بعد قرار الإقالة.. رئيس “الشاباك” يفتح النار على نتنياهو وينشر “غسيله الوسخ” أمام الجميع …
نادر الصفدي

بعد ساعات قليلة من قرار إقالته من قبل الحكومة الإسرائيلية، حتى بدأ الرئيس السابق لجهاز رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، بكشف المستور وفضح تلاعب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على الملاء، الذي كان له دروًا كبيرًا في الإقالة بحجة انه بات الآن “غير مناسب”.
“بار” لم ينتظر طويلاً حتى بدأ يُصرح هنا وهناك ويضع نتنياهو في موقف مُحرج أمام الجمهور الإسرائيلي، الذي بات منقسمًا تجاه هذه الهزات المتتالية والثقيلة التي يتعرض لها، بفعل خطوات نتنياهو وحكومته التي تُقرب كثيرًا شبح الحرب الأهلية داخل إسرائيل.
نتنياهو يبدو أنه سيقع في الحفرة التي جهزها لـ بار في السابق، حيث بدأت وسائل الإعلام بنشر تصريحات رئيس “الشاباك” السابق بشكل كبير، خاصة بعد كشف تلاعب الأول في إفشال صفقة تبادل الأسرى مع “حماس” بشكل متعمد، وعلاقته بقضايا فساد مالي وإداري وأمني، قد لا يغفر لها الجمهور الإسرائيلي، وتعمق من خطورة المشهد.
ووافقت الحكومة الإسرائيلية، الجمعة، بالإجماع على إقالة بار، في أول قرار من نوعه بتاريخ إسرائيل، وفقا لإعلام عبري.
ومن المقرر أن ينهي رونين بار منصبه في 10 أبريل/ نيسان المقبل أو عندما يتم تعيين رئيس دائم للجهاز الأمني – أيهما يأتي أولا – وفقاً لقرار الحكومة.
وسبق وبرر نتنياهو قرار إقالة بار بـ”انعدام الثقة” فيه، وذلك ضمن تداعيات أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حين هاجمت “حماس” 22 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين، ردا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”.
وأعلنت المعارضة الإسرائيلية ومنظمة غير حكومية تقديم استئناف ضد القرار الذي اتخذته حكومة نتنياهو الليلة الماضية بإقالة رئيس “الشاباك”.
ونددت “الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل” في بيان بـ”قرار غير قانوني (…) يشكل خطرا حقيقيا على الأمن القومي”، فيما أعلن حزب “يش عتيد” (يمين وسط) الذي يتزعمه زعيم المعارضة يائير لابيد أنه قدم استئنافا نيابة عن مجموعات معارضة عدة، وأعرب عن إدانته “القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء بسبب تضارب صارخ في المصالح، بناء على اعتبارات خارجية.
وفي أول تصريحات له، ألمح بار إلى وجود دوافع سياسية وراء قرار رئيس الحكومة، وأن سبب ذلك هو رفض بار تلبية مطالب نتنياهو بـ”الولاء الشخصي”.
وكشف بار أن نتنياهو كان يمنعه من لقاء الوزراء خلال العام الماضي، في محاولة منه لحجب المعلومات التي تتعلق بمفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع “حماس” عن الحكومة الإسرائيلية، وإبعاده عن فريق التفاوض.
وقال إن الهدف من ممارسات نتنياهو تجاهه هو “خوض مفاوضات لا تؤدي إلى صفقة” لتبادل الأسرى، على حد وصفه.
ويوم الأحد الماضي، استدعى نتنياهو بار إلى مكتبه وطلب منه الإعلان عن استقالته من تلقاء نفسه، إلا أن الأخير رفض، فقرر نتنياهو إقالته وسط موجة غضب وهجوم من المعارضة.
وقال بار، في رسالة لوزراء حكومة الاحتلال، إن الادعاءات التي استند لها نتنياهو ضده في قرار إقالته مجرد غطاء لدوافع أخرى غريبة ومرفوضة من أساسها، مضيفًا أن قرار إقالته كان يجب أن يبنى على ادعاءات واضحة يستطيع الرد عليها، وخاطب وزراء حكومة الاحتلال بقوله: “أنتم غير مطلعين على معظم التفاصيل بسبب توجيهات رئيس الحكومة”.
ولفت رئيس الشاباك في رسالته إلى أن “إسرائيل تمر بمرحلة صعبة ومعقدة ولا يزال 59 أسيرا في غزة ولم نهزم حماس”.
حركة “حماس” حاولت استغلال تصريحات باز جيدًا ضمن مخططها لفضح مواقف نتنياهو الرافضة لإتمام صفقة تبادل للأسرى، واعتبرت ما جاء على لسان بار يؤكد تلاعب رئيس الوزراء الإسرائيلي المتعمد بملف الأسرى.
وجددت “حماس” في بيان، مطالبتها للمسؤولين الأمريكيين بالكف عن تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقات، وتوجيه الاتهام لنتنياهو، ومسؤوليته المباشرة عن استمرار معاناة الأسرى وعائلاتهم، وقالت في بيان لها، إن تصريحات بار “تكشف تلاعب المجرم نتنياهو المتعمد بملف المفاوضات، وسعيه لإفشال أي اتفاق، ثم تعطيله بعد التوصل إليه، لأهدافه السياسية الخاصة”.
ورأت أن اعترافات بار باعتبارها “من داخل قيادة الاحتلال الإسرائيلي”، تؤكد أن نتنياهو “كان ولا يزال هو العائق الحقيقي أمام أي صفقة تبادل”.
وأضافت: “محاولات نتنياهو إبعاد شخصيات أمنية مؤثرة عن المفاوضات، يعكس أزمته الداخلية وأزمة الثقة المتفاقمة بينه وبين منظومته الأمنية، وتكشف عدم جديته في التوصل إلى اتفاق حقيقي”.
ولفتت “حماس” إلى أن تصريحات رئيس الشاباك تبرز أن نتنياهو “سعى إلى هندسة مفاوضات شكلية تستخدم للمماطلة وكسب الوقت، دون التوصل إلى نتائج ملموسة”.
من جانبه، قال نتنياهو، إن بار، “ضعيف” و”ليس الشخص المناسب لإعادة تأهيل المنظمة”، بحسب مكتبه.
وأكد نتنياهو أمام الحكومة، أن قراره اتخذ في ليلة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وخلال المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى التي أعقبت ذلك، وقال نتنياهو: “لقد كنتُ أُدير المفاوضات الدبلوماسية لسنواتٍ طويلة. كان نهجه متساهلاً، ولم يكن عدوانياً بما يكفي”.
وزعم أنه منذ استبدال بار بمسؤول كبير آخر في الشاباك، “انخفضت التسريبات بشكل كبير، ومن خلال مفاوضات ناجحة للغاية تمكنا من إعادة الرهائن”.
هذا وحذر الرئيس السابق لمحكمة الاحتلال العليا، أهارون باراك، من أن إسرائيل قد تكون على وشك الانزلاق نحو حرب أهلية، في ظل التوترات السياسية الحالية.
وقال باراك وفق ما نشرته وسائل إعلام عبرية إن “المشكلة الكبرى في الجمهور الإسرائيلي تكمن في الجبهة الثامنة، وهو الانقسام العميق بين الإسرائيليين أنفسهم. هذا الانقسام يزداد تعقيدًا، وأخشى أن يؤدي إلى وضع يشبه القطار الذي يخرج عن مساره ويتجه نحو الهاوية، ويجر وراءه حربًا أهلية”.
وأمام هذا المشهد.. هل ما يجري في إسرائيل “مسرحية” هدفها إطالة عمر حرب غزة؟ وهل فعلاً تقترب الحرب الأهلية؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية