بحثا عن معارضة سورية مقنعة (فاروق يوسف)

 

فاروق يوسف


قد لا يوفق المبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي في العثور على ضالته الغامضة. فـ"معارضة سورية مقنعة" هو تعبير يمكن تأويل معانيه على أوجه عديدة، بعضها ينفي البعض الآخر.
فما هو مقنع للمعارضين أنفسهم قد لا يكون مقنعا بالنسبة للمجتمع الدولي الذي قد يتراجع في أية لحظة عن قراره في النظر إلى الائتلاف الوطني من جهة كونه ممثل المعارضة الأكثر قبولا وحظوة.
لقد جرت الكثير من التطورات الميدانية التي كان من شأن وقوعها أن يقلل من تأثير قوى الائتلاف على الداخل السوري.
هناك جماعات وفصائل مقاتلة كثيرة اعلنت عن عدم اعترافها بالائتلاف وحذرت من مسألة اختزال التمثيل السياسي لقوى الثورة به. وهو ما شكل ضربة كانت متوقعة للتنظيم السياسي الذي أشرفت قطر على تأسيسه على انقاض المجلس الوطني الذي فاجأنا رئيسه جورج صبرا بأنه لا يزال موجودا، يوم أعلن عن رفضه الذهاب إلى جنيف. وكان الرجل محقا. إذ إنه لا يملك سلطة على الداخل.
من المعروف أن المجلس ومن بعده الائتلاف قد أسسا على عجل بناء على رغبة الدول الداعمة والممولة للمعارضة السورية في حربها ضد النظام. وفي الحالين سعت جماعة الاخوان المسلمين على أن لا تظهر سيطرتها وتركت للتيار العلماني قدرا كبيرا من الحرية في الظهور الاعلامي، وذلك من أجل كسب المزيد من ود الولايات المتحدة وسواها من دول الغرب.
غير أن الامور في الداخل لم تكن تجري وفق المعادلة التي تحكم الاخوان بعناصرها في الخارج. الان يتضح أن هناك من خدع معارضي الخارج بتلميعهم خارج سوريا وكان في الوقت نفسه يضخ إلى الحركات الدينية المتشددة التي تقاتل في الداخل أموالا ورجالا وأسلحة ومعدات ومواد تموين أخرى.
لقد غلب الواقع الإعلام الجاهز.
كان الرئيس السوري قد توقع أن لا ينعقد مؤتمر جنيف 2 في وقت قريب، كما لو أنه كان يشير إلى عجز المجتمع الدولي عن العثور على الطرف الثاني في حوار يجب أن يفضي إلى انهاء القتال في سوريا.
فإذا كان الاسد، من خلال ممثليه الذين سيحضرون المؤتمر قادرا على وقف طائراته عن التحليق واسكات مدافع جيشه فهل سيكون الطرف المقابل قادرا هو الآخر على فعل الشيء نفسه؟
يعرف الأسد أن بلاده قد تم انتهاكها من قبل جهات عديدة، اقليمية ودولية. وقد كان حديث المؤامرة جاهزا على لسانه منذ اللحظة الاولى. غير أنه يدرك أن الجهات التي كانت قد اتفقت على ازاحته من الحكم وتقويض نظامه لم تكن مصالحها في سوريا متطابقة، لذلك اخترعت كل جهة ما يناسبها من الفرق المقاتلة.
في لحظة الحرب كان كل شيء مقبولا من قبل كل الفرقاء، غير أن لحظة السلم لن تتحمل تلك المسافات العقائدية التي تفصل بين الجماعات المسلحة. الادهى من ذلك أن الفصائل المسلحة التي تقاتل ضد النظام لم تكن متفقة في ما بينها أثناء القتال فكيف لها أن تتفق في السلم؟
لا يعجب هذا الكلام معارضي الخارج. ولكن الداخل السوري صار يفرض شروطه، بدليل أن الابراهيمي كان يفكر في زيارة حلب، وهي المدينة التي صارت رغما عن أنفها معقلا لمسلحي المعارضة.
بعد أكثر من مئة الف قتيل وملايين المهجرين سيكون علينا الاعتراف بحق الأسد في السؤال عن شرعية من يحاوره. وهو السؤال نفسه الذي صار الابراهيمي رهين تقنياته. مَن يمثل مَن؟ فإذا كان الأسد يدعي تمثيل الدولة التي هي كيان لا يزال ممثله في الجمعية العامة للامم المتحدة قادرا على التكلم باسم الشعب السوري، فمَن سيكون ممثلا للجهة التي تملك الحق في سحب ذلك التمثيل؟
يبحث العالم عن معارضة سورية مقنعة.
هل أكون متشائما لو قلت أن العالم لن يجد ما يبحث عنه.

ميدل ايست أونلاين

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى