بحث اسرائيلي: إسرائيل والسعوديّة والإمارات تؤيّد سياسة “أقصى العقوبات” الأمريكيّة ضدّ إيران ولكن المشكلة أنّ هذه السياسة لم تُحقَّق شيئًا بعد عامين من انطلاقها
قالت دراسة أصدرها مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ إنّه إذا كان هناك درس واحد تعلّمته دول الخليج من انخفاض التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة وتوترات العلاقات الأمريكيّة السعوديّة، فهو أنّ وضع البيض في سلة واحدة هو عمل محفوف بالمخاطر، ولكن هذا لم يمنع واشنطن من الاستمرار في تأمين مكانتها باعتبارها المورّد الرئيسيّ للأسلحة في المنطقة، وممّا يؤكّد ذلك واردات الأسلحة الأخيرة والصفقات التجارية ذات الصلة.
واستدركت: “لكن استمرار تركيز واردات الأسلحة السعودية على الولايات المتحدة لم يحرم الصين من الفرص؛ حيث تدخلت الصين لمساعدة السعودية على إنتاج طائرات عسكرية بدون طيار بعد أنْ رفضت الولايات المتحدة بيع طائراتها بدون طيار من طراز “MQ-9 Reaper” إلى المملكة.
ومثل الصين، تحث روسيا السعودية على شراء منظومة الدفاع الجوي “S-400”. لكن بعد أن شاهدت المملكة الولايات المتحدة تلغي شراء تركيا لطائرات مقاتلة أمريكية من طراز “F-35” وتخرجها من اتفاق الإنتاج المشترك لبعض مكونات الطائرة، أصبحت الرياض مترددة في التعامل مع عرض الروس.
وأصبحت قيود التعاون السعودي الروسي واضحة منذ ذلك الحين مع حرب أسعار النفط في أبريل/نيسان، التي دفعت أسواق النفط إلى حالة من الهبوط التي لا يبدو أنها ستتعافى منها في أي وقت قريب.
وإسرائيل، مثل الصين وروسيا، وخلافًا للولايات المتحدة، لا تربط مبيعات واستخدام الأسلحة بمعايير حقوق الإنسان وفقا للقانون الدولي.
لكن إسرائيل لديها ميزة على منافسيها الصينيين والروس، الذين يقيمون علاقات وثيقة مع إيران، إذْ تشترك إسرائيل مع السعودية والإمارات باعتبار إيران تهديد وجودي وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، ومما لا شك فيه أنّ السعودية والإمارات ترى انعكاس هذا التصور في سياسة “أقصى ضغط” الأمريكية تجاه إيران، التي تهدف إلى إجبار الجمهورية الإسلامية على تغيير سلوكها إنْ لم يكن نظامها، لكن المشكلة هي أنّ سياسة “أقصى ضغط” الأمريكية لم تسفر عن أي نتائج حقيقية بعد عامين من إطلاقها.
وتابعت الدراسة التي ترجمتها من الإنجليزيّة جريدة (الخليج الجديد): أضف إلى ذلك حقيقة أن الولايات المتحدة أثبتت أنها حليف غير موثوق به، وأقنع هذا الإمارات ودول الخليج الصغيرة الأخرى بالتواصل مع إيران لضمان ألّا تصبح بنيتها التحتية الحيوية هدفًا في أيّ صدام عسكري بين الولايات المتحدة وإيران في المستقبل.
ورأت أنّه كانت اللحظة الفاصلة لدول الخليج عندما فشلت الولايات المتحدة في الردّ بقوة على الهجمات الإيرانية المزعومة على منشآت النفط السعودية الرئيسية وكذلك ناقلات النفط قبالة سواحل الإمارات، خلال العام الماضي. وفي محاولة لطمأنة دول الخليج،، أرسلت واشنطن قوات وأنظمة دفاع “باتريوت” مضادة للصواريخ إلى السعودية لمساعدتها على حماية منشآتها النفطية، بالرغم من أنّ الولايات المتحدة سحبت لاحقًا اثنين من تلك الأنظمة.
ولفتت إلى أنّه عندما اغتالت الولايات المتحدة الجنرال الإيراني قاسم سليماني في كانون الثاني (يناير)، احتفلت دول الخليج بشكل خاص بالعملية، لكنها كانت تخشى أيضًا أنْ تصل المنطقة لمرحلة الحرب الشاملة، ولم تكن الخطوة الأمريكية دفاعًا عن دول الخليج، لكنها جاءت بعد تطورات بدأت بمقتل مقاول عسكري أمريكي في كانون الثاني (ديسمبر) 2019، وتخللتها عشرات الهجمات المدعومة من إيران على أهداف أمريكية في العراق.
ومن المرجح، أضافت الدراسة، أنْ تجد دول الخليج أنّ التعاون مع إسرائيل له حدوده أيضًا، وقد تكون إسرائيل حريصة على بيع الأسلحة ولديها القدرة على الرد على إيران في سوريّة، وإذا لزم الأمر، يمكن لإسرائيل أيضًا أنْ تلحق ضررًا شديدًا بالمنشآت النووية والصاروخية الإيرانية في ضربات عسكرية لن تتمكن دول الخليج من تنفيذها.
لكن العلاقات مع إسرائيل، أردفت الدراسة، لا تزال قضية حساسّة في الخليج وأماكن أخرى في الوطن العربيّ والإسلاميّ، وقد حصرت إسرائيل حتى الآن المبيعات على المعدات والتكنولوجيا غير الفتاكة، لكن هذا يمكن أنْ يتغيّر بحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإقامة علاقات دبلوماسية رسمية.
ومع ذلك، قد يكون الرأي العام أحد أسباب رفض دول الخليج تحويل العلاقات غير الرسمية إلى اعتراف دبلوماسيّ، ممّا يوحي بأنّه قد يكون هناك تعاطف عام أكبر مع الفلسطينيين ممّا يرغب حكام الخليج في الاعتراف به، ويزداد هذا الأمر أهميةً لدى حكام الخليج الذين يجدون صعوبة متزايدة في توفير الوظائف أو السلع والخدمات العامة نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية وانهيار أسعار النفط، كما أكّدت الدراسة الإسرائيليّة.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية