باب جهنم فُتح على إسرائيل
تعيش دولة الاحتلال الإسرائيلي حالة غير مسبوقة من التخبط والأزمة الأمنية المتصاعدة التي لم تمر بها منذ سنوات طويلة، بفعل تعاظم كرة الغضب الفلسطينية، التي طالما غذتها سياسات حكومة الاحتلال المتطرفة والعنصرية باستهداف الفلسطينيين من قتل وإعدام بدم بارد وتشريد وتهجير وسرقة للحقوق الإنسانية.
إسرائيل الآن لا تعرف من أين تأتيها الضربات، فكل الضفة والقدس وحتى المدن المحتلة وقريبًا غزة، باتت جميعها مسرحًا للعمليات البطولية التي كلفت الاحتلال أكثر من 11 قتيلا وعشرات الإصابات خلال أسابيع قليلة فقط، فيما تعاني أجهزتها الأمنية من حالة عُقم وتخبط فتح عليها باب جهنم من الهجوم والانتقادات.
ويبدو أن الاحتلال الذي لا يملك أي ورقة أمنية أو حتى سياسية لمواجهة هذا الغضب الفلسطيني، والذي لا يعلم أحد أين ومتى يمكن أن يتوقف، بدأ يلجأ لارتكاب المجازر والقتل بدم بارد، لتخفيف من الضغوطات التي يتعرض لها، وإعادة تصويره على أنه المُسيطر والمتحكم بيده الثقيلة في الضفة والقدس والداخل.
فمدينة جنين شمالي الضفة الغربية كانت صباح اليوم مسرحًا لجريمة اغتيال جديدة وواضحة بحق ثلاث فلسطينيين، في حين زعمت قوات الاحتلال أن ما جرى بالقرب من المخيم كان اشتباك مسلح أدى لاستشهاد الفلسطينيين الثلاث وإصابة 4 جنود إسرائيليين، فيما وصفت سرايا القدس الحادثة بأنها عملية اغتال مكتملة الأركان.
وأعلن الاحتلال صباح اليوم السبت، إصابة عدد من جنوده باشتباكات في جنين شمالي الضفة، وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تحت عنوان، سمح بالنشر: إن 4 جنود أصيبوا بجروح خلال اشتباكات جنين، أحدهم من وحدة اليمام حالته خطيرة نقل بمروحية إلى مستشفى رامبام في حيفا وهناك جندي آخر حالته متوسطة.
واستشهد في الاشتباكات الشهداء الثلاثة: خليل طوالبة وصائب عباهرة من جنين وسيف أبو لبدة من طولكرم خلال تصديهم لعملية اغتيال جبانة استهدفتهم عند مفترق عرابة في جنين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وأكدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن جريمة اغتيال ثلاثة شهداء في جنين “هي عدوان يستهدف كل الشعب الفلسطيني، وإن الرد سيكون بحجم هذه الجريمة”، وأضافت ، بأن “جريمة العدو تمثل اعتداءً على حرمة شهر رمضان المبارك، الذي أصر على أن يكون فجر يومه الأول فجرًا دايمًا”.
وشددت الحركة على أن “دماء أبنائنا لن تذهب هدرًا، والمجاهدون سيستمرون في قتال العدو والتصدي له مهما بلغت التضحيات”.
كما أكد القيادي في حركة “حماس” رأفت ناصيف، أن الشعب الفلسطيني ومقاومته عصية على الانكسار، وذلك في أعقاب جريمة الاغتيال التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي فجرا، ضد ثلاثة مقاومين جنوب جنين.
وقال ناصيف: “لا تستغربوا فهذا هو الوجه الحقيقي للاحتلال، فهو مجرد من كل القيم والأخلاق ولا يراعي في مؤمن إلا ولا ذمه”، مضيفا أنه “في اليوم الأول من رمضان يرتكب الاحتلال جريمة جديدة في جنين القسام”.
ووجه رسالة إلى الشعب الفلسطيني قائلا: “لا أمان ما دام الاحتلال قائم على أرضنا، فالحذر الحذر، والوحدة الوحدة، في مواجهة هذا العدو النازي”، على حد وصفه.
ودعا ناصيف الأجهزة الأمنية والمستوى الرسمي في السلطة الفلسطينية إلى الرد على هذه الجريمة، بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فورا، والتوقف التام عن سياسة الاعتقال السياسي.
وفي بيان لها عقب جريمة الاحتلال، أكدت “حماس” أنَّ سياسة القتل والاغتيال التي ينتهجها العدو ضدّ أبناء شعبنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة، لن توفّر له الأمن المزعوم الذي يبحث عنه، ولن تمنحه شرعية على أرضنا، بل ستزيد شعبنا قوّة وإصراراً وتلاحماً في تعزيز مقاومته والاشتباك معه في كل السَّاحات، ثأراً لدماء الشهداء ودفاعاً عن الأرض والمقدسات.
رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت وأمام هذه التطورات الساخنة، وجد نفسه مُجبرًا على إرسال “رسالة تحذير” قال فيها إن “إسرائيل ستتغلب على الموجة الأخيرة من الهجمات الفلسطينية”، وكتب على تويتر “السلطات لا تقف مكتوفة الأيدي، وتتخذ مبادرات لإحباط هجمات مستقبلية محتملة”.
وأشار “لقد اتخذنا بالفعل إجراءات مكثفة ضد أولئك الذين يدعمون أو ينشطون مع تنظيم داعش، وكذلك ضد نشطاء الجماعات الأخرى. لقد نشرنا الشرطة والجنود في جميع أنحاء البلاد”.
وأكد نفتالي بينيت أن حكومته “ستكثف نشاطاتها لضبط الأسلحة غير القانونية في المجتمع العربي”، مشيرًا إلى ان “معظم المواطنين العرب يرغبون في ذلك ويؤيدون الشرطة في مكافحتها العنف والإجرام”.
في حين أصدر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لـ”شهر من التصعيد”، كما أوعزا بـ”تكثيف العمل الاستخباراتيّ”، إزاء “سورية، وسيناء، والفلسطينيين في لبنان”.
جاء ذلك بحسب ما أوردت هيئة البث الإسرائيلي العامة “كان 11″، والتي أوضحت أن “هذا يعني أن القوات على الأرض (في الضفة وفي أراضي 48 كذلك) ستبقى في انتشار متزايد خلال هذه الفترة”، وذلك خشية من عمليات محتملة.
وكثّفت أجهزة الاحتلال حملات اعتقالها، في الضفة الغربية المحتلة، وفي مناطق 48، زاعمةً أنها أحبطت عدة عمليات في الأيام الأخيرة، كانت على وشك أن تُنفَّذ.
يأتي ذلك علما بأن عمليات إطلاق النار والطعن والدهس، وبخاصة اللتين نُفّذتا خلال الأسبوع الأخير، فاجأت القيادة السياسية وأجهزة الأمن في إسرائيل، فقد كانت تتوقع تصعيدا أمنيا في القدس أو من قطاع غزة خلال شهر رمضان القريب، لكن هذه العمليات وقعت في قلب مدن إسرائيلية –بئر السبع والخضيرة وبني براك– وقبل حلول شهر رمضان، كما أن منفذي العمليتين الأولتين هم مواطنون في إسرائيل، بينما منفذ العملية الثالثة، في بني براك، جاء من قرية يعبد في منطقة جنين في شمالي الضفة الغربية وبعيدا عن القدس، جغرافيا.
وتصاعدت التوترات في الأيام الأخيرة بعد أن قتل فلسطينيون 11 إسرائيليا في هجمات منفصلة في بئر السبع وبني براك ومدينة الخضيرة حيث عززت القوات الإسرائيلية الإجراءات الأمنية وشنت مداهمات اعتقال في الضفة الغربية وفي المثلث الشمالي، مما أسفر عن استشهاد عدد من الفلسطينيين في تبادل لإطلاق النار.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية