تحليلات سياسيةسلايد

بظلّ صمت عربيٍّ وإسلاميٍّ رسميٍّ.. تهجير الفلسطينيين لسيناء..

زهير أندراوس

هل إسرائيل مدعومةً من الولايات المُتحدّة والغرب ستُقدِم على تنفيذ خطّة آيلاند لتصفية القضيّة الفلسطينيّة؟ وهل هذا ما يقصده رئيس وزراء دولة الاحتلال عندما يقول سنخلق الشرق الأوسط الجديد؟ وسنقوم بتصفية القضيّة الفلسطينيّة نهائيًا وإزالتها عن الأجندة؟ ومع دخول العدوان الإسرائيليّ ضدّ قطاع غزّة يومه الثامن بدأت تتجلّى الأهداف الإستراتيجيّة لدولة الاحتلال، وإعلانها بأنّها أمهلت أكثر من مليون فلسطينيّ من غزّة والضواحي بمغادرة منازلهم والتوجّه نحو الحدود المصريّة يؤكِّد أنّ ما وراء الأكمة ما وراءها.

وعلى ضوء المُستجدّات الأخيرة يتبادر للذهن السؤال: ما هي خطّة آيلاند؟ فقد اقترح الرئيس السابق لمجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ الجنرال في الاحتياط، غيورا آيلاند، في 25 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2020، أيْ قبل ثلاث سنواتٍ، استراتيجيّة إسرائيليّة، وخطته المعقدة أمام مؤتمر هيرتسليا في 13/12/2004، ثم قدّمها عام 2009 في نسخة منقحة، وأيضًا أعاد تعديلها في عام 2012، وعاد صياغتها في تشرين الأوّل من العام 2020، أيْ قبل ثلاثة أعوامٍ.

أمّا بنود الخطّة فهي:

ـ أولاً: أنْ تنقل مصر إلى قطاع غزة، مناطق من سيناء، مساحتها 720 كيلومترًا مربعًا، وهذه الأراضي عبارة عن مستطيل ضلعه الأول يمتد على طول 24 كيلومترًا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربًا حتى العريش، وبعرض 20 كلم داخل سيناء. إضافة إلى شريط يقع غرب كرم أبو سالم جنوبًا، ويمتد على طول الحدود بين إسرائيل ومصر، وتؤدي هذه الزيادة إلى مضاعفة حجم قطاع غزة البالغ حاليًا 365 كيلومترا مربعا إلى نحو 3 مرات.

ـ ثانيًا: توازي مساحة 720 كيلومترا مربعًا نحو 12 في المائة من أراضي الضفة الغربية، ومقابل هذه الزيادة على أراضي غزة، يتنازل الفلسطينيون عن 12 في المائة من أراضي الضفة الغربية التي ستضمها إسرائيل إليها، شاملة الكتل الاستيطانية الكبرى، وغلاف مدينة القدس (وحاليًا القدس نفسها حسب سياسة نتنياهو).

ثالثًا: مقابل الأراضي التي ستتنازل عنها مصر لتوسيع قطاع غزة، ستحصل من إسرائيل على منطقة جنوب غربي النقب، توازي تقريبًا مساحة المنطقة التي ستتنازل عنها، وبعد ذلك تسمح إسرائيل لمصر بارتباطٍ بريٍّ بينها وبين الأردن، من خلال حفر قناة بينهما، وستمر القناة التي يبلغ طولها نحو 10 كيلومترات من الشرق إلى الغرب، على بعد 5 كيلومترات من إيلات، وتكون خاضعة للسيادة المصرية.

وبحسب الجنرال آيلاند يتعيَّن على أوروبا أنْ تقترح المشروع وتتبناه الولايات المتحدة ومصر والأردن، لكن الفلسطينيين رفضوه تمامًا.

المكاسب الإسرائيليّة

عندما نقارن هذه التسوية بالحل القائم على فكرة دولتيْن لشعبيْن داخل الأراضي الفلسطينيّة تكتشف أربع مميزات للتسوية الجديدة، يمكن عرضها كالتالي:

ـ أولاً: الأراضي التي ستحتفظ بها إسرائيل في الضفة (حوالي 12%) أكبر بكثير من المساحة التي يمكن أن تحصل عليها في الحل “العادي”. والـ 12% هي المساحة التي وصفها ايهود باراك عندما سافر لمؤتمر كامب ديفيد 2000، بالمساحة الحيوية للحفاظ على المصالح الإسرائيلية.

كما أنّ الخطة الرئيسية لبناء الجدار العازل احتفظت لإسرائيل بـ 12% من أراضي الضفة، غير أنّ ضغوط المحكمة العليا في إسرائيل حركت الجدار غربًا، واحتفظت إسرائيل داخل الجدار بـ 8% فقط من المساحة التي تحتاجها.

والواقع أنّ مساحة الـ 12% ستسمح لإسرائيل بتقليص دراماتيكي في أعداد المستوطنين الواجب إخلاؤهم من الضفة، فيتقلص العدد من 100 ألف مستوطن إلى 30 ألفا فقط.

بالإضافة إلى أنّ هذه المساحة ستسمح لإسرائيل بالاحتفاظ داخل حدودها بأماكن دينية ذات أهمية تاريخية وروحانية مثل مستوطنتي عوفرا، وكريات أربع، وتضمن الاحتفاظ بمستوطنة أريئيل داخل إسرائيل، وتوفير الأمن لسكانها.

ـ ثانيًا: هذا التقسيم المتوازن للأراضي بين غزة والضفة يمنح الدولة الفلسطينية فرصًا كبيرة جدًا للاستمرار والنمو، وبهذا يمكن الوصول إلى تسوية سلمية مستقرة وغير معرضة للانهيار.

ـ ثالثًا: مشاركة الدول العربية، خاصة مصر والأردن، في الحل يمثل دلالة إيجابية، ويخلق ثقة أكبر في الحفاظ على الاتفاقية وعدم نقضها.

ـ رابعًا: هذه التسوية الإقليمية لا تنفى ضرورة توفير (معبر آمن) بين غزة والضفة، لكنها تقلل من أهميته، وتقلص حجم الحركة فيه، فيبقى (المعبر الآمن) سبيلاً للتنقل بين الضفة والقطاع، لكن غالبية حركة البشر والبضائع بين غزة والعالم العربي ستنطلق عبر منظومة الطرق ووسائل المواصلات الجديدة التي تربط غزة الكبرى بالعالم.

يُشار إلى أنّه عندما سُئِلَتْ الوزيرة غيلا غمليئيل مؤخرًا عن بديلٍ لإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ أجابت: “إنْ كانت هناك ضرورة سياسية لإقامة دولةٍ فلسطينيةٍ ولا مفر من ذلك، يجب أنْ ندرس فكرة إقامتها على أراضٍ عربيّةٍ، مثل شبه جزيرة سيناء”، مشيرةً في السياق ذاته إلى أنّ القضية الفلسطينية ليست مشكلة إسرائيل فقط، إنمّا مشكلة العرب كذلك، ويجب عليهم أنْ يساعدوا في حلّها، على حدّ تعبيرها.

وشدّدّت الوزيرة الإسرائيليّة على أنّه “بواسطة هذا الحلّ سيكون ممكنًا ربط الدولة الفلسطينيّة بغزّة دون مشكلةٍ، وستُتاح الفرصة لإقامة ميناءٍ كبيرٍ، وإنْ احتاجت مصر المساعدة فيمكن دعمها ماليًا”، طبقًا لأقوالها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى