بعض المسموح والممنوع في رمضان

كثير من المؤمنين يجهلون كيف يستقبلون شهر رمضان بشكل صحي، ما يؤدي بهم إلى الاصابة بالضعف والوهن. وتتعدد أسباب ذلك، فقد يرجع إلى عدم دراية أغلب الناس بالأسلوب الغذائي الصحيح، وإلى عدم وجود التوعية الصحية الجيدة، وجهل أغلبهم بالنظام الغذائي الواجب اتباعه لتأدية الغرض الصحي من الصيام.

ومعروف أن للصيام فوائد صحية عديدة، فهو يسهم في علاج الكثير من الأمراض، مثل أمراض الجهاز الهضمي، والتهاب المعدة الحاد، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها.

وعن فوائد الصيام الصحية من حيث الغذاء تحدثت الدكتورة نادية الموسوي، وهي اختصاصية تغذية، قائلة: “يساعد الصوم على تخسيس الوزن، حيث تتجاوز الفترة التي نصوم فيها أكثر من عشر ساعات في اليوم الواحد، وفي هذه الفترة يستهلك الجسم السكر والدهون المخزنة في الجسم ليلبي احتياجاته اليومية، ومن جهة أخرى، يجب أن نسيطر على كميات السعرات الحرارية التي نتناولها في الفترة المسائية بعد الإفطار حتى لا تعود الخلايا إلى تخزين الدهون”.

وأوضحت أن الصيام يقي من النوبات القلبية أو الدماغية، ويعدّل مستويات الكوليسترول، ومستويات الدهون الثلاثية، لاسيما أن الثابت علمياً أن العوامل السابقة مرتبطة بالنوبات القلبية والدماغية، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة التزام الصائم عند الإفطار بتناول الدهون غير المشبعة مثل الزيوت النباتية أو زيوت السمك وبكميات متوازنة.

وأشارت الدكتورة نادية إلى أن الصيام أيضاً يقي من الأورام، فالجوع الذي يشعر به الصائم أثناء الصيام يدفع الخلايا الضعيفة والتالفة للاستهلاك في الجسم لتتولد بدلاً منها خلايا جديدة ونشطة للأعضاء المختلفة في الجسم، وبهذا، فإن الصوم يقي من الأكياس الدهنية أو الحصوة وأنواع عدة من الأورام ويعيد الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة، إضافة إلى الوقاية من النقرس. فقلة الطعام وخصوصاً قلة تناول اللحوم الحمراء هو علاج لهذا المرض، لأن النقرس ينتج عن كثرة تناول اللحوم الحمراء ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات حمض اليوريك في الدم والذي يسبب غالباً ألماً واحمراراً وانتفاخاً في الإصبع الكبيرة للقدم.

الأساسيات الغذائية

وعن الأساسيات الغذائية التي يجب توفرها في المائدة الرمضانية، قالت الدكتورة وفاء حلمي عايش مديرة إدارة التغذية العلاجية في هيئة الصحة بدبي: “ينصح ببدء الإفطار بتناول البلح والشوربة، لتهيئة المعدة لعملية الامتصاص ولتجنب عمليات عسر الهضم، وبعد نصف ساعة من تناول البلح والشوربة يمكن تناول الوجبة الرئيسة للإفطار. ويعتبر التمر أفضل ما يبدأ به الإفطار، لأن التمر به سكريات سهلة الامتصاص وسريعة الوصول إلى الدورة الدموية وهذا ما يحتاج إليه الجسم بعد ساعات طويلة من الامتناع عن الطعام، حيث تنشط إفراز الإنزيمات الهاضمة لتستقبل الطعام الذي سيتناوله الصائم، إضافة إلى شرب الماء بكمية قليلة على ألا يكون بارداً حتى لا يتسبب في انقباض الشعيرات الدموية بالمعدة”.

وأضافت: “بعدها يتناول الصائم طبق السلطة لإمداد الجسم بالفيتامينات والمعادن والألياف التي تساعده على الإحساس بالشبع، وتنشط عملية الهضم، وتقي من الإمساك، ثم يتناول الخضار المطبوخة (شوربة الخضار) التي فيها أنواع مهمة من البروتينات، مع الإشارة إلى أهمية إحكام إقفال غطاء الحلة عند طهيها للمحافظة على هذه البروتينات”.

وأشارت الدكتورة وفاء إلى ضرورة تناول الطبق الرئيس الذي يحتوي على اللحوم، الأسماك، الدواجن أو بدائلها مثل البقوليات كالعدس والفول والفاصوليا البيضاء أو اللوبيا، والنشويات كالأرز والخبز والمعكرونة والبطاطس، والفاكهة والخضار.

الفوائد الصحية للسحور

وعن أهمية تناول السحور أوضحت د. وفاء أنها تتمثل في أنه يفيد في منع حدوث الإعياء والصداع أثناء نهار رمضان، ويخفف من الشعور بالعطش الشديد، وقالت أنه يفضل تأخير السحور قدر الإمكان، ومراعاة اختيار الأغذية التي لها تأثير إشباعي طويل، لأنها تستغرق زمناً طويلاً في الهضم فتؤجل الشعور بالجوع، ويجب تجنب تناول الأطعمة المالحة مثل المخللات أو الزيتون المالح والجبنة المالحة وتجنب التوابل والبهارات واستعمال الأغذية المحفوظة، أو الوجبات السريعة التحضير.

محاذير صحية للصائم

وأكدت الدكتورة وفاء أن هناك محاذير صحية من الناحية الغذائية التي يجب على الصائم تجنبها في رمضان وهي:

عدم الأكل حتى الشعور بالشبع التام في وجبتي الإفطار والسحور لتجنب الإصابة بالتخمة، ولترك مجال لتناول وجبات خفيفة أخرى بين الوجبتين.

تجنب الإكثار من ملح الطعام على المائدة، وأيضاً المخللات والأطعمة المملحة والتوابل والبهارات، لأنها إضافة إلى أضرارها الصحية فإنها تزيد الإحساس بالعطش.

الإقلال من تناول الأطعمة الدهنية والدسمة لاحتوائها على كميات عالية من الطاقة والسعرات الحرارية، مثال على ذلك المقالي والطبخات الدسمة المضاف لها الزبدة والسمن.

عدم الإفراط في تناول الطعام.

عدم السرعة في التهام الطعام.

عدم شرب كمية كبيرة من الماء البارد في وجبة الإفطار.

عدم إهمال الحليب ومنتجاته.

عدم إهمال مجموعة الفواكة.

عدم إهمال السلطة.

تجنب الوجبات السريعة كالهمبرغر أو سندويشات الشاورما أو البروست فهي غنيه بالدهون والملح وتزيد من العطش في اليوم التالي، وكذلك الأغذية الدسمة.

عدم الإكثار من الملح والسكر والتوابل، ومن الأفضل ألا يحتوي السحور على كمية كبيرة من السكر، لأن السكر يبعث على الجوع مثل الحلويات كالكنافة وغيرها.

فوائد المشروبات الرمضانية

وتحدثت الدكتورة وفاء عن المشروبات التي يجب توافرها في المائدة الرمضانية، قائلة: “المشروبات آخر ما تجلب إلى مائدة الإفطار لتحافظ على برودتها وأول ما توضع يد الصائم عليها، لا بل وأكثر ما يروي ظمأه، ومع أن المشروبات الرمضانية مع حبيبات الثلج وتلك المكسرات العائمة على سطحها، تظهر مع هلال الشهر الفضيل وتغيب بحلول العيد، غير أنها تبقى ملكة العصائر على الدوام”.

وأشارت الدكتورة وفاء إلى بعض المشروبات التي تحضر من الفواكه مثل شراب الجلاب المصنوع من دبس التمر ومرتبط بشكل وثيق بموائد الإفطار، وهو لا يعمل على إخماد العطش وحسب، وإنما يطفئ حرارة المعدة ويسكن حدة الحمى، ومع ذلك يجب تجنبه من قبل مرضى السكري والضغط المرتفع، إضافة إلى مشروب قمر الدين وهو يكاد يكون سيد المشروبات الرمضانية في الدول العربية، حيث يصنع من المشمش الطبيعي المجفف، ومنه يتم تحضير العصير، بعد غليه على النار مع السكر وماء الزهر، ومن ثم تبريده وإضافة المكسرات المنقوعة والمقشرة إليه، حيث يحتوي على فيتامينات أ وب وج، وبعض المواد الدهنية والنشوية والمعدنية ومنها الفوسفور والمغنيسيوم والكالسيوم والحديد، كما يساعد على تقوية الأعصاب وفتح الشهية وإزالة الأرق وزيادة مناعة الجسم، وهو مفيد في محاربة البكتيريا، لكن لا ينصح بالإكثار منه لمن يعانون مشكلات الحصى في الكلى”.

وبالانتقال إلى مشروب عرق سوس، قالت: “هو مشروب له خصوصية، مواده الطبيعية يتم استقاؤها من نباتات معمرة. وإلى جانب طعمه الحاد والمنعش في آن، يستعمل العرق سوس في علاج حالات البرد والزكام وأمراض الكبد والأمعاء، وكذلك في حالات السعال وإذابة البلغم، كما أن عصارته تنفع في الجروح، وتليين الرئة وتنقيتها، إضافة إلى أهميته في مساعدة مرضى الروماتيزم، لكن لا ينصح بشربه لمن يعانون ارتفاع ضغط الدم ومشكلات في الكلى أو القلب”.

وأضافت د. وفاء: “أما التمر هندي فهو مضاد حيوي يطرد الكسل، وكان قديماً يستعمل منقوعه كدواء للعلاج من أمراض المعدة لما يحتويه من فيتامينات، وفيه مادة لها خاصية في حرق الدهون، غير أنه لا ينصح بتناوله لمن يعاني قرحة بالمعدة، والمهم في تحضير هذا الشراب المعتق، أن يتم فركه جيداً باليد بعد نقعه لساعات في الماء، وبعد تحليته، وتناوله بارداً يعمل على انتعاش الجسم وتليين الأمعاء بعد يوم صيام طويل”.

الطبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى