البحر الأحمر، فلها حالياً ثلاث سفن عسكرية في خليج عدن والفرقاطة «لانكستر»، فضلاً عن قاعدة في الصومال، وتواجد عسكري محدود في مطار الريان في محافظة حضرموت، وفي مطار الغيضة في محافظة المهرة شرقي اليمن.

 

صحيفة الاخباراللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى