بعد نهاية عهد الرئيس “ميشيل عون” لبنان امام جدل دستوري..
غادر الرئيس “ميشيل عون” القصر الجمهوري امس الاحد بعد نهاية ولايته الدستورية، ليدخل لبنان في مرحلة الشغور الرئاسي بالتزامن مع حالة استعصاء في تشكيل الحكومة بديلا عن حكومة تصريف الاعمال التي اعتبرت مستقيلة دستوريا بعد الانتخابات النيابية التي نظمت في مطلع أيار مايو الماضي.
ودخل لبنان في جدل دستوري واسع وتجاذبات دستورية بين القوى السياسية بعد ان اصدر الرئيس ميشيل عون المرسوم الأخير في يومه الأخير في منصبه والمتضمن قبول الرئيس استقالة الحكومة، ورغم ان الحكومة لتصريف الاعمال وبحكم المستقيلة بعد الانتخابات النيابية، الا ان المرسوم وفق رأي بعض خبراء الدستور جاء ليمنع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عقد اجتماع للحكومة لأخذ قرارات من صلاحيات رئيس الجمهورية اذ تنتقل صلاحيات الرئيس دستوريا للحكومة مجتمعة في حال شغور منصب الرئيس ولم يتمكن المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية.
وبالتالي قطع الرئيس السابق ميشيل عون الطريق على انتقال صلاحيات الرئيس لحكومة تصريف الاعمال برئاسة ميقاتي في اطار معركة سياسية، يعتقد فريق الرئيس عون بان ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري عطلوا تشكيل حكومة بعد الانتخابات النيابية انتظارا لمغادرة الرئيس عون القصر الجمهوري.
لكن القوى السياسية المناوئة لتيار عون لها تفسيرها الاخر ونظرتها المختلفة لمرحلة ما بعد عهد الرئيس عون في الرئاسة، وترفض تفسير فريق عون الدستوري بان المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة يقيد دور الحكومة المقبل ويحصر عملها بتصريف الاعمال الحكومية ولا يحق لها عقد اجتماعات حكومية لأخد قرارات نيابة عن موقع رئاسة الجمهورية، رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
اعتبر “ان المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة اصلا بمقتضى احكام الدستور، يفتقر الى اي قيمة دستورية”. وأعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان “الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة، ومن بينها تصريف الاعمال وفق نصوص الدستور والانظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عنها في الدستور، وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته ما لم يكن لمجلس النواب رأي مخالف.
وعلق رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط على مرسوم عون بالقول أنّ “ما صدر مرسوم سياسي وليس دستوريًا والرئيس عون هددنا بفوضى دستورية”، وأضاف في حديث لقناة “الميادين” عون يفسر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي الى مزيد من الارباك ورد ميقاتي كان في محله”.
التباين حول دور حكومة تصريف الاعمال وصلاحياتها يفتح الباب على ازمة قد تتفاقم في الأيام المقبلة اذا ما اخذ التيار الوطني الحر قرار سحب وزرائه من الحكومة، عندها ستتحول حكومة ميقاتي الى حكومة عرجاء فاقدة للميثاقية ومعطوفا عليها الفراغ الرئاسي وعدم التوافق حتى الان على اسم لخلافة عون في قصر بعبدا، ما ينذر بتفاقم الازمة وشلل البلاد في وضع دقيق وحساس لجهة التعامل مع ملف النفط والغاز بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، والازمة الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالبلاد.
مؤشرات على قتامة المشهد المقبل في لبنان ظهرت منذ الساعات الأولى لمغادرة عون كرسي الرئاسة من خلال التراشق الإعلامي والتصعيد في الخطاب السياسي بين حركة امل والتيار الوطني الحر، والجدل الدستوري حول دور حكومة ميقاتي واحتمال انسحاب وزراء التيار منها وهو ما سينعكس حتما على مقاربات وملفات داهمة مثل تشكيل الحكومة والتوافق على رئيس جمهورية ما يعني ان لبنان مقبل على حالة انسداد لها تباعاتها في الشارع وعلى حياة المواطنين في ظل الازمة الخانقة.