بعد أن ألمحت قطر لسحب وساطتها من ملفات تهدئة غزة وصفقة تبادل الأسرى المُعقدة، بين إسرائيل وحركة “حماس” بعد التعثرات والانتقادات الحادة الأخيرة، بدأت تركيا في التحرك سرًا بهذا الملف وحاولت وفتح باب رعاية جديد للوساطة لتحريك مياهها المُجمدة والثقيلة.
وأبدت تركيا في الكثير من المحافل استعدادها وبكل قوة، لاستضافة اللقاءات غير المباشرة بين حركة “حماس” والجانب الإسرائيلي، لعرض العقبات التي تعترض التوصل لاتفاق تهدئة شامل بغزة ووقف الحرب التي تقترب من يومها الـ200، ومحاولة مناقشتها والتوصل لنقطة تلاقي مشتركة.
وستتجه تركيا في حال حصلت على الموافقة بين حركة “حماس” وإسرائيل على الوساطة، لطرح مبادرة جديدة على الطرفين، تركز أولا وقبل كل شيء على وقف إطلاق النار بشكل مؤقت لمدة أسبوعين على الأقل سيتم خلالها مناقشة باقي ملفات الصفقة، وفق ما تتناقله وسائل إعلام الفترة الأخيرة.
وستكون القناة التركية للوساطة تحت إشراف مباشر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأن الأخير سيحاول استغلال علاقاته في سبيل الوصول لنقطة توافق تنهي الحرب الدامية على قطاع غزة، وذلك من خلال مبادرة قد تكون “حل وسط” بين “حماس” وإسرائيل.
وتوقع الكثير من المراقبين أن تواجه تركيا الكثير من العقبات في ملف الوساطة، خاصة في ظل توتر العلاقات بين اردوغان ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلا أنها أكدت أن الملف قد يحصل عليه تقدم في حال مارست تركيا ضغوطات أكبر ووضعت رؤية يقبل فيها الطرفين.
وستكون زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية لتركيا، ولقاء أردوغان، للتباحث بشكل أساسي ملفات حرب غزة وتداعيتها الخطيرة على المنطقة، ومناقشة لأول مرة قضية الوساطة، وإعادة تحريك اللقاءات غير المباشرة من جديد، خاصة بعد فشل مصر وقطر بإحراز أي تقدم كبير خلال الشهور الماضية.
ويأتي هذا التطور المفاجئ في أعقاب إعلان قطر إعادة النظر في دورها في جهود الوساطة، بسبب الانتقادات الإسرائيلية والأمريكية لدورها، وهو ما اعتبر بمثابة سعي من أنقرة لتدشين دور جديد في الوساطة مع تراجع متوقع للدور القطري.
وكان أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي حثوا قطر، الجمعة، على مضاعفة جهودها واستخدام كل نفوذها لضمان الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين لدى حركة “حماس” في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
وذكر الأعضاء بمجلس الشيوخ في بيان أنه “إذا رفضت (حماس) التحلي بالعقلانية في المفاوضات، فلن يكون هناك ما يدعو لاستمرار قطر في استضافة المكتب السياسي للحركة، أو أي من أعضائها في الدوحة”.
وفي يناير الماضي، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله، في تسجيل مسرب لاجتماع مع عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة، إن دور قطر كوسيط بين إسرائيل وحركة” حماس” يُمثل “إشكالية”، وأنه عبّر عن خيبة أمله فيما يبدو تجاه واشنطن لعدم ممارستها المزيد من الضغوط على الدولة الخليجية التي تستضيف قادة من “حماس”.
مصادر دبلوماسية، قالت إن زيارة هنية لتركيا ولقائه أردوغان تؤشر لدخول تركيا علي خط جهود الوساطة بين الحركة والاحتلال، وافادت وفق ما نشرته “جرية الامة”، أن تركيا تؤكد دخولها على خط الوساطة من جديد بعد أن اكتفت لفترة بالتصريحات السياسية، وبعد رغبة بعض الاطراف بإبعادها عن المشهد.
ويحسب المصادر فإن الجهود التركية ستركز على وقف اطلاق النار ومساندة “حماس” مع دعم تحولها لحزب سياسي بحال قيام دولة فلسطينية.
ويأتي هذا في الوقت الذي ربطت مصادر بين إعلان قطر إعادة النظر في دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وبين دخول تركيا علي خط الأزمة بإعلانها عن موافقة “حماس” على نزع سلاحها مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود 67.
وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان إن قادة حماس أعربوا عن قبولهم بحل الجناح العسكري للحركة في حال تم إنشاء دولة فلسطينية على حدود 67، مشيرا إلى موافقة “حماس” على تحول الحركة إلى حزب سياسي.
ووصف تصريح وزير الخارجية التركي الذي كشف موافقة حماس على نزع السلاح مقابل إنشاء دولة فلسطينية على حدود 67، بمثابة حجر ألقته تركيا في مياه غزة الراكد، لتخرج من ركام الحرب.
ويأتي هذا التطور في أعقاب إعلان قطر إعادة النظر في دورها في جهود الوساطة، وهو ما اعتبر بمثابة سعي من أنقرة لتدشين دور جديد في الوساطة مع تراجع متوقع للدور القطري بحسب زعم المصادر.
ويلتقي أردوغان، اليوم السبت، بهنية في إسطنبول، وذكرت قناة الأقصى أن هنية وصل الجمعة، إلى تركيا على رأس وفد من قيادة الحركة، ومن المقرر أن يبحث الوفد مع الرئيس التركي تطورات العدوان الإسرائيلي، وحرب “الإبادة الجماعية” المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتطورات القضية الفلسطينية.
والأربعاء الماضي التقى هنية، بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان في العاصمة القطرية الدوحة، بهدف بحث التطورات المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي.
وستكون زيارة هنية إلى اسطنبول هي أول رحلة له إلى تركيا منذ أن بدأت إسرائيل حملتها على غزة في السابع من أكتوبر، وتأتي أيضا وسط تصاعد التوتر الإقليمي، بعد أن هاجمت إيران إسرائيل مطلع هذا الأسبوع ردا على غارة إسرائيلية على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل.
وشهدت الأيام الماضية خطابا لأردوغان، اعتُبر تطورا مهما في موقف تركيا عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبعد الخطاب صدر بيان من حركة حماس عبّر عن تقدير الحركة وشكرها لموقف الرئيس الذي أكد فيه أن حماس حركة مقاومة وطنية، وشبهها بقوات التحرر الوطنية التركية خلال حرب تحرير الأناضول.
فهل ستنجح تركيا بالوساطة؟ وماهي أوراق أردوغان؟ هل سيتم نزع سلاح المقاومة بأي اتفاق مقبل؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية