باراك 2011: حكم الأسد قريب من نهايته وسيكون سقوطه ضربةً موجعةً لإيران وحزب الله.. ليبرمان 2017: يجب إبعاده عن سوريّة بأيّ تسويةٍ مستقبليةٍ

قبل فترةٍ وجيزةٍ أصدر مركز دراسات الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، والذي يُعتبر أهّم مراكز الأبحاث في الدولة العبريّة، أصدر دراسة حول موقف تل أبيب من الأزمة السوريّة. الدراسة التي قام بإعدادها رئيس المركز، الجنرال المُتقاعد عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) سابقًا، جزمت بشكلٍ قاطعٍ أنّ إسقاط الرئيس السوريّ، د. بشار الأسد هو مصلحة إستراتيجيّة إسرائيليّة، وبالتالي يتحتّم على الدولة العبريّة العمل على إسقاطه من سُدّة الحكم.
في هذا السياق، يجب التذكير بأنّ الخطّة الإسرائيليّة الإستراتيجيّة تصبو إلى تفتيت وتمزيق الدولة السوريّة وتحويلها إلى دويلات إثنيةٍ وعرقيّةٍ وطائفيّةٍ ومذهبيّةٍ، وهو الأمر الذي فشل حتى اللحظة، ووفق كلّ المؤشّرات لن يكون النجاح حليفه.
علاوةً على ذلك، فإنّ التعويل الإسرائيليّ الرسميّ على القضاء على الجيش العربيّ السوريّ لم يكن ناجحًا، وسقط هذا الرهان، وهذا التعويل مصدره في سنوات الخمسين من القرن الماضي، عندما قال مَنْ يُطلقون عليه مؤسس إسرائيل إنّ عظمة الدولة الصهيونيّة لا تكمن في ترسانتها النوويّة، بل في القضاء على الجيوش العربيّة في كلٍّ من العراق، مصر وسوريّة.
فشل الرهانات الإسرائيليّة لا يعني بأيّ حالٍ من الأحوال، أنّ هذه الدولة المارقة بامتياز والمُعربدة مع علامة الجودة، توقّفت عن محاولة تحقيق أحلامها وخططها، بل على العكس، تُحاول اليوم إسرائيل، أنْ تضمن لها مكانًا في الحلّ السياسيّ للأزمة السوريّة، وفي ظلّ حالة الذُلّ والهوان العربيين، رفعت من سقف مطالبها، وباتت تُطالب باعتراف المجتمع الدوليّ بأنّ الجزء المُحتّل من مرتفعات الجولان العربيّة-السوريّة، هي منطقة سياديّةٍ إسرائيليّةٍ، وكشفت النقاب عن أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طرح هذا المطلب في عهد الرئيس الأمريكيّ السابق، باراك أوباما، وعاد وطرحه خلال لقائه الأخير بالرئيس الأمريكيّ الجديد، دونالد ترامب.
الهاجس الأسوأ بالنسبة لصنّاع القرار في تل أبيب هو تقدّم الجيش العربيّ السوريّ إلى الجزء المحرر من الجولان، وقيام الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وحزب الله بفتح جبهةٍ جديدةٍ ضدّها من الجولان، على غرار الجبهة التي كانت مفتوحة في الجنوب اللبنانيّ إبّان الاحتلال الإسرائيليّ لهذه المنطقة، والذي تمكّنت المُقاومة اللبنانيّة، ممثلةً بحزب الله، من إجبار الجيش الإسرائيليّ على الهرب والإعلان عن سحب قواتّه في شهر أيّار (مايو) من العام 2000.
بناءً على ما تقدّم، كان متوقعًا للغاية أنْ يقوم وزير الأمن الإسرائيليّ، أفيغدور ليبرمان بتجديد موقف بلاده الداعي إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وإبعاده عن سوريّة، في أيّ تسويةٍ مستقبليةٍ للحرب السورية، وفق تعبيره، مشيرًا إلى أنّ الاتفاق الذي يحكى عنه الآن، والذي يعمل البعض على الإعداد له لإنهاء الحرب، لن يكون مقبولًا من قبل إسرائيل، وهي لن تلتزم به، طالما انه لا يتضمن إبعاد إيران وحزب الله والأسد عن سوريّة، حسب قوله. بكلماتٍ أخرى، ليبرمان يعلم أنّ بقاء الأسد في السلطة سيؤدّي إلى تعزيز قوّة محور المُقاومة، والذي يُسّمى إسرائيليًا بـ”محور الشرّ”.
وفي سياق لقائه مع صحافيي وسائل الإعلام العبرية في مبنى الأركان العامّة للجيش في تل أبيب، اعتبر ليبرمان أنّ استمرار انزلاق القذائف من سوريّة إلى الجولان، سيجر ردًا إسرائيليًا، لكنّه أكد في المقابل أنّ إسرائيل لا تبحث عن مغامرات، وهي غير معنية بالمبادرة إلى عمليةٍ عسكريّةٍ إنْ كان في الجنوب (ضدّ قطاع غزّة وحركة حماس تحديدًا) أوْ في الشمال، في إشارة منه إلى سوريّة ولبنان، وبشكلٍ خاصٍّ لحزب الله، الذي تعتبره تل أبيب العدّو رقم واحد.
وتابع وزير الأمن الإسرائيليّ قائلاً إنّه “عندما أتحدث أننّا غير معنيين بعمليةٍ عسكريّةٍ، فهذا لا يشمل خطوطنا الحمراء، وسياستنا واضحة وهي مبنية على الردع ونحن نتابع ونفعل ما ينبغي فعله في هذه المسألة، على حدّ قوله.
وعندما يتحدّث ليبرمان عن الخطوط الحمراء يقصد بادئ ذي بدء، منع نقل الأسلحة النوعيّة من سوريّة إلى حزب الله في لبنان، حيث نقلت مصادر غربيّةٍ مطلعةٍ عن مصادر في تل أبيب قولها إنّ سلاح الجوّ الإسرائيليّ يقوم باستهداف شحنات الأسلحة، لافتةً إلى أنّ نسبة النجاح، على حدّ زعمها، وصلت إلى ستين بالمائة.
وكرر ليبرمان اللاءات الإسرائيليّة حول سوريّة، معتبرًا أنّ إسرائيل لن تقبل باتفاق يكون الإيرانيون جزءً منه وطالما أنّه جزء من الاتفاق، فنحن لن نكون جزء منه، وفقط في اتفاق يتضمن إبعادهم وحزب الله والأسد لأننّا لن نقبل باتفاق يشرعن محور الشر، على حدّ وصفه.
يُشار إلى أنّه في شهر كانون الأوّل (ديسمبر) من العام 2011 لخص وزير الأمن الإسرائيليّ آنذاك، إيهود باراك، موقف تل أبيب من الأزمة السورية، خلال كلمة ألقاها في العاصمة النمساوية فيينا، مشيرًا إلى أنّ سقوط الرئيس السوريّ بشار الأسد، سيكون نعمةً لمنطقة الشرق الأوسط. وكرر باراك تنبؤات قديمة جديدة كان قد أطلقها في الماضي، بأنّ حكم الأسد قريب من نهايته، لكنّه أكّد في المقابل أنّه لن يكون ممكنًا معرفة مصير الحكم في سوريّة بعد الأسد، رغم تشديده من جديد، على أنّ السقوط سيكون ضربةً موجهةً إلى محور إيران وحزب الله، على حدّ تعبيره.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية