بابا نويل السوري !

ارتديت ثوب بابا نويل الأحمر والأبيض..

كان واسعا فضفاضا على جسدي، رغم أنني تجاوزت المائة كيلو غرام ..

وضعت القبعة، وألصقت القطن الأبيض على ذقني ، وعلقت القناع برباطين مطاطيين يلتف كل واحد حول أذن من أذنيّ ! حملت كيس الهدايا، وقلت: ياجبار..

مشيت في الحارة .. وفكرت : ((أزور أولاد الحارة في رأس السنة، وأقدم لهم في الكيس الذي أحمله قطعا من الشوكولاه ، وهدايا اشتريتها لهذه الغاية ..)) . وضعت الكيس على ظهري في يدي اليمنى، ورفعت الجرس في يدي اليسرى ، وصرت أقرع الجرس !

مضت عدة دقائق ..

لم أجد في الطريق سوى الليل والبرد وصوت طلقات رصاص بعيد.. ورأيت عدة رجال ونساء يسترقون النظر إلي ويهربون ..

دخلت في حارة قريبة ، وفكرت أن أطرق الأبواب ، وأقدم الهدايا للأطفال ..

صعدت درجا قاسيا .. هززت الجرس قبل أن أهم بقرع الباب. خرج طفل صغير بفضول. كان يحمل مصباحا يدويا صغيرا .. قال لي :

ــ أنت بابا نويل ؟! فقلت له :
ــ نعم . أنا بابا نويل ..
فسألني بلهجة تشكيك واضحة:
ــ ماذا تحمل في الكيس؟ ما أدراني أن يكون فيه قنابل ؟!
أجبته بارتباك :
ــ لا .. لا تخف .. ضع يدك في الكيس .. تجد الكيس مليئا بالشوكولاه !

تراجع الطفل سريعا، وقال :

ــ لابد أن الكيس ملئ بالعقارب .. !

خفت من ظنونه . وضعت الكيس جانبا ، وفتحته .. توددت إليه، وصرت أبحث عن الأشياء التي وضعتها فيه وأكشفها ..

اطمئن الطفل ، واقترب مني خطوة واحدة . قلت له :

ــ خذ . خذ ما تشاء .. هدايا وشوكولاه ..

نظر إلي برجاء . ثم بتردد. ثم بخوف ، ثم صاح :

ــ بالتأكيد فيها سم . أنت تريد أن تقتل الأطفال . أنت لست بابا نويل .

وهجم علي . رماني أرضا . نزع القناع عن وجهي .

ــ يا إلهي .. قلت لاهثا ..

تقابل وجهانا . كنا خائفين من بعضنا البعض . هز رأسه وهو يرتعد :

ــ قلت لك أنك لست بابا نويل ..

هززت رأسي وأنا أرتعد :

ــ نعم لست بابا نويل ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى