بعد ثلاثين عامًا تعترف “إسرائيل” بمقتل 74 مُستوطنًا بصواريخ صدام حسين التي قصفت تل أبيب وحيفا عام 1991.. لماذا جرى التّعتيم على هذه الأسرار والسّخرية منها؟
ربّما يختلف الكثيرون مع الرئيس العِراقي الراحل صدام حسين، سواءً من مُنطلقات طائفيّة، أو بسبب سياسة القمع والقبضة الحديديّة التي مارسها أثناء حُكمه ضدّ مُعارضيه، وتسبّبت في مقتل الكثير من مُواطنيه، أو لحربه التي استمرّت ثماني سنوات ضدّ إيران، وأخيرًا إرسال قوّاته لاجتِياح الكويت واحتِلالها ومن ثمّ إعلان ضمّها، ولكن هذا ألا يعني أنّ الرجل، وقد انتقل إلى جِوار ربّه بعد إعدامه من قبل محكمة هزليّة أمريكيّة، كان له السّبق في إطلاق 39 صاروخًا على دولة الاحتِلال الإسرائيلي وصل مُعظمها إلى تل أبيب وحيفا وبئر السبع، وأحدثت حالةً من الرّعب والهلع غير مسبوقة.
و كشف الأرشيف العسكري الإسرائيلي وللمرّة الأولى عن صور وفيديوهات تكشف عن سُقوط 74 مُستوطنًا إسرائيليًّا واصابة 230 آخرين، وتدمير حواليّ 7440 وحدة سكنيّة، وإثارة حالة من الهلع دفعت أكثر من مِليون إسرائيلي للّجوء إلى الملاجِئ من جرّاء سُقوط 39 صاروخًا باليستيًّا انطلقت من قواعِدها غرب العِراق العظيم هذه الصّواريخ كانت من نوع “سكود” نجحت العُقول العِراقيّة الجبّارة في تطويرها وزيادة مداها قبل ثلاثين عامًا على الأقل، ونجحت في الوصول إلى أهدافها بدقّةٍ، وهزمت منظومات صواريخ “الباتريوت” التي كانت “إسرائيل” هي الوحيدة التي تملكها في العالم غير الجيش الأمريكي القيادة الإسرائيليّة مارست كُل أنواع التّعتيم، لإخفاء فعاليّة هذه الصّواريخ والخسائر البشريّة والماديّة المُترتّبة عليها، وأعطت الضّوء الأخضر للإعلام الإسرائيلي للسّخرية منها، والقول إنّها كانت تحمل رُؤوسًا من الإسمنت، وروّجت بعض وسائل الإعلام العربيّة والخليجيّة المُعادية للعِراق في حينها لهذه الدّعايات الكاذبة المَسمومة.
الآن ظهرت الحقائق كاملةً مدعومةً بالصّوت والصّورة، وتبيّن أنّ أكثر ما يُقلِق دولة الاحتِلال هو تزويد هذه الصّواريخ التي حملت اسم سيّدنا الحسين رضى الله عنه، برؤوسٍ كيماويّة، ولهذا صدر القرار الأمريكي الإسرائيلي بالعُدوان على العِراق واحتِلاله، وتجريده من أسلحته الكيماويّة والبيولوجيّة، ونهب ثرواته النفطيّة، ووضعه تحت الحِماية والنّفوذ الأمريكيين عبر حُكومات يتم اختِيارها بعنايةٍ وعلى أُسسِ المُحاصصة الطائفيّة البغيضة.
أكثر ما يُقلِق الإسرائيليين والأمريكيين وجود زعماء عرب ومُسلمين يُجاهرون بعدائهم لإسرائيل، وينتصرون للقضيّة الفِلسطينيّة، ويسعون لامتِلاك قوّة الرّدع الذاتيّة، ولهذا يحتل هذه القائمة من الزّعماء حاليًّا السيّد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، والسيّد علي خامنئي المُرشد الأعلى للثّورة الإيرانيّة، ومحمد الضيف قائد الجناح العسكري (القسّام) لحركة “حماس”، والسيّد زياد النخالة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، وقادة الحشد الشعبي العِراقي، ولا ننسى الأسير أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فِلسطين، والقائمة تطول.
بعد مُرور ثلاثين عامًا على سُقوط الصّواريخ العِراقيّة على تل أبيب وحيفا، تغيّرت الأمور، وباتت لدى محور المُقاومة صواريخ دقيقة مُتقدّمة جدًّا، أثبتت فعاليّتها في الحرب اليمنيّة الحاليّة، وأثناء حرب تمّوز عام 2006، وحُروب غزّة التي تلتها إلى جانب الجيل الجديد من هذه الصّواريخ الباليستيّة والكروز المُجنّحة ومِئات الطّائرات المُسيّرة التي تزدحم بها مخازن محور المُقاومة، الأمر الذي يُضاعِف من حالات الرّعب والهلع في أوساط الإسرائيليين.
أمريكا غزت العِراق واحتلّته لأنّ قِيادته كانت تملك إرادة القِتال ضدّ الاحتِلال الاسرائيلي، الآن تبدو مَهمّتها وتابِعها الإسرائيلي صعبةً للغاية، وتزداد صُعوبةً مع فضيحة ترامب وأنصاره الأخيرة، وتَزايُد احتِمالات انهِيار أمريكا بالطّريقة نفسها التي انهار فيها الاتّحاد السوفييتي
تحيّة للجيش العِراقي الذي نحتفل هذه الأيّام بعيده، ولكُلّ الشّرفاء العِراقيين والرّحمة للرئيس الراحل صدام حسين الذي لم ينسَ فِلسطين ونُصرَتها وهو يتقدّم بإباء وشَمَم نحو حبل المِشنقَة.. هذا رأينا لا بُدّ أن نقوله وإن اختلف مع رأي البعض.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية