بوتين ترامب
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حضر قمة هلسنكي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، وهو واثق الخطوة، مزهوا بآخر نجاحاته التي منها إبهار العالم بتفوق بلاده في تنظيم المونديال على أحسن وجه.
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً اعتبرت فيه أنه بمجرد جلوس الرئيس الروسي بوتين مع نظيره الأميركي ترامب بقمة هلسنكي، يكون الرئيس الروسي قد حقق كل ما كان يأمل به تقريباً
وأضاف التقرير إن كل ما يحتاجه بوتين لتحقيق النجاح بهذه القمة هو مجرد أن تنعقد من دون أي “توتر كبير”، موضحاً أن ذلك سيعني “نهاية رمزية” للمساعي الغربية الهادفة إلى عزل روسيا بسبب ملف أوكرانيا والمزاعم حول تدخلها بالانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة وغيرها من الأمور.
كما أشار التقرير إلى أن توقيت القمة يصب لصالح بوتين الذي شارك في القمة بعد اختتام بطولة كأس العالم التي نظمتها روسيا، لافتاً في المقابل إلى أن ترامب من جهته أمضى الأسبوع الفائت وهو يوجه الانتقادات الى الحلفاء الأطلسيين والى رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، خلال الزيارة التي قام بها إلى بريطانيا.
وقال التقرير إن القمة تعطي بوتين فرصة من أجل إعادة “النظام الطبيعي للشؤون العالمية”، وهذا “النظام الطبيعي” يعتبر أن التحالفات التقليدية ليست أمراً مسلماً به وأن الدول الكبرى تعمل وفق مصالحها قبل أي شيء آخر.
أما الرئيس ترامب فجاء إلى هلسنكي مثقلاً بالمشاكل الداخلية منها والخارجية، الداخلية وعلى رأسها التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية لصالحه والفضائح الأخلاقية التي تلاحقه بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية كالإضرابات وغيرها. أما على صعيد السياسة الخارجية فالأمور تبدو أكثر تعقيداً للرئيس الأميركي وبينها المشاكل التي أوجدها هو بنفسه مع شريكه الأوروبي، بالإضافة إلى الحرب التجارية بينه وبين الصين، ودعمه ومشاركته في العديد من الحروب في منطقة الشرق الأوسط، وخروجه من اتفاقية المناخ، وخلافه مع حلف الناتو.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التقى ترامب متسلحاً بعودة أمجاد روسيا، المؤثرة والكاسرة للهيمنة الأميركية في العالم والقوة العائدة التي لم تقدم أي من التنازلات منذ قمة ميونيخ،2007 مؤكداً استحالة انسحاب موسكو من لعب دوره في القضايا الدولية واقتراحات الحلول التي تراها مناسبة لها، بالإضافة إلى رصيده القوي عالمياً من خلال الانتصارات التي يقول بأنه حققها وحلفاؤه ضد الإرهاب وهو الخطر الذي يهدد جميع بلدان العالم.
بوتين صنع صورته وفق معايير الشعب الروسي التوّاق إلى زعيم يُعيد أمجادا بدّدها سقوط الاتحاد السوفيتي. بالمقابل كان الغرب يعمل على تكريس صورة أخرى لقيصر روسيا الجديد، تغلب عليها الشيطنة والشرّ والاستبدادية. أما ترامب فيسوق لصورة تكاد لم تشهدها الإدارة الأميركية من قبل.. صورة الرئيس الاستفزازي في تعامله مع كل من حوله، وضربه عرض الحائط بكل القرارات والمواثيق الدولية حتى صار مثالا للعنجهية والتغطرس.
دليل آخر على نجاح سياسة بوتين هو أنه الانشقاق تلو الانشقاق في السياسة الأميركية وهو جالس في مكتبه في الكرملين أو يُلاعب الدببة ويغوص مع الدلافين، فلقد نشر موقع “ذا ديلي بيست” تقريراً أشار فيه الى أن أحد المسؤولين الأميركيين المعروفين بالعداء تجاه روسيا وبتقديم الدعم لحلف “الناتو” وهو المدعو “ريتشارد هوكر” قد ترك منصبه بمجلس الأمن القومي قبيل قمة الناتو الأخيرة وكذلك قبيل قمة هلسنكي بين ترامب وبوتين يوم أمس الاثنين.
وأوضح التقرير أن “هوكر” عمل طوال خمسة عشر شهراً مديراً لملف روسيا وأوروبا وحلف الناتو بمجلس الأمن القومي الأميركي، مضيفاً إنه وبينما كان يستعد مستشار الأمن القومي جون بولتون للسفر الى موسكو للقاء بوتين بالسابع والعشرين من حزيران/ يوينو الماضي كان “هوكر” بصدد ترك منصبه.
وتابع التقرير أن هوكر وهو من المؤيدين بقوة للتواجد العسكري الأميركي في أوروبا ولحلف الناتو، ومن المشككين بنوايا روسيا في القارة الأوروبية.
ويذكر التاريخ المعاصر أنه، وعند تسلّم بوتين الحُكم، بدأت روسيا تشهد تحوّلات تدريجية. شعور الانكسار والضعف الذي استوطن المواطن الروسي في عهد بوريس يلتسين بدأ ينحسر مع خَلَفه بوتين. منذ تسلّمه الحُكم، اضطلع بوتين بمهمة إعادة روسيا إلى موقعها ومجدها بعد سنوات من الضعف عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. في تلك الفترة عمّت الفوضى البلاد وعانى الروس اقتصادياً بعد التحوّل المُفاجئ من أكبر اقتصاد اشتراكي في العالم إلى اقتصاد السوق، الأمر الذي انعكس انخفاضاً في الدخل والمستوى المعيشي.