اقتصاد

انهيار ثلاثة بنوك أميركية يشيع مخاوف من أزمة مالية جديدة

أرخى انهيار ثلاثة بنوك أميركية بظلال ثقيلة على أداء القطاع المصرفي والبورصات الأوروبية، بينما هبطت أسعار النفط أربعة دولارات، فيما تسود مخاوف من أزمة مالية جديدة.

لكن الرئيس الأميركي جو بايدن طمأن الأميركيين الاثنين بأن نظامهم المصرفي آمن في أعقاب الانهيار المفاجئ لبنك سيليكون فالي ووضع بنك آخر تحت الإدارة العامة الفدرالية.

وقال بايدن في تصريحات متلفزة من البيت الأبيض “يمكن للأميركيين أن يثقوا في أن النظام المصرفي آمن. ودائعكم ستكون موجودة عندما تحتاجون إليها”.

وأعلن أن النظام المصرفي الأميركي “آمن”، متعهدا بتشديد اللوائح المصرفية بعد اضطرار الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة إلى التدخل بسلسلة من الإجراءات الطارئة على اثر انهيار بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر، فيما ينذر بوقوع أزمة أوسع.

وأشار بايدن إلى أن مديري البنوك سيقالون وسيخسر المستثمرون أموالهم. وقال “لقد خاطروا عن علم، وعندما لا تكون قادرا على التعامل مع المخاطر… تخسر الأموال. هذه هي الطريقة التي تعمل بها الرأسمالية”.

كما تعهد بوضع لوائح تنظيمية جديدة بعد أكبر واقعة انهيار لبنك أمريكي منذ الأزمة المالية عام 2008. وقال “سأطلب من الكونغرس والجهات التنظيمية المصرفية تشديد قواعد عمل البنوك لتقليل احتمال حدوث هذا النوع من الإخفاق المصرفي مرة أخرى، وحماية وظائف الأميركيين”.

وكانت الإدارة الأميركية تدخلت أمس الأحد بسلسلة من تدابير الطوارئ لتعزيز الثقة في القطاع المصرفي. وبعد مطلع أسبوع حافل بالأحداث، قالت الجهات التنظيمية إن عملاء البنك المفلس سيتمكنون من الوصول إلى ودائعهم بدءا من اليوم الاثنين كما أنشأت الجهات التنظيمية منشأة جديدة حتى يمكن للمصارف الحصول على تمويلات الطوارئ. كما اتخذ المركزي الأميركي قرارا للتيسير على البنوك الاقتراض منه في حالات الطوارئ.

وتحركت الجهات التنظيمية بسرعة أيضا لإغلاق بنك سيجنتشر الذي يتخذ من نيويورك مقرا له والذي تعرض لضغوط خلال الأيام القليلة الماضية.

وعمت المخاوف البورصات مجددا بعد إفلاس ثلاثة بنوك أميركية، فيما واصلت البورصات الأوروبية تراجعها الاثنين مسجلة أسوأ جلسة في السنة على وقع المخاوف من انتشار عدوى إفلاس ثلاثة بنوك أميركية إلى القطاع المصرفي الأوروبي.

وبدأت المداولات في البورصات الأوروبية بصورة شبه مستقرة بعد إعلان تدابير استثنائية في الأسواق الأميركية لكنها هبطت بعد ذلك وبلغ التراجع قرابة الساعة 9:50 بتوقيت غرينيتش 2.33 بالمئة في باريس و2.41 بالمئة في فرانكفورت بعدما خسرت أكثر من 3 بالمئة و2.01 بالمئة في لندن و4.18 بالمئة في ميلانو.

وفي آسيا تراجعت بورصة طوكيو 1.11 بالمئة لكن في شنغهاي ارتفعت 1.20 بالمئة وفي وهونغ كونغ 1.95 بالمئة.

وقال ليونيل ميلكا من شركة سوان كابيتل “لقد نسينا مدى اعتماد النظام المصرفي على الثقة”، مضيفا “تبدو البنوك الكبرى فقط مأمونة”.

ويبدو أن الثقة مهتزّة في البنوك الإقليمية الأميركية بعد ثلاث حالات إفلاس في الأيام الأخيرة لبنك سيليكون فالي وبنك سيغناتشر وبنك سليفرغايت.

واتخذت السلطات الأميركية العديد من الإجراءات خلال نهاية الأسبوع لمحاولة استعادة الثقة في النظام المصرفي الأميركي وتجنب عمليات السحب الضخمة للودائع التي قد تزيد من إضعاف هذه المؤسسات.

ومن بين الإجراءات التي تم الإعلان عنها الأحد ضمان السلطات خصوصا سحب جميع الودائع من بنك سيليكون فالي المفلس. كما وافق الاحتياطي الفدرالي الأميركي على إقراض الأموال اللازمة لبنوك أخرى قد تحتاجها لتلبية طلبات السحب من عملائها.

وقال المحلل في منصة “آي جي” ألكسندر باراديز “إنها ليست خطة إنقاذ فدرالية لكنها توفر ضمانات” من أجل “العثور على مشترين بسرعة”، مؤكدا وجود “مرحلة توتر” في الأسواق وإن كان الوضع في رأيه بعيدا عما حصل عام 2007.

كما كان الحال الجمعة، واصلت المصارف الأوروبية تراجعها الاثنين لا سيما المصارف التي تعتبر أقل متانة من غيرها، فخسر مصرف كريدي سويس 9.90 بالمئة مسجلا أدنى مستوياته التاريخية، فيما خسر كومرتسبنك 12 بالمئة وبي إن بي باريبا 5.29 بالمئة وسوسييتي جنرال 5 بالمئة.

أما بنك اتش إس بي سي الذي تراجعت أسهمه بنسية 3.58 بالمئة، فقد أعلن صباح الاثنين عن شراء الفرع البريطاني لبنك سيليكون فالي مقابل جنيه استرليني واحد، ما يسمح للزبائن “بالوصول إلى ودائعهم وخدماتهم المصرفية بشكل طبيعي”.

وهذه الأزمة في القطاع المصرفي “تغير المعطيات بشأن توقعات الاحتياطي الفدرالي”، كما يؤكد إيبيك أوزكاردسكايا من بنك سويسكوت.

وساهمت الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة خلال العام الماضي لكبح التضخم في إضعاف البنوك وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

وقد تقنع الأحداث الأخيرة مسؤولي الاحتياطي الفدرالي الأميركي بإبطاء الإيقاع في اجتماعهم القادم في 21-22 مارس/اذار.

وبعدما كانت غالبية المستثمرين تترقب تواصل الرفع الحاد في أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 0.5 نقطة مئوية، يبدو الآن أن هذا الخيار صار مستبعدا.

وانخفضت أسعار الفائدة للسندات السيادية في السوق الاثنين. وبلغت نسبة الفائدة على القرض الأميركي لمدة 10 سنوات 3.50 بالمئة مقابل 3.70 بالمئة الجمعة عند الإغلاق، بينما بلغت فائدة السندات الألمانية في نفس تاريخ الاستحقاق 2.21 بالمئة مقابل 2.50 بالمئة عند الإغلاق الجمعة.

وتراجع الدولار مقابل العملات الأخرى اذ ارتفع اليورو 0.27 بالمئة إلى 1.0672 دولار والجنيه 0.45 بالمئة إلى 1.2085 دولار.

وانتعشت عملة بيتكوين بنسبة 2.43 بالمئة إلى 22.010 دولار للوحدة، ما أدى إلى محو الكثير من الخسائر التي أعقبت الإعلان عن صعوبات بنك سيليكون فالي.

وتراجعت أسعار النفط اليوم الاثنين أربعة دولارات وكذلك الأسهم، إذ أثار انهيار بنك سيليكون فالي مخاوف من حدوث أزمة مالية جديدة، لكن انتعاش الطلب الصيني قدم بعض الدعم.

وأدت المخاوف من توالي الأزمات في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي إلى عمليات بيع في الأصول الأميركية بداية الأسبوع، في الوقت الذي أغلقت فيه الجهات التنظيمية الحكومية بنك سيجنتشر ومقره نيويورك أمس الأحد.

وتراجع قطاع البنوك على المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 5.7 بالمئة بعد أن خسر 3.8 بالمئة يوم الجمعة.

وكانت معنويات السوق هشة فعلا إذ زادت المخاوف من توجه مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى مزيد من التشديد النقدي بفعل ارتفاع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة، حسبما قال محللون في ‘إيه.إن.زد بنك’ في مذكرة صباح الاثنين.

وتراجع الدولار في الأيام القليلة الماضية مما يجعل النفط أرخص بالنسبة لحملة العملات الأخرى مما يدعم أسعار الخام.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى