بين الداخل والخارج …..!!!
وبدأ تراشق الاتهامات بين من بقي في الداخل ، ومن أجبرته فظاعات الحرب الى اللجوء الى دور الجوار ، أو الهجرة للخارج بحثا عن الأمان والعمل ، وهربا من أثار الحرب المدمرة نفسيا واجتماعيا واقتصاديا ..
وبين الداخل والخارج ضاع الوطن ، وتغيرت المفاهيم والقيم وتشتت الناس وتفكفكت أواصر الألفة والمحبة والعوائل .. وأصبحت الغربة في القلب يحملها المواطن في الخارج والداخل ..
فلا من بقي في الداخل مرتاح .. فهو يعاني شظف العيش ، وشح الموارد الأساسية للحياة ، وغلاء الأسعار ورخص الانسانية ، وكثرة الذل وندرة الكرامة ، وواجب اللعق والتصفيق … ولا من لجأ للخارج سعيد هانئ .. فهو يعاني الحنين والأشواق .. ويبكي على الذكريات ووطن يحلم انه في يوم ما اليه عائد .. ويبكي بصمت ذُل الغربة وضياع الهوية ، والحاجة للرأفة والشفقة الانسانية …
فالذي بالداخل يحسد من في الخارج ، والذي في الخارج يحسد من في الداخل .. وعقدة الخيانة والتقصير تسيطر على كل من تلظى بشظايا الحرب الهمجية ، وسعيرهاالحارق ..
كثيرون يحلمون بالخروج من البلد والبدء بحياة جديدة ، ولكنهم عاجزون .
والأكثر ينتظرون العودة ، وبالحل السياسي ووقف الحرب والبدء بعملية السلام يحلمون ….
فالحرب قد أكلت احلام وطموح الناس .. والهجرة واللجوء أصبحت حلما سوريا بامتياز هربا من الموت بكل أشكاله ، وطمعا بجنسية تعطي قيمة لحاملها، ومستقبلا أفضل لأطفال دفعوا ثمن همجية وحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ..
ولكن كالعادة ما زال تراشق الاتهامات واعتبار من غادر خائن .. أو من بقي فهو ضعيف خانع ..!!
لتبقى الحقيقة واضحة كوضوح الشمس .. فمن يريد أن يساعد ويبني وطنه .. يستطيع أن يفعل ذلك من أي مكان كائن .. سواء بالعلم والدراسة .. بمشاريع التنمية الفكرية والإنسانية , بتهيئة الكوادر المجتمعية والفكرية والمالية ..أو جمع التبرعات والمساعدة، بالإعلام أو نشر الوعي والقيم الوطنية والإنسانية، وبالسعي لوقف الحرب وبناء السلام بالضغط على الدول المتورطة بالحرب على سوريا ..
فالوطنية لا تقاس بالمسافات .. إنما تقاس بما تقدمه لوقف الحرب وبناء الوطن ، ونشر المحبة والسلام … !!