بانوراما اقليمية تؤسس لمرحلة انتقالية عنوانها تقاطع المصالح الروسية الاميركية (أنطوان الحايك)

 


أنطوان الحايك

لا شيء ثابتا في لبنان أو في المنطقة العربية والأمور مفتوحة على الاحتمالات كافة، لبنان في دائرة المراوحة ويعيش على هامش ممنوعات تراوح بين حدي خطرالانفجار الشامل واستحالة  الامن والاستقرار، سوريا في الميدان المفتوح على تحولات عسكرية تقلب الموازين وتحدد مسار العلاقات الروسية الاميركية لعقود جديدة، مصر في طريقها للقضاء على "الاسلام السياسي" بمساعدة واشنطن التي دخلت في الساعات الاخيرة على خط التضييق عبر حجز ارصدة قادة "الاخوان المسلمين"…
هي بانوراما  متصلة بالوضع الاقليمي يقرأ  فيها دبلوماسي عربي إمكانية دخول العالمين العربي والاسلامي في مرحلة جديدة مختلفة بالكامل وهي مرشحة للاستمرار طيلة الوقت المستقطع الفاصل عن موعد لقاء الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين في ايلول المقبل، خصوصا أنّ الدول الكبرى المعنية باللقاء بدأت باحتساب نقاط الربح والخسارة واجراء عمليات تقييم للاوراق الباقية لديها، فواشنطن ووفق الحسابات الاولية لم تخسر شيئا من رصيدها الشخصي بل إنّ ما دفعته حتى الآن هو من أرصدة حلفائها العرب والاوروبيين، بينما زادت موسكو الى رصيدها العديد من النقاط المحتسبة بعد دخولها العسكري والامني في الشرق الاوسط من البوابة السورية.
وانطلاقا مما تقدم، يكشف الدبلوماسي عن سلسلة من اللقاءات والاتصالات بين الدول المعنية وأبرزها تلك التي حصلت خلال الأسبوع المنصرم بين وفد من الاستخبارات السورية وآخر من الادارة المركزية الأميركية في إحدى الدول الاوروبية وأدّى إلى تفاهمات محددة من ضمنها خطوة الرئيس بشار الاسد إعادة هيكلة حزب "البعث" وتشكيل نواة جديدة له يمكن الاعتماد عليها لتنفيذ ما يمكن أن يتفق عليه اللاعبان الأساسيان، أي موسكو وواشنطن، ويشير في سياق مواز إلى رصد اتصالات إيرانية سعودية أدّت بدورها إلى تبريد الخطاب وتنفيس الاحتقان بين الجانبين.
ويؤكد الدبلوماسي أنّ اللقاء الروسي الاميركي على أهميته أسّس إلى حد كبير لخطاب أميركي "أقل غوغائية" على حدّ تعبيره، كما ساهم في الضغط على الاعلام العربي للحد من الحرب الاعلامية على سوريا والاستعاضة عنها بتحويل أنظار الرأي العام إلى ما يجري في مصر وميادينها، وهذا ما هو حاصل بالفعل منذ ما بعد معركة القصير السورية حيث تدنى الاهتمام بالخبر السوري الى المرتبة الثانية، فضلا عن تسليم الاعلام الاميركي والاوروبي بمشاركة تنظيم "القاعدة" في الحرب الدائرة على الاراضي السورية، ناهيك عن خروج أصوات أميركية وعربية مشككة بدور "الجيش السوري الحر" واعتبار تصرفات "جبهة النصرة" بمثابة الاعمال الارهابية في ما يشبه التأسيس لمخرج للنظام السوري من خلال اعتبار حربه داخل الاراضي السورية بمثابة حرب على الارهاب، وهذا ما يفسر الانقلاب الميداني الحاصل في سوريا منذ اشهر قليلة والمتمثل بانتصارات متلاحقة للجيش السوري في الميدان. ويلاحظ في هذا الاطار أنّ القوات النظامية لم تدخل معركة منذ ما بعد القصير إلا وحسمتها لمصلحتها وما يعزز هذا الطرح هو اعتراف المعارضة بخسارتها في حمص ولمواقع استراتيجية في ريف دمشق ومناشدتها العالم الغربي للتدخل قبل فوات الاوان من خلال تسليح المعارضة ومدها بالسلاح الكاسر للتوازن.
في الموازاة، يلفت الدبلوماسي إلى ما يسمّيه اشتداد الكباش بين واشنطن وموسكو من خلال تصعيد المواقف ورفع السقوف السياسية والتفاوضية وعبر الضغوط السياسية والاعلامية، ففي وقت تلوح فيه الاولى باستخدام التقارير التي تتهم النظام السوري باستخدام السلاح الكيمائي وتسلط الضوء على غارات قديمة نفذتها اسرائيل ضد مستودعات الاسلحة الاستراتيجية، ترد الثانية في الميدان وعبر التضييق على المخابرات الاميركية في موسكو نفسها وفي سوريا ايضا.

موقع الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى