بيروسترويكا
ثقافة الحوار اخترعتها أمية المدفع !
__________________________
كأنه مؤتمر، وليس منتدى…لقاء السوريين في موسكو.
لم نعرف من البطل ومن الكومبارس…فالسري أكثر من العلني، والخلاف مناصفة مع الاتفاق.
المعتدلون…الحاضرون بدوا في الطقس الروسي كأنما محشورون في منتجع للتزلج في الجبل: إلفة مغشوشة لتقاطع التحيات، كأنهم غرباء من الشرق الدافىء، لا تكفيهم الأيام الأربعة للتعاطي البارد مع قضية ملتهبة.
وفي الحقيقة، لا يعرف السوري العادي، بعد المنتدى، أكثر مما كان يعرف قبل المنتدى. وأيضاً لم يقتنع السوري بما يراه، لأنه، على الأغلب، يتساءل
“من هؤلاء”؟
لقد تعود السوريون على حسن عبد العظيم ورجفة يده. وعلى هيثم مناع وابتسامة العريس، وعلى هيثم المالح الذي يحاكم الجحيم بقوانين الشريعة، وربما سمير عيطة، وصالح مسلم، وفاتح جاموس…ولكن السوريين، بعد أن ذاقوا ما ذاقوه من الويلات التي تشبه شعباً من عشرة ملايين محشور في ممر جبلي وتنهال عليه الصخور من الممر الاجباري لنجاة تبدو مستحيلة. السوريون يستغربون أن يأتي الحل السحري من اجتماع معارضة لا تملك أكثر من نفوذ معنوي للغة السلام، والتنازل عن “قلعة السلطة”و من أجل إغلاق ممر الآلام الإجباري… فيما أولئك المدججون بالسلاح لا يأبهون لا للمعارضة ولا للسلطة، ما دام بوسعهم السيطرة على الأرض، وإدارة الكارثة السورية بالمال والعقوبات المتشددة لخلق بيئة انضباط الفقر واليأس.
لا أظن أن أحداً يثق (لمجرد التفاؤل والإيجابية الجديدة في النظر إلى سلطة دمشق) بأن الحل سهل، وأنه موجود في أوراق المشاريع، وتلافيف الأدمغة، واقتراحات المتفرجين. ولا أعتقد أن موسكو هي، وحدها، من سيعطيه العالم تفويضاً بإدارة الاستقبال تمهيداً لإدارة الأعمال. كما أنه من الصعب حل الأزمة السورية وقد صارت حرباً…في غياب الأطراف الفاعلة، ومندوبيها أصحاب الحصص من كعكة النصر على سورية/ أو في سورية. النصر الذي تراوح بين الإفتراضي والواقعي، وفي الحالتين هو نصر يشبه كل الهزائم.
الموجودون لا يخترعون خرائط طريق للحل، لأن طريق الخرائط وكيفية رسمها معروف وفي متناول اليد.
إن منتدى موسكو، من ناحية تأملية، يجب أن يذكر الجميع بأن تغيير الاتحاد السوفييتي لم يحدث زلزالاً في الشارع الذي اجتمع فيه السوريون، ولا انهدم حجر في الكرملين، ولا تعرض صاروخ غراد مهمل في المزبلة الصناعية للسرقة لإعادة تصنيعه لحرب أهلية.
أسوأ من كل التوقعات…هذا الذي جرى في محاولة لتغيير النظام، (إسقاطه أو تطويره) خربت سورية. وما تبقى من حيطانها فهو…للبكاء.
رأيي المتواضع هو ان يحاول الجميع رسم خارطة طريق واضحة. مقنعة، ومقتنعة، ومضمونة، وممكنة التنفيذ، ولا ثغرة فيها للدخول إلى شيفرتها وتخريبها.
ليقتنع هذا النظام بأنه لا يستطيع أن يبقى هو هو. ولا بنسبة 5% فساد واستبداد (علّة العلل). وبأنه غير ذاهب ـ خلال سنوات ـ إلى النصر بمعناه العسكري، والسياسي. وبأن سفينة نجاة ما تبقى منه… هي سفينة المعارضة (وهذا من طرائف هذا النوع من الخصومات البشرية).
ولتقتنع هذه المعارضة…بأنها لم تستطع إنجاز مهمتها لا الصغرى ولا الكبرى.ولتعد إلى صفوف الحلم بمراكمة تغييرات موجودة فرصتها الآن لإقامة نظام قابل للحياة والاستمرار والتطور والرسوخ.وبلا هذه التسميات المدعيه ….اقامة نظام ديوقراطي .
وليقتنع معارضو الحضور إلى موسكو… بأن موسكو هي أحد عاصمتين (طهران الثانية) تستطيع مساعدة النظام على ارتداء بيروسترويكا مفصّله على القد السوري تؤدي إلى التغيير، دون تدمير، وإلى فتح المستقبل دون تحطيم اقفال خزائن الماضي.
على السلطة أن تكف عن أنواع بائدة من التفكير…”إن السلطة هي تجارة القمة”، وأن تقتنع ان هناك من ليس متآمراً في سورية، المليئة مواهب وكفاءات .
و…دائما هناك حلول منزهة عن أغراض المزارع الخاصة ودناءات اصحابها .