بريتوريا تقطع أولى خطوات التقارب مع المغرب
تعكس الزيارة التي أداها وفد جنوب أفريقي يقوده أوبيد بابيلا رئيس لجنة العلاقات الدولية إلى الرباط في بداية الأسبوع الجاري رغبة بريتوريا في ترميم علاقاتها مع المملكة من بوابة التعاون، فيما تؤشر هذه الخطوة على تغيير في السياسة الخارجية لهذا البلد بعد الهزيمة التاريخية التي أنهت نحو 30 عاما من حكم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يعد من أبرز داعمي جبهة بوليساريو الانفصالية.
ودعا بابيلا خلال لقائه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى تعزيز العلاقات بين البلدين من خلال تكثيف التعاون الاقتصادي والتجاري. كما حث المقاولات المغربية على الاستثمار في جنوب أفريقيا. لافتا إلى بلاده لديها العديد من الاستثمارات في المملكة.
بريتوريا تعتزم فتح صفحة جديدة في العلاقات مع المغرب
وتشير تصريحات المسؤول الجنوب أفريقي إلى. أن حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد الانتخابات البرلمانية الماضية وضمت المعارضة إلى جانب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لأول مرة في تاريخ البلاد بعد الهزيمة القاسية التي سحبت منه الغالبية المطلق. تعتزم فتح صفحة جديدة في العلاقات مع المغرب الذي فرض نفسه كقوة اقتصادية في محيطه. كما وعزز مكانته كبوابة على أفريقيا.
وأشارت وزارة الخارجية المغربية إلى أن “بابيلا أشاد بعودة المغرب إلى الدائرة الأفريقية، وهو الفضاء الذي يمكن للبلدين العمل معا في إطاره لرفع التحديات التي تواجه إفريقيا”.
وذكر بـ”الدعم الذي قدمه المغرب لنضال جنوب أفريقيا من أجل نيل الاستقلال”، مضيفا أن “المملكة كانت من بين الدول الأولى التي زارها الزعيم نيلسون مانديلا سنة 1994 بعد استقلال بلاده من أجل التعبير عن شكره للشعب المغربي لمساهمته في تحريرها واستكشاف سبل تعزيز العلاقات الثنائية”.
وناصبت جنوب أفريقيا، التي تعدّ من أبرز داعمي جبهة بوليساريو الانفصالية، العداء المجاني للمغرب. بينما أدى حراك دبلوماسي مغربي ناجع إلى التصدي إلى العديد من مساعيها للإضرار بمصالح المملكة ومن بينها الحملة التي قادتها في الكواليس للتشكيك في أحقية الرباط في رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
فوز المغرب بمنصب رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وفاز المغرب بالمنصب في يناير/كانون الثاني الماضي بفارق عريض عن بريتوريا. فيما وجهت الثقة الدولية العالية في الرباط ضربة موجعة إلى الدبلوماسية الجنوب أفريقية.
ولم تلتزم بريتوريا الحياد في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ولطالما ساندت الطروحات الانفصالية لجبهة بوليساريو أيضا. كما وانحازت إلى الجزائر في مساعيها لإطالة أمد الصراع رغم أنها ليست طرفا فيه.
وشكّلت جنوب أفريقيا الاستثناء في القارة ببقائها خارج قائمة دول المنطقة التي أعلنت منذ أعوام دعمها الواضح والصريح لسيادة المغرب على صحرائه. وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل.
وسبق أن أكد بوريطة في تصريح سابق أن جنوب أفريقيا لا تمتلك أي قدرة للتأثير على قضية الصحراء المغربية. معتبرا أنها “فاعل هامشي” في هذا الملف. مؤكدا أنها “لو كانت قادرة على تغيير الحقيقة لفعلت ذلك من 20 عاما”.
وتأتي زيارة الوفد الجنوب أفريقي إلى الرباط لتؤكد صحة تقارير أشارت إلى أن بريتوريا باتت تدرك أن الجبهة الانفصالية تواجه عزلة متفاقمة بعد أن انفض من حولها أبرز داعميها. مقابل تتالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء. وسط توقعات بأن تراجع جنوب أفريقيا موقفها من هذه القضية، لا سيما بعد تغير المشهد السياسي.
ونقل موقع “الصحيفة” المغربي عن محمد بودن الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة قوله. إنه “بين الحين والآخر تظهر إشارات على أن واقع العلاقات بين المغرب وجنوب أفريقيا قابل للتحسن”. مضيفا أن “العديد من العوامل يمكن أن تساهم في إنهاء سوء الفهم والاحتكاك بين البلدين”.
ميدل إيست أون لاين