بينيت يضع “فيتو” على لقاء عباس.. لماذا نعتقد انه احسن صنعا ولا قيمة للاثنين؟
من يستمع الى تهديدات نفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الأيام، خاصة تلك التي يؤكد فيها انه لن يلتقي الرئيس محمود عباس، وسيشن غارات انتقامية ضد أي صاروخ او بالون حارق ينطلق من قطاع غزة المحاصر، يعتقد ان هذا الرجل المهزوم والمهان يتربع على عرش دولة عظمى، وجيوش جرارة، ويحقق الانتصار تلو الانتصار بينما الواقع على الأرض مختلف كليا.
لا بينيت، ولا “الرئيس” عباس، أصحاب كلمة ونفوذ على الأرض هذه الأيام، وباتا خارج معادلات القرار والمواجهة، ويلعبان في الوقت الضائع وعلى ملعب لا يملكان السيطرة على احداثه، وكلاهما في حالة من الضعف والهزال والتهميش غير مسبوقة، ويتعكز احدهما على الآخر لتجنب السقوط والانهيار.
نشرح اكثر ونبدأ بـ”الرئيس” عباس ونقول انه بات خارج الصورة كليا، بعد ان تجاوزته الاحداث والتطورات على الساحة الفلسطينية، فاذا اخذنا اهم حدثين، وهما مسألة نفق التحرير الكبير وهروب ستة اسرى من سجن جلبوع بطريقة إبداعية غير مسبوقة، واطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة من قطاع غزة، واي مفاوضات لاحقة لتبادل الاسرى نجد انه خارج الصورة ولا علاق له بها، لا من قريب او بعيد، وان فصائل المقاومة وصواريخها “العبثية” هي صاحبة القرار الحاسم.
اما اذا انتقلنا الى بينيت، فنجد لزاما علينا التذكير ان مستقبله وحكومته معلق بصوت نائب عربي اخواني واحد فقط، عضو في البرلمان عن القائمة العربية الموحدة التي تمثل فرع الاخوان المسلمين في جنوب فلسطين المحتلة، ولم يستطع هو، أي بينيت، وحاميته الكبرى أمريكا، منع ناقلة نفط إيرانية من وصول حمولتها من المازوت الى لبنان عبر ميناء بانياس السوري، وترتعد خوفا وهلعا، وتعلن حالة الطوارئ لتسلل شخص واحد للحدود الشمالية، ورضخت حكومته لمطالب الاسرى الفلسطينيين، واستجدتهم لوقف اضرابهم عن الطعام الذي كان مقررا بشكل جماعي يوم الجمعة، مثلما رضخ لمطالب فصائل المقاومة واسقط شرطه بالربط بين عملية إعادة الاعمار في قطاع غزة، ومفاوضات الافراج عن الاسرى الإسرائيليين لدى “حماس”، فهل هناك ضعف وخنوع اكثر من هذا؟
ومن هذا المطلق نتفق معه في انه لا يوجد أي منطق في لقائه بالرئيس عباس، ليس لان الأخير ذهب الى محكمة الجنايات الدولية لمطاردة مجرمي الحرب الإسرائيليين (ربما ندم على هذه الخطوة)، وانما لأنه لا جدوى من هذا اللقاء، فالأول، أي عباس، يتفاوض منذ 28 عاما، ولم يمنع بناء وحدة سكنية استيطانية واحدة، وبات يموّل الاحتلال بالاقتراض منه، اما الثاني فيرفض اللقاء ليس شجاعة منه، وانما خوفا من السقوط بسبب تحالفه الحكومي الهش، واحزابه العنصرية اليمينية المتطرفة الرافضة للمفاوضات والدولة الفلسطينية “الوهمية”.
ثلاث هزائم كبرى لحقت بدولته العنصرية في الأشهر الأربعة الماضية: الأولى في حرب “سيف القدس” التي عزلتها عن العالم ودمرت سمعتها كقوة عسكرية، وفضحت جيشها وقببها الحديدية، والثانية عندما قتل مجاهد فلسطيني من أبناء القطاع الصامد قناصا إسرائيليا من فتحة ضيقة في الجدار العازل، والثالثة عملية الهروب الكبير الابداعي الذي جسد تفوقا لستة اسرى فلسطينيين في حرب العقول والادمغة.
نتمنى ان يتأمل بينيت انعكاسات هذه الهزائم الثلاث على دولته المحاصرة بالصواريخ ونظرات الغضب والشماتة من الصامدين تحت الاحتلال الظالم، العنصري، والمستقبل المظلم الذي ينتظر جميع مستوطنيه، لعله يتوقف عن نفش ريشه، واطلاق التهديدات الفارغة من أي معنى او مضمون.
المقاومة هي صاحبة الكلمة الأخيرة، وليس بينيت او عباس، وهي التي غيرت كل قواعد الاشتباك وجعلت الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم يطلق صواريخ طائراته على الرمال والمناطق الزراعية الخالية.. وسبحان مغير الأحوال.. والقادم اعظم.