بهدوء | الحرب مستمرة؛ خطة الأعداء
في مواجهة صعود روسيا وحلف المقاومة، وتحوّل القوى الامبريالية والرجعية والإرهابية، إلى الموقف الدفاعي، يتجه أعداؤنا هؤلاء إلى صوغ خطة مضادة، نحاول، تاليا، بلورة خيوطها:
ـــ الاتفاق بين الغرب وإيران حول الملف النووي، يتعثر. ما يريده الأميركيون ـــ حسب مرشد الثورة، علي الخامنئي ـــ هو الحصول على ذلك الاتفاق، بأفضل الشروط، من دون رفع كامل للعقوبات عن الجمهورية الإسلامية. طهران، كما هو معروف ومعلَن، لن تقبل بصفقة «الإذعان» هذه.
ـــ ملك السعودية الجديد، سلمان بن عبدالعزيز، يتحرك لإنهاء التناقض الذي حكم سياسات المملكة، في الفترة السابقة، وأضعف دورها. يتمثل ذلك التناقض في اتباع سياسة المواجهة المزدوجة: مع الخصوم داخل الحلف الرجعي (قطر وتركيا والإخوان المسلمين)، وفي الوقت نفسه، مع حلف المقاومة.
الرياض، الآن، في طريقها إلى مصالحة جوهرية مع الدوحة وأنقرة والتنظيم الإخواني الدولي، نحو إنشاء جبهة موحدة للصراع مع حلف المقاومة، على أساس مذهبي صريح.
ـــ تتجه الولايات المتحدة إلى التوقيع على اتفاقية تدريب ما يسمى «المعارضة السورية المعتدلة»؛ ويأتي ذلك في سياق تفاهم أميركي ـــ سعودي على منح الأتراك الدور القيادي في إعادة تأهيل وتوحيد الجماعات التكفيرية الإرهابية في سوريا، في قوة موحدة. بالنسبة لـ «داعش»، التي ترعاها الاستخبارات التركية، ستتعاظم داخلها الانشقاقات، ويُعاد تنظيم معظم عناصرها في « المعارضة المعتدلة»، بينما يتم ضرب غير المتعاونين؛ داعش والنصرة معا، إلى زوال لصالح «المقاتلين من أجل الحرية» بالاصطلاح الأميركي، و»المدافعين عن السنّة»، بالاصطلاح السعودي ـــ التركي.
ـــ تركيا الأردوغانية العثمانية هي المؤهلة لقيادة «الحلف السني»، لأنها الوحيدة، في هذا الحلف، التي تملك دولة قوية ومؤسسات منظمة وجيشا. الأنظمة الخليجية لديها المال والسلاح، ولكن ليس لديها مؤسسات أمنية وجيوش بالمعنى الحديث للكلمة. في المقابل، لن يكون هناك دور قيادي للنظام الأردني الذي سيواصل القيام بمهمات أمنية وسياسية في جنوبي سوريا تحديداً.
ـــ وعلى هذه الخلفية، سيتم تجديد تدفق الإرهابيين إلى سوريا، من تركيا والأردن ـــ وهو ما تصاعد مؤخرا ـــ تحت مسمى «الاعتدال»، وتجديد كل محاور القتال، وتجاوز القرارات الأممية لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، من خلال إعادة توجيه الدعم إلى إرهابيين مستَوعَبين في تنظيمات «معتدلة»، تحظى بالدعم الأميركي الصريح.
ـــ في ما يتصل بالعراق، يتوالى ارسال الجنود الأميركيين إلى الغرب العراقي، ويتزايد عديدهم ودورهم، بينما يجري تسليح العشائر الموالية بصورة كثيفة. شهر العسل القصير مع حكومة العبادي، انتهى تقريباً. فإذا كان عنوان الحرب، ومحورها، مذهبياً، فإن موقع بغداد فيها محسوم بالطبع، والحرب على بقايا «داعش»، بعد تفكيكها، مآلها انفصال المحافظات العراقية «السنية»، واشعال الحرب الأهلية المذهبية في البلد.
ـ وبالنسبة لمصر، التي لا يمكنها لأسباب داخلية وتاريخية، أن تكون في حلف مذهبي عدواني، والتي تتجه، جراء تفاقم صراعها مع الإخوان المسلمين، نحو نظام سياسي عسكري ـــ علماني، مضاد للإسلام السياسي الحركي في كل صوره الاخوانية والسلفية الجهادية والتكفيرية الإرهابية، داخل مصر، وفي سيناء وليبيا. هذه النزعة المعادية للطائفية والمذهبية، لدى نظام السيسي، وانفتاحه على سوريا، وتقرّبه من روسيا، وسعيه لمقاربة إقليمية مستقلة نسبيا؛ كل ذلك سيضع الخليج، بما في ذلك السعودية، في مواجهة القاهرة؛ وأول الغيث بيان مجلس التعاون الخليجي ـــ الصادر بالإجماع ـــ انتصارا لقطر وحلفائها الإرهابيين في ليبيا واحتجاجا، في العمق، على المقاربة المصرية في الشأن الليبي.
ـــ في هذا السياق، بدأت حركة حماس بالتراجع عن طريق المصالحة مع إيران وحزب الله؛ فالمصالحة السعودية ـــ التركية، والتباعد الخليجي ـــ المصري، يفتحان أمامها فرصة جديدة للعودة إلى الأحضان الرجعية ـــ المذهبية التي تلائم تركيبتها وعقليتها وصلاتها بالإخوان المسلمين.
ـــ في اليمن، حيث لا توجد امكانية للتدخل العسكري، يخطط الحلف الأسود لدعم «القاعدة»، وربما إعادة تأهيلها تحت مسميات معتدلة، ونقل الإرهابيين إليها بالطائرات لمواجهة الحوثيين، وإحياء قوة الإخوان المسلمين، ودفع الجنوب ـــ السني ـــ نحو الانفصال.
ـــ وإذا كان صحيحا أن قوى 14 آذار في لبنان، لا هي في العير ولا في النفير، فإن تيار المستقبل الذي دان، فجأة، التكفيريين الإرهابيين، سيتكفل بإعادة تأهيل قسم منهم، كمقاتلين «معتدلين».
الصراع مستمر؛ الحرب مستمرة؛ وسيكون على حلف المقاومة، تجديد خططه أيضا، من خلال تكوين جبهة موحدة مع القوى التقدمية والعلمانية، وتعزيز صلاته مع روسيا والصين، ووضع الصراع على سكّته الصحيحة، كصراع وطني تحرري، لا مذهبي ولا طائفي. وللحديث صلة.
صحيفة الأخبار اللبنانية