بين قوسين

بين الأمل والمخاوف: واقع السوريين في ظل التغيرات الجديدة

جولي الياس خوري

تتنوع الأحداث وتتسارع في يوميات السوريين، الذين يعيشون حالة من الترقب، الأمل، وأحيانًا اليأس والإحباط. تتراوح المشاعر بين الفرح بالتحرر من نظام استبدادي قضى على أحلام وآمال السوريين، وبين الحذر والخوف من مستقبل ضبابي لا يبشّر بحياة أفضل. يعيش السوريون يوميًا هذه التناقضات، وسط أحداث تتراكم بسرعة تجعل من الصعب استيعابها أو تحليلها بعمق.

ورغم هذه التعقيدات، يتفق الجميع على عدة نقاط رئيسية:

أولًا، مهما كان الواقع اليوم صعبًا، فهو بالتأكيد أفضل مما سبق. يكفي أن البعض بات يستطيع التعبير بحرية، وانتقاد الواقع، وإبداء آرائه دون التعرض للاعتقال أو الملاحقة.

ثانيًا، الفوضى التي تعيشها البلاد حاليًا نتيجة التغيير المفاجئ تُعدّ مقبولة إلى حدٍّ ما، مقارنةً بما كان متوقعًا من انهيار تام قد يجر البلاد إلى مستنقع من الانتقام والدماء. وهذا لا ينفي وقوع أحداث مؤسفة ومؤلمة تسببت في فقدان أرواح بريئة.

ثالثًا، ورغم الصعوبات، هناك جهود مستمرة لإرساء أسس جديدة للحياة السياسية والمدنية في سوريا. تتجلى هذه الجهود في ورش العمل التنموية والتوعوية، ومحاولات تأسيس مؤسسات مدنية وأحزاب سياسية تعبّر عن تطلعات الشعب السوري، وتسعى للمشاركة الفاعلة في مستقبل البلاد.

لكن التحديات تبقى كبيرة. لا لأننا نحب التشاؤم، بل لأننا نطمح للأفضل. فبقايا النظام القديم وسياساته المدمرة لا تزال تلقي بظلالها على البلاد، وتستمر في عرقلة النهوض الاقتصادي والاجتماعي. لهذا السبب، يركّز النقد اليوم على السلبيات، ليس من باب إلقاء اللوم، وإنما بدافع الرغبة الحقيقية في بناء وطن جديد يحقق للسوريين حياة كريمة وحرة، طالما حلموا بها.

السلبيات الحالية تتراوح بين الفوضى الأمنية، وغياب رؤية واضحة لمستقبل البلاد، إضافة إلى سيطرة لون سياسي واحد على الحكم، ومحاولات بعض المتنفذين إجراء تغييرات قد لا تتناسب مع مستقبل سوريا الذي يطمح إليه السوريون. هذه المخاوف مشروعة لشعب حُرم من الديمقراطية والمشاركة السياسية لعقود طويلة. كما أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية وعدم ظهور بوادر جدية لتحسينها حتى الآن، تزيد من الإحباط.

وفي ظل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني هذه الأيام، سأكتفي بالإشارة إليه دون تعليق حتى صدور بيانه الختامي، كي لا تكون الأحكام متسرعة، خاصة أن المؤتمر يضم شخصيات سورية بارزة يُعوَّل عليها كثيرًا.

نعم، ننتقد وسنظل ننتقد، لا لنُحطِّم، بل لنبني. وسأترك شكوكي وانتقاداتي جانبًا، متمسكًا بالأمل بأن القادم سيكون أجمل، لوطنٍ نريده أجمل.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى